مركز الأبحاث الفلسطيني: رحلة الذاكرة من اللجوء إلى التدمير


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

في يوم بارد من شتاء العام 1983, كانت مجموعة من النساء والرجال على رأس عملهم اليومي الاعتيادي في المبنى الواقع في زقاق ” كولومباني” المتفرع من شارع السادات في منطقة رأس بيروت؛ ليس بعيداً عن شارع الحمراء الشهير في بيروت, ورغم انهماك الجميع في روتين العمل إلا أن ثمة خوف يلف المكان, فالكل كان يعلم عبر وسائط مختلفة “صديقة وغير صديقة” بالتهديدات التي طالتهم وطالت مديرهم شخصياً (صبري جرس), ورغم شعور الاطمئنان الذي يوحيه منظر رجال الدرك اللبناني الذين يحرسون المبنى إلّا أن أحداً لم يستطع إخفاء هواجسه. ومع اقتراب نهاية الدوام الرسمي بات الجميع متعجلاً لإنهاء العمل والتخلص من حالة القلق بمغادرة المبنى. ولكن, وكما يقال لم ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر, إذ عند الدقيقة الثامنة والخمسين بعد الواحدة دوّى انفجار سيارة محمّلة, حسب التقارير الأمنية اللبنانية بحوالي 30 كغ من مادة الهوكسيجين شديدة الانفجار- ما يعادل 250 كغ من الديناميت- وما هي إلا دقائق حتى تحول المبنى إلى ساحة حرب حقيقية اختلط فيها اللحم البشري بالأوراق والكتب والأبواب وزجاج النوافذ والجدران المتطايرة وحضرت سيارات الإسعاف والمطافئ إلى المكان بعد نحو عشر دقائق من الانفجار, وسرعان ما تبين أن ثمانية من العاملين في المركز قد استشهدوا, كما أصيب ثمانية عشر بجروح خطيرة. وبعد التفجير صدر قرار رسمي لبناني يقضي بإغلاق المركز نهائيا وأصبح العاملين فيه عرضة للملاحقة والاعتقال والتحقيق من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية.

لم يكن انفجار العام 1983 الجريمة الأولى التي تستهدف المركز فقد سبقته عدة اعتداءات بدءً من العام 1969 حين ألقيت قنبلة متفجرة على مدخل المبنى أسفرت عن  حطيم زجاج المدخل دون إصابات بشرية, وفي صيف العام 1972 أُرسلَ مغلف ملغوم إلى المدير العام الأسبق الدكتور أنيس الصايغ فانفجر به عند فتحه مما تسبب بأضرار جسدية بالغة في يديه وعينيه وأذنه, وفي أواخر العام 1974 أُطلقت 4 صواريخ على مبنى المركز من على ظهر سيارة كانت متوقفة في الساحة المحاذية له, فأصيبت المكتبة مما تسبب بتضرر وتلف بعض الكتب (يقدر عددها بالمئات), وفي تموز \ يوليو 1982 انفجرت سيارة ملغومة قرب المبنى أدّت إلى تحطيم أبوابه ومحتوياته وإصابة أحد الحراس بجروح, وبعدها بشهر انفجرت سيارة أخرى لكنها كانت ذات ضرر أخف, وفي الشهر التالي سيطرت القوات الإسرائيلية على المبنى ونهبت محتوياته إثر اجتياحها بيروت الغربية وخروج المقاتلين الفلسطينيين وكوادر م ت ف من لبنان بضمانات دول عظمى من بينها الولايات المتحدة الأمريكية [عززت القيادة الفلسطينية الضمانات اللبنانية بتقديم رشىً بملايين الدولارات لعدد من أصحاب النفوذ.. ويذكر فيصل حوراني أنه حضر شخصياً اتصالاً هاتفياً تلقاه صلاح خلف “أبو إياد” من أمين الجميل الذي كان سيخلف أخيه بشير رئيساً للبنان، حيث كرّر الجميّل -على سمع حوراني- تعهده حماية مركز الأبحاث والمستشفيات والعيادات الطبية الفلسطينية وبقية المؤسسات المدنية وتلقى مقابل ذلك وعداً من أبو إياد بـ “منافع” ستوفرها له القيادة الفلسطينية]. ومن الثابت أن وحدات من الجيش الإسرائيلي قامت على مدى أسبوع كامل, وبمساعدة خبراء توثيق ومكتبات, بنقل محتويات المركز إلى أقبية الجامعة العبرية في القدس, في ذات الوقت عمدت وحدات الاستخبارات الإسرائيلية أثناء وجودها في بيروت إلى ملاحقة المسؤولين عن المركز فاقتحمت عدداً من البيوت التي تفترض تواجدهم فيها, علماً أنه تم إجلاء آخر العاملين في المركز قبل وصول القوات الإسرائيلية بساعتين ولم يبق هناك سوى حراسه المدنيين.

ولكن قصة المركز لا تنتهي هنا, بل لعلها من هنا تبدأ في رحلة مضنية ومحزنة من الضياع و التلف والنسيان.

بعض من الحكاية في العدد الثامن عشر من مجلة الأبجدية الأولى في الرابط أدناه مع كامل الشكر و التقدير لاسرة التحرير:

https://drive.google.com/…/1BjIJ0sKrG…/view…

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: محمود الصباغ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *