كان  قرار تقسيم فلسطين(181) وإنشاء إسرائيل خطأ فادحا يتوجب إلغاؤه


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

ترجمة لمقال لطوني جرينشتاين نشره  في 21 مايو 2022  بميدل إيست مونيتور  . يتناول فيه الخطأ التاريخي الذي ارتكبه النظام الدولي بإصدار الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1947، قرار التقسيم رقم181 الذي شرع لإنشاء دولة يهودية في فلسطين على أنقاض الشعب الفلسطيني.

 يبين فيه أن المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين قد سبق الهولوكوست بستة عقود كاملة ، واستخدمها النظام الدولي / الذي شكلته القوى الدولية المنتصرة في حربين كونيتين / كذريعة لإنشاء “الدولة اليهودية”.

أهمية المقال تكمن في :

أولا : كشفه لتواطؤ  الحركة الصهيونية لمنع وعرقلة اندماج اليهود في النسيج الوطني للمجتمعات الأوروبية بعد الثورة الفرنسية، ومعارضة غالبية اليهود،آنذاك،  للمشروع الاستعماري الصهيوني.

ثانيا : تسليطه  الضوء على  حقيقة امتناع الحركة الصهيونية عن إنقاذ يهود أوروبا من المذابح النازية،  والتعتيم على المجازرالنازية ، ثم توظيف عذابات اليهود  وترعيبهم لتسهيل اقتلاعهم من مواطنهم الأوروبية، وتوجيههم إلى فلسطين لتسريع تنفيذالمشروع الصهيوني .

ثالثا : تأكيده على الطبيعة العدوانية الملازمة للكيان الصهيونى.

رابعا: تأكيده على تعذر إمكانية الجمع بين الديموقراطية والدولة اليهودية العنصرية.

خامسا :دعوته لتصويب الخطأ التاريخي بإلغاء قرار تقسيم فلسطين رقم 181، وإنهاء شرعية الدولة اليهودية .

عنوان المقال: يجب إلغاء قرار الأمم المتحدة رقم 181: كان تقسيم فلسطين وإنشاء إسرائيل خطأ فادحا

طوني جرينشتاين  *

 كان مفهوما لماذا أصدرت الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 ، القرار رقم 181 بتقسيم فلسطين وإنشاء دولة يهودية. في أعقاب الهولوكوست ، كان هناك شعور واسع النطاق بأنه يجب أن يكون هناك نوع من  التعويض لليهود ، حتى ولو كان على حساب أولئك الذين لا علاقة لهم بالهولوكوست.

 بعد ما يقرب من ثلاثة أرباع قرن من الزمان ، من الواضح أن هذا كان خطأ مروعا. حتى قبل قيام دولة إسرائيل ، تم طرد حوالي 300 ألف فلسطيني. ومنذ ذلك الحين ، شنت إسرائيل حروبا استباقية ضد كل جيرانها، لكنها -قبل كل شيء – تشن حربا على الفلسطينيين الذين بقوا في إسرائيل، والذين خضعوا لحكمها  في الجزء الذي احتلته عام 1948 ، وأيضا ضد  السكان الفلسطينيين في الجزء من فلسطين الذي فشلت في احتلاله، آنذاك، واحتلته لاحقا في عدوان حزيران (يونيو) 1967،وتحديدا الضفة الغربية وقطاع غزة.

 لقد حان الوقت لأن تدرك الأمم المتحدة أن القرار 181 كان خطأ فادحا، وأن تقوم بإلغائه الآن، ومعه إلغاء شرعية إسرائيل.

 يجب أن يكون الاغتيال الإسرائيلي الذي استهدف صحفية  قناة الجزيرة ، شيرين أبو عاقلة، والهجوم اللاحق للشرطة على جنازتها ورفضها الوقح حتى فتح تحقيق جنائي ، القشة التي قصمت ظهر البعير .

عندما نقرن هذا بالتطهير العرقي الإسرائيلي المستمر للفلسطينيين، وآخره التطهير العرقي في مسافر يطا ، فإن هذا يوجه إلينا سؤالا بسيطا : هل يمكن لإسرائيل- طالما أنها دولة يهودية- أن تعيش بسلام مع الفلسطينيين؟  أم أن أصدقاءها الوحيدين في الشرق الأوسط، مقدر لهم أن يكونوا الطغاة العرب؟

لأكثر من 50 عام  ، منذ خطة روجرز عام 1969 ، مرورا باتفاقيات أوسلو ،إلى خطة جون كيري للسلام ، أوضحت إسرائيل أنها تفضل إسرائيل الكبرى على التسوية السلمية.

حتى داخل حدود العام 1948 ، كانت إسرائيل غير قادرة على منح مساواة حقيقية لمواطنيها الفلسطينيين. وحتى يومنا هذا، تواصل نهب أراضيهم، وتتبع سياسة الاستعمار الداخلي التي تسميها “التهويد”. 

كيف يختلف التهويد عن سياسة الآرية في ألمانيا النازية؟

قام قانون الدولة اليهودية لعام 2018 ببساطة بتوثيق وتدوين الممارسات القائمة ، موضحا ما كان دائما ضمنيا.  وبموجب هذا القانون يعتبر “الاستيطان اليهودي”، أي استعمار المزيد من الأراضي العربية، “قيمة قومية”. أوضح هذا القانون نفسه أن اليهود فقط هم من رعايا دولة إسرائيل. 

كان الفلسطينيون، بمن فيهم المواطنون العرب، ضيوفا يجب التسامح معهم في أحسن الأحوال.

إسرائيل هي رسمياً دولة فصل عنصري ، ووفقا للقانون الدولي ، فإن الفصل العنصري جريمة.  لا بديل أمام الأمم المتحدة سوى إلغاء القرار رقم 181. ومن الواضح أيضا أن الدولة اليهودية والدولة الديمقراطية متناقضتان .

 فقط تخيل أن الحكومة البريطانية لديها سياسة لتخفيض عدد السكان السود في لندن نسبة للبريطانيين البيض.  قد يتم رفض هذا الأمر على أنه عنصري ، لكن هذا هو المعيار في إسرائيل.

كيف يمكننا تفسير حقيقة أن نصف قرى البدو في النقب “غير معترف بها” ، بمعنى أنه لا يوجد بها أي من المرافق الأساسية الموجودة في المستوطنات اليهودية ، مثل المدارس الحكومية أو المياه الجارية أو الكهرباء؟  لم يتم إنشاء مكتب اقتراع في هذه القرى.  بغض النظر عن المدة التي عاشها السكان هناك، يتم التعامل معهم على أنهم واضعي اليد.

 تم هدم  قرية العراقيب  أكثر من 200 مرة.  هُدمت أم الحيران في العام 2018 لإفساح المجال بالكامل لبلدة حيران اليهودية مكانها. 

رفضت الدولة الإسرائيلية التفكير في بلدة يهودية تتعايش جنبا إلى جنب مع قرية عربية.  كما قالت مؤسسة عدالة: “إن هدم إسرائيل لقرية أم الحيران البدوية، والإخلاء القسري للسكان، هو عمل عنصري متطرف يجسد السياسات الاستعمارية  للأراضي الفلسطينية ، بدعم كامل من نظام المحاكم الإسرائيلي بأكمله “.

 كانت إسرائيل منذ ولادتها دولة استعمارية استيطانية غير طبيعية، حيث العنصرية هي القاعدة.  صرح بنيامين نتنياهو: “إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها … إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي – وهو فقط”.  وعندما خاطب عضوالكنيست بتسلئيل سموتريتش أعضاء الكنيست العرب قائلاً لهم : “أنتم هنا بالخطأ – لأن بن غوريون لم يقم بإنهاء العمل وطردكم في العام 1948” ، قال بصوت عال ما يقوله “اليسار” الصهيوني بهدوء  .

إن السؤال عما لو كان بإمكان الفلسطينيين -في دولة يهودية عرقية قومية – أن يعيشوا كأنداد هو سؤال يفضل السياسيون الغربيون تجنبه. وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل ، فإن أبسط الأسئلة ، هي أسئلة صعبة للغاية بالنسبة لهم.  وبدلا من الإجابة يردون بصرخات “معاداة السامية”.

بدأ الاستعمار الصهيوني لفلسطين عام 1882 ، أي قبل حوالي 60 عام من الهولوكوست.  واليوم تتسلح الحركة الصهيونية بالمحرقة ضد منتقديها. وعلى الرغم من ذلك، اعتبرت الحركة الصهيونية الهولوكوست – في ذلك الوقت – بمثابة إلهاء لها عن هدفها الرئيسي – بناء دولة يهودية.

حتى أن الصحافة اليهودية في فلسطين شككت في وجود الهولوكوست، مستشهدة بتقارير في الصحافة النازية لدحض الادعاءات القائلة بأن اليهود كانوا يتعرضون للإبادة : “ربما لم يكن حتى بول جوزيف جوبلز  (السياسي النازي الألماني ووزير الرايخ لـ  للدعاية خلال الفترة  1933- 1945، وأحد أقرب أتباع أدولف هتلر وأكثرهم إخلاصا) في خططه الجامحة قد أثار نوع المعاملة التي قدمتها الصحافة العبرية بالمعلومات عن الهولوكوست “.

في رسالة إلى الرئيس روزفلت ، اعترف زعيم الصهيونية الأمريكية ، ستيفن وايز: “لا جدال في مقتل ما يصل إلى مليوني يهودي مدني. تلقيت برقيات ونصائح سرية منذ بضعة أشهر تخبرنا بهذه الأشياء.  لقد نجحت – مع رؤساء منظمات يهوديةأخرى – في إبعادهم [البرقيات حول القتل الجماعي الممنهج] عن الصحافة “.

 لاحظ يواف جيلبر ، أستاذ التاريخ في جامعة حيفا ، أن “القتال على الجبهة اليهودية من أجل الحل الصهيوني أزاح الصهاينة واليشوف، حتى قبل الحرب، من محاولات الإنقاذ والاستراتيجيات غير المرتبطة بأرض إسرائيل. وهذا واضح منخلال رفض وايزمان حضور مؤتمر إيفيان لعام 1938. “

 وصف نوح لوكاس: “مع اندلاع المحرقة الأوروبية ، رأى بن غوريون أنها فرصة حاسمة للصهيونية …

في ظروف السلام … لم تستطع الصهيونية تحريك جماهير يهود العالم. يجب تسخير القوى التي أطلقها هتلر بكل الرعب لصالح الصهيونية … بحلول نهاية العام 1942 … أصبح النضال من أجل دولة يهودية الشغل الشاغل للحركة الصهيونية”.

 أعطى ألبرت أينشتاين تحذيرا واضحا لما سيحدث إذا تم إنشاء دولة يهودية.  في رسالته المؤرخة في 21 كانون الثاني(يناير) 1946 ، حذر: “أنا أؤيد تطوير فلسطين كوطن يهودي ولكن ليس كدولة منفصلة. يبدو لي أن الأمر يتعلق بالفطرة السليمة حيث لا يمكننا أن نطلب أن يُمنح لنا الحق السياسي يحكم فلسطين، حيث ثلثي السكان ليسوا يهودا “. وفي شهادته أمام لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 1946 ، أكد أينشتاين: “لم أكن أبدا مؤيدا لدولة … لاأستطيع أن أفهم سبب الحاجة إليها. إنها مرتبطة بالعديد من الصعوبات وضيق الأفق. أعتقد أن ذلك سيئا​​”. 

في العام 1946 ، أيضا، وفي خطاب ألقاه أمام لجنة العمل الوطنية من أجل فلسطين ، أعرب أينشتاين عن خوفه من الضررالذي قد تلحقه دولة صهيونية باليهودية: القومية داخل صفوفنا … العودة إلى الأمة بالمعنى السياسي للكلمة ستكون مساوية للابتعاد عن روحانية مجتمعنا الذي ندين به لعبقرية أنبيائنا “.

 لم يكن من الصعب التكهن بالمسار الذي ستسلكه إسرائيل.  كانت فكرة “الترانسفير” موجودة منذ زمن نشأة الصهيونية نفسها. كانت فلسطين – أرض بلا شعب لشعب بلا أرض- فكانت النكبة حتمية.

 يجب على أي دارس للتاريخ الأوروبي أن يعرف أن الدولة اليهودية هي بمثابة ارتداد لأوروبا للعصور الوسطى. بشرت الثورةالفرنسية عام 1789 بالتحرر اليهودي وفصل الدين عن الدولة.  أعلن كليرمونت تونير في الجمعية التأسيسية: “يجب أن نرفض كل شيء لليهود، كأمة ونمنح كل شيء لليهود كأفراد”.  كرهت الصهيونية التحرر اليهودي لأنه سيؤدي إلى الاندماج.  لهذاالسبب رحب الصهاينة بقوانين نورمبرغ لعام 1935.

 في أوروبا في الأربعينيات من القرن الماضي ، أصبحت الدول القومية العرقية المسيحية – رومانيا والمجر وسلوفاكيا وكرواتيا- مسلخا  لليهود . 

كانت كرواتيا الدولة الوحيدة تحت الاحتلال النازي التي أقامت معسكر الإبادة الخاص بها ، ياسينوفاك ، للصرب واليهودوالمسلمين. 

كانت سلوفاكيا الدولة الأولى التي رحلت يهودها إلى معسكر  أوشفيتز.  في دولة تعتمد فيها حقوق الفرد المدنية والسياسية على التمسك بدين معين ، لا بد أن يعاني أولئك الذين ليسوا من هذا الدين.

لقد ولدت إسرائيل بالعنف والإرهاب.  تصورت خطة التقسيم للأمم المتحدة أن القدس ستكون خاضعة لنظام دولي. كان هذا غير مقبول للصهاينة.  عندما زار وسيط الأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت ، الذي أنقذ يهودا من النازيين أكثر مما فعلت الحركة الصهيونية بأكملها  ، تم اغتياله بالقدس في سبتمبر 1948. عضو الكنيست غيولا كوهين من ليحي -المجموعة التي نفذت الاغتيال- أوضحت عندما سُئلت عما إذا كانت ما تزال تؤيد اغتيال برنادوت: “ليس هناك شك في ذلك. ما كانت لتكون لدينا القدس الآن”.

ما يحدث اليوم في إسرائيل هو نتاج دولة يهودية.  العنف الطائفي والنكبة المستمرة جزء لا يتجزأ من الدولة نفسها.  إسرائيل دولة فاشلة ، قيمها الوحيدة هي عبادة العسكرة اليهودية.  حان الوقت لذهابها.

* طوني جرينشتاين: يهودي مناهض للصهيونية وعضو مؤسس في حملة التضامن مع فلسطين، ويهود لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. وهو ناشط منذ زمن طويل مناهض للفاشية ومؤلف كتاب “تاريخ محاربة الفاشية في برايتون والساحل الجنوبي”. كتب السيد جرينشتاين للعديد من المنشورات بما في ذلك Guardian’s Comment is Free، و Brighton Argus،  Brighton and Hove Independent، وTribune، و Labour Briefing ،ًو Weekly Worker. 

وهو مدون معروف ويعمل حاليا على كتاب عن الصهيونية أثناء الهولوكوست.  السيد جرينشتاين هو أيضا نقابي نشط، وعضوفي مجلس التجارة في برايتون وهوف ، UNITE و UNISON.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: ترجمة غانية ملحيس

1 thought on “كان  قرار تقسيم فلسطين(181) وإنشاء إسرائيل خطأ فادحا يتوجب إلغاؤه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *