المواطنة الفلسطينية: ماضياً وحاضراً ومستقبلاً


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

نبذة مختصرة: 

تتناول هذه المقالة عدة موضوعات تتصل بمسألة المواطنة الفلسطينية، مثل الاعتراف والحماية الدبلوماسية، والحماية الدبلوماسية للاجئين. ومع أن العمل بالمواطنة الفلسطينية، مثلما عُرفّ في المرسوم الملكي البريطاني (1925) في فترة
الانتداب، توقّف، إلا إنها موضوعات ما زالت مطروحة وتبقى موضوع جدل.النص الكامل: 

تنخرط مسألة المواطنة الفلسطينية ضمن النقاش بشأن شرعية النظام السياسي والقانوني الذي ورث الانتداب البريطاني، لكنه أيضاً نقاش بشأن توطيد وبناء الهوية الجماعية للشعب الفلسطيني. وتشير مشكلة المواطنة الفلسطينية إلى خلل جدي في القانون الدولي الحديث هو احتكار مفهوم السيادة الذي يؤكد ممارسة السلطة العامة على يد حكومات، ويتجاهل مصالح الشعوب. ومع أن هذا المفهوم تتوسطه عناصر مختلفة للقانون الدولي: تفسير، ومواطنة، وحل النزاعات، وعملية بناء الدولة، ومعيار للحرب العادلة، وغير ذلك، إلّا إن احتكارها يستند إلى فكرة خطأ هي أن النظام الدولي يرتكز إلى قرارات الحكومات فقط، وليس إلى أخذ العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية وغيرها بعين الاعتبار. وهذا الاستنتاج لا يعني أن الصراع من أجل حقوق الإنسان وحقوق الشعوب يجب أن يُهمل، بل بالعكس، تحدد هذه الحقوق استراتيجيا الصراع التي تكمن في تجاوز “حصر” النظام الدولي في القرارات الحكومية، وتطوير مؤسسات جديدة تأخذ في الحسبان أموراً أُخرى غير السيادة، مثل الانتماء إلى أمّة أو مجموعة وطنية. 

المواطنة الفلسطينية خلال فترة الانتداب وبعدها

كان سكان فلسطين، حتى سنة 1917، رعايا عثمانيين،[1] وفي سنة 1917، احتلت بريطانيا البلد، وفي سنة 1922، منحت عصبة الأمم بريطانيا الانتداب على فلسطين.

نصت اتفاقية لوزان على أن جميع المقيمين في الأقاليم التي خضعت في الماضي للدولة العثمانية، سيُمنحون، بحكم الواقع، مواطنة الدولة التي تم نقل صلاحية إدارة الأقاليم إليها (المادة 30)، مثلما مُنح هؤلاء حق الاختيار بين المواطنة التركية وغيرها (المواد 31 – 34). وألزم نظام الانتداب دولة الانتداب بإصدار قانون يتعلق بالمواطنة (المادة 7).

في سنة 1925، تبنّت المملكة المتحدة نظام المواطنة الذي يمنح جميع “المواطنين العثمانيين” في فلسطين (باستثناء المقيمين في منطقة شرق الأردن) المواطنة الفلسطينية، فضلاً عن بعض الذين يقيمون في الخارج، مثل أبناء أو زوجات مواطنين فلسطينيين. ولم يميز هذا النظام على أساس الدين والعرق.

بين سنتَي 1924 و1948، استخدم سكان فلسطين جواز سفر عُرف باسم “جواز سفر بريطاني – فلسطين”، وتلقوا الحماية الدبلوماسية من المملكة المتحدة. لكن في سنة 1948، انتهى نظام الانتداب وتوقف العمل بالمواطنة الفلسطينية إلّا في قطاع غزة حيث استمر حتى سنة 1967.[2]

بعد الحروب العربية – الإسرائيلية واحتلال فلسطين، حصل جزء من الفلسطينيين على المواطنة الإسرائيلية، ومُنح جزء آخر المواطنة الأردنية، وحصل جزء ثالث على مكانة مقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما حصل الجزء الرابع على مكانة لاجىء. وفي سنة 1952 أصدرت إسرائيل قانون المواطنة، واعتبرت محاكمها أن المواطنة الفلسطينية لم تعد قائمة. وكان على الفلسطينيين الذين يريدون الحصول على المواطنة الإسرائيلية إثبات أنه تم تسجيلهم كمقيمين في سنة 1949، وأنهم من سكان إسرائيل في 14 تموز / يوليو 1952.

لم يستطع كثيرون من الفلسطينيين إثبات إقامتهم لأن الجيش الإسرائيلي كان قد سحب بطاقات هوياتهم منهم، فضلاً عن أن القوات الإسرائيلية غالباً ما رفضت تسجيل الفلسطينيين. وقد تم تعديل قانون الجنسية الإسرائيلي على مرحلتين، الأولى في سنة 1968، والثانية في سنة 1980.[3] ولا يملك المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل إلّا بعض الحقوق في مجال التعليم والضمان الاجتماعي والوصول إلى الأراضي الزراعية والمصادر الطبيعية.[4]

وفي هذا السياق، خالفت القاضية أيالا بروكاتشا قرار الأغلبية في المحكمة العليا، في القضية التي رفعتها مؤسسة عدالة ضد وزير الداخلية، وقالت: “إن قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل يحرم آلاف المواطنين العرب في إسرائيل من ممارسة حقهم في الحياة الأُسرية في إسرائيل؛ إنه ينتهك حقهم في الكرامة الإنسانية.”[5]

في جزء آخر من فلسطين التاريخية، كانت المملكة الأردنية سيطرت في سنة 1948 على الضفة الغربية، وضمتها في سنة 1950. وفي سنة 1949، قررت الحكومة الأردنية أن قانون المواطنة لسنة 1928 قابل للتطبيق على كل مَن يحمل المواطنة الفلسطينية، وبذلك يتمتع هؤلاء بجميع الحقوق التي يتمتع بها الأردنيون، وتقع عليهم الواجبات ذاتها. وأكد قانون المواطنة الجديد لسنة 1954 ذلك، ومنح اللاجئين الفلسطينيين الجنسية الأردنية، لكن في سنة 1988، غيرت الأردن سياستها معلنة فك الارتباط مع الضفة الغربية، وأن المقيمين في الضفة الغربية هم فلسطينيون.

وفي المقابل، سيطرت مصر على قطاع غزة، وحافظت على المواطنة الفلسطينية، ومنحت الفلسطينيين الحماية الدبلوماسية.

واستقبلت دول عربية أُخرى اللاجئين الفلسطينيين من دون أن تمنحهم المواطنة، وأصدرت لهم تأشيرات سفر، وانتهجت تجاههم سياسة وطنية (قُطرية)، استناداً إلى بروتوكول الدار البيضاء (1965) في مسألة الحفاظ على حق العودة والهوية الفلسطينية.[6]

فقد دمجت سورية والعراق اللاجئين الفلسطينيين ضمن مواطنيهما في جميع المجالات، إلّا في حق الترشح والتصويت (قانون رقم 260 لسنة 1956 في سورية)، بينما وضعت مصر ولبنان مجموعة من القيود عليهم. فأخضعت السلطات اللبنانية حق الأجانب في العمل لمتطلبات التبادلية، ومنعت الفلسطينيين، الذين عُدّوا أجانب، من الوصول إلى عدد من المهن (قانون العمل اللبناني لسنة 1962)، وأدخلت نظام الفيزا للاجئين (مرسوم رقم 478 لسنة 1995)، كما أدخلت مصر نظام الفيزا في سنة 1964، ومنعت الأجانب من الحصول على ملكية عقارية في سنة 1976 (ومع ذلك مُنح الفلسطينيون حق الملكية فيما يتعلق بالأراضي الزراعية).

ولا تزال مسألة المواطنة الفلسطينية مطروحة في ضوء التزام الدولة الوريثة أو المسيطرة على الإقليم، منح المواطنة لجميع المقيمين في الإقليم الذي يخضع لسيطرتها، والذين لم يمارسوا حقهم في اختيار جنسيتهم. هذا الالتزام، أكدته المادة 20 من مواد اتفاقية جنسية الأشخاص الطبيعيين في حالة خلافة الدول (1999)، وكذلك القرار 181 من الفصل الثالث من القسم الأول لخطة التقسيم، لسنة 1947، والذي نص على أن المواطنين الفلسطينيين يحصلون على مواطنة الدولة التي يقيمون فيها. غير أن إسرائيل لم تنفذ هذا الالتزام، ولذلك تقع عليها مسؤولية دولية ربما تأخذ شكل الجبر، الأمر الذي يعني عودة الفلسطينيين إلى ديارهم ومنحهم الجنسية الإسرائيلية، لكن ذلك سيكون صعباً للسببين التاليين:

أولاً، قد تدّعي إسرائيل أن الفلسطينيين تنازلوا عن حقهم في المواطنة بشكل طوعي، ومالوا إلى استخدام القوة، وأنهم تركوا بيوتهم في سنة 1948، ثم في سنة 1967،[7] وأن اللاجئين وأبناءهم لا يملكون الرابط الضروري مع الدولة، وأن الفلسطينيين لم يطالبوا لفترة طويلة بالجنسية الإسرائيلية وأصروا على إقامة دولتهم الخاصة،[8] وأن أبناء اللاجئين لا يحق لهم المطالبة بهذا الحق.[9] والجبر “يتضمن تحمّل عبء يفوق أي توقّع مقارنة بالفائدة التي قد يجلبها الجبر بدل التعويض” (المادة 35، الفقرة ب، من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 56/38 شباط / فبراير 2002 – مسؤولية الدولة عن أفعال غير مشروعة دولياً)، ولا يمكن حسم هذه القضية بمعزل عن القضايا الأُخرى في الحل النهائي.

ثانياً، ليس واضحاً مَن يستطيع أن يحرك دعوى في هذه المسألة، فالمؤسسات الفلسطينية لا تملك، وليس مؤكداً أنها تملك إمكان تحريك الدعوى (locus standi)، كما أن الدول العربية لا تملك بشكل أكيد حق الفعل الشعبي (actio popularis). 

المواطنة الفلسطينية في الحاضر

يحدد اتفاق أوسلو 2 الذي وقّعته منظمة التحرير مع إسرائيل، المكانة القانونية للفلسطينيين الذي يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فوفقاً للمادة 28 من الملحق الثالث، تضع السلطة الفلسطينية سجلاً للسكان، وتصدر أوراقاً رسمية مثل بطاقات الهوية (التي تحمل رموزاً وأرقاماً تسلسلية، ويجب تمريرها إلى الطرف الإسرائيلي)، وهي أوراق ضرورية للدخول إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، وللخروج عبر المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل (المعلومات الشخصية للمسافرين يجب أن تمرّ إلى السلطات الإسرائيلية).

يحق للسلطة الفلسطينية منح إقامة دائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (ما عدا القدس) للمستثمرين ولزوجات أو أبناء المقيمين الفلسطينيين بهدف لمّ الشمل، وكذلك تسجيل من وُلد في فلسطين أو في الخارج في سجل السكان، وتسجيل أشخاص تحت سن السادسة عشرة، إذا كان أحد الوالدين مقيماً في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يُسمح للزوار بالإقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لفترة تصل إلى ثلاثة أشهر بناء على تأشيرة من السلطة الفلسطينية، وهذه الفترة يمكن تمديدها حتى أربعة أشهر. ويحق للسلطة أيضاً إصدار أوراق رسمية تتعلق بالإقامة بهدف الدراسة أو العمل لمدة عام قابل للتمديد، وكذلك منح الموظفين إقامة دائمة.

هذه الحقوق كلها تحتاج إلى موافقة مسبقة من السلطات الإسرائيلية التي يمكنها، ولأسباب أمنية، رفض الطلبات المقدمة لها.[10]

ووفقاً للمادة 2 من الملحق الثاني، يحق لجميع المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة التصويت في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي إذا تجاوزت أعمارهم الثامنة عشرة.

لكن هناك تقريبا 300,000 فلسطيني في القدس لا يملكون جوازات سفر فلسطينية، وتعتبرهم السلطات الإسرائيلية مقيمين أجانب، لهم الحق في الإقامة الدائمة وفي بعض الخدمات الاجتماعية والتأمين الوطني، وكذلك بالتصويت في انتخابات محلية، إلخ. وفي جميع الأحوال، فإن الحق في الإقامة قد يُلغى إذا لم يمكث الشخص مدة ثلاثة أعوام في القدس، أو إذا حصل على جنسية أُخرى، أو إذا كانت امرأة وتزوجت من رجل يقيم في الضفة الغربية. ولا يقود فقدان الإقامة في القدس إلى منح الإقامة في الضفة الغربية، غير أن مَن فقد إقامته قانونياً يستطيع الإقامة فعلياً في القدس، لكن من دون إمكان السفر إلى الخارج وما يرتبط بذلك من حقوق.

ولا تعادل المكانة القانونية لمقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة المكانة القانونية للمواطن، سواء أكان في إسرائيل أم في فلسطين، لأن إسرائيل لا تمنح المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة حقوقاً سياسية أو أي حقوق أُخرى، ولا تطالبهم بأي واجبات مدنية، بل تفرض عليهم شروطاً إدارية صعبة، وتستطيع إنهاء إقامتهم في أي وقت تريد. إن موقف إسرائيل من المقيمين وفقاً لهذه الفئة عبّرت عنه المحكمة العليا الإسرائيلية في قرار مبارك عوض ضد يتسحاق شمير في 5 حزيران / يونيو 1988، فقد نصّت الفقرة التاسعة من القرار على ما يلي: 

وُلد المشتكي في القدس في سنة 1943 وأصبح مواطناً أردنياً بعد سنة 1948. وفي سنة 1967 سيطرت إسرائيل على شرق القدس وأصدرت له هوية إسرائيلية. وفي سنة 1970، ذهب للدراسة في الولايات المتحدة (دراسة الدكتوراه)، ومع أنه زار البلد بصورة منتظمة إلّا إنه لم يُقم بشكل مستمر في القدس، وفي سنة 1978، نال الجنسية الأميركية. في سنة 1988، قررت السلطات الإسرائيلية طرده من البلد على أساس أنه فقد مكانته كمقيم دائم، وبسبب انخراطه في جهود معادية للدولة الإسرائيلية.

الادعاء الأساسي للمشتكي هو أنه يملك مكانة خاصة: “شبه مواطنة” أو “إقامة دستورية”، والتي تستبعد العقوبات ضده التي يشير إليها قانون الدخول لسنة 1952. لم تدعم المحكمة هذا الادعاء، وصرّح القاضي أهارون باراك: “مثلما هو معروف، ولأسباب تتعلق بمصالح سكان شرق القدس، فإن المواطنة لم تُمنح لهم من دون موافقتهم، وكل مقيم منهم يستطيع أن يقدم طلباً للمواطنة، إذا رغب في ذلك. وقد تقدم البعض منهم بطلب المواطنة وحصل عليها، في حين أن المشتكي، وكثيرين من أمثاله، لم يقوموا بذلك. وبما أنهم يمتنعون من نيل المواطنة الإسرائيلية، فمن الصعب القبول بادعائهم بشأن (شبه مواطنة،) والتي تحمل حقوقاً فقط من دون واجبات. فضلاً عن ذلك، وتحت شروط معينة، فإن من الممكن سحب المواطنة من الذي تم تجنيسه (القسم 11، الفقرة أ، من قانون الدخول لسنة 1952)، بينما (شبه المواطنة) لا يمكن سحبها. ولهذا، نشأ وضع غير طبيعي، وغير مبرر، وغير منطقي.” 

ولا تُعتبر المؤسسات الفلسطينية دولة ذات سيادة، لعدة أسباب:

أولاً، لا تملك هذه المؤسسات سلطة قانونية إقليمية كاملة ولا استقلالية، بل تخضع للقانون الإسرائيلي في ممارسة صلاحياتها فيما يتعلق بالإقامة، كما تخضع لرقابة السلطات الإسرائيلية. وتستطيع إسرائيل تغيير أو إلغاء النظام القائم في أي وقت تريد (مثلاً، بعد الانتفاضة الثانية أدخلت إسرائيل نظاماً خاصاً في غزة للمّ الشمل).[11]

ثانياً، لا يملك الفلسطينيون حقوقاً سياسية ومدنية كاملة، وليس في إمكانهم تحديد مجال صلاحيات المؤسسات الفلسطينية، ولا الحصول على حماية فاعلة منها، وغير ذلك. لهذا، تملك هذه المؤسسات مكانة مختلطة: فبعض صلاحياتها يقرره القانون الإسرائيلي، وبعضها يُمنح على يد المواطنين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال الانتخابات، وبعضها ينحدر من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.[12]

لقد نوقشت مسألة الدولة الفلسطينية فعلياً بعد إعلان وثيقة الاستقلال في سنة 1988. ويرى فرانسيس بويل، أن فلسطين تلبّي كامل الشروط التي جاءت في اتفاقية مونتيفيديو: فهي تملك الإقليم والسكان والحكومة والقدرة على إقامة علاقات دولية، بينما شكك جيمس كروفورد في ذلك، إذ ركز: أولاً، على الاستقلالية بمعنى وجود مجموعة منظمة في إقليم معين، تمارس بشكل حصري أو جوهري حكماً ذاتياً؛ ثانياً على انعدام ممارسة دولة أُخرى، أو عدم وجود حق لدولة أُخرى في ممارسة حكم ذاتي على الإقليم كله، فكان استنتاجه أن فلسطين غير مستقلة.[13] ونجد هذا الجدل نفسه حتى داخل المحاكم الإسرائيلية،[14] الأمر الذي يُظهر التحكم في المفاهيم القانونية، والذي لا يساعد في حل المسألة.

وعاد الجدل في هذه المسألة من جديد بعدما مُنحت فلسطين مكانة دولة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة (67/19، 2012). ووفقاً لجون كويغلي، فإن جذور الدولة الفلسطينية تعود إلى عصبة الأمم: الأقاليم العربية التي كانت في إطار الدولة العثمانية أصبحت دولاً تحت سيطرة بريطانيا وفرنسا. ومع أن الاستقلال هو علامة الدولة، إلّا إنه ليس شرطاً مطلوباً في وضع احتلال، فالدولة الفلسطينية نالت اعتراف معظم الدول بما في ذلك إسرائيل التي طلبت من منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بها في سنة 1993. وفي المقابل، يرفض القانونيون المقربون من السلطة في إسرائيل الاعتراف بأن فلسطين امتلكت الاستقلال بعدما انتُزعت من الحكم التركي، و/ أو أنها تملكه الآن. ويشدد هؤلاء على أن المطالبة الفلسطينية بالاستقلال تنتهك سيادة إسرائيل ووحدة أراضيها، وأن قرار دولة مراقب ينتهك اتفاق أوسلو، وأنه غير قانوني، كما أن إسرائيل لا ترى أن قرار الجمعية العامة ملزم لها.[15]

إذاً، إن مكانة المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي حالة فريدة: أولاً، وُجدت تلك المكانة جرّاء انتهاك إسرائيل القانون الدولي، وعلى إسرائيل، في هذا السياق، أن تمنح سكان الأراضي الفلسطينية المواطنة الفلسطينية. ثانياً، تتضمن هذه المكانة مجموعة من الحقوق يوفرها قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني وقانون اللاجئين وقانون حق تقرير المصير والقانون الإسرائيلي المحلي.[16] وفي الوقت الذي تضمن إسرائيل الإقامة الدائمة، فإنها لا تعترف ببعض العناصر الدولية لهذه المكانة (حق العودة، والحق في إقامة دولة مستقلة، وحقوق الإنسان عامة، إلخ). ثالثاً، تمارس إسرائيل السلطة القانونية على مواطني الأراضي الفلسطينية المحتلة كدولة احتلال، بينما تمارس المؤسسات الفلسطينية سلطتها على المواطنين الفلسطينيين كسلطة تستند في صلاحياتها إلى إسرائيل، وإلى الفلسطينيين من خلال المشاركة في إجراءات ديمقراطية.[17] رابعاً، هذه المكانة تخضع لرقابة مستمرة من الأسرة الدولية التي تستخدم أدوات “التسمية والتشهير” بشكل أساسي لأن الآليات القضائية الفاعلة غائبة.

لقد مُنحت المكانة القانونية ذاتها للأقلية المسلمة (روهينغيا) في ميانمار، ولغير المواطنين في لاتفيا وإستونيا. فأبناء الروهينغيا يعتبرون أنفسهم أحفاد العرب الذين استوطنوا ميانمار خلال القرنين الثامن والثاني عشر، بينما تعتقد السلطات الميانمارية أنهم أتوا من البنغال خلال الانتداب البريطاني (القرن التاسع عشر والقرن العشرين). ولهذا، يُنكر قانون المواطنة لسنة 1983 مكانتهم بأنهم شعب أصلاني، كما ينكر حقهم في المواطنة (للحصول على المواطنة عليهم أن يثبتوا، هم وعائلاتهم، أنهم عاشوا في ميانمار حتى سنة 1948، الأمر الذي يُعتبر مستحيلاً من عدة نواحٍ). وكأجانب، فإن أبناء الروهينغيا لا يستطيعون العمل في القطاع العام، أو التنقل بحرية في البلد، أو العمل خارج قراهم، أو أن ينجبوا أكثر من ولدين، إلخ.[18] أمّا أقاليم لاتفيا وإستونيا وليتوانيا فخضعت في القرن الثامن عشر لروسيا، لكن في إثر ثورة 1917، نالت هذه الأقاليم الثلاثة استقلالها، ليعود ويحتلها الجيش السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، ويُخضعها مجدداً لموسكو، لكن خلال مرحلة البريسترويكا التي قادها آخر الرؤساء السوفيات، ميخائيل غورباتشوف، استعادت هذه الأقاليم استقلالها في سنة 1990.

يشكل الروس 10% من السكان في ليتوانيا، و34% في لاتفيا، و30% في إستونيا. وقد منحت لاتفيا وإستونيا المواطنين الروس مكانة “غير مواطنين” بما يضمن لهم امتلاك جواز سفر لأجانب، والتمتع بالحماية الدبلوماسية. غير أن هؤلاء لا يستطيعون المشاركة في الانتخابات أو العمل في القطاع العام أو المشاركة في الخصخصة، وغير ذلك، لكنهم يستطيعون الحصول على تجنيس إذا نجحوا في اختبار في اللغة والدستور والتاريخ.[19]

وفي 7 آذار / مارس 2005، أقرّت المحكمة الدستورية في لاتفيا بأنه “بعد إصدار قانون غير – المواطنة ظهرت فئة جديدة لم تكن معروفة حتى تلك الفترة هي فئة (غير – مواطنين لاتفيين) “، وهؤلاء لا يمكن مقارنتهم بأي مكانة قانونية لكيان معترف به تم تعريفه في المواد القانونية الدولية. ولا نستطيع النظر إلى “غير – المواطنين اللاتفيين” كمواطنين، أو كأشخاص من دون جنسية وأجانب، بل كأشخاص مع “مكانة قانونية خاصة”. ومكانة غير – المواطن ليست، ولا يمكن النظر إليها كتنوع في المواطنة اللاتفية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحقوق والمسؤوليات الدولية التي حُددت لغير – المواطنين تشير إلى أن الروابط القانونية بين غير – المواطنين ولاتفيا معترف بها إلى حد ما، وأن حقوقاً وواجبات متبادلة وُلدت على أساس ما ذُكر سابقاً. فوفقاً للفقرتين رقم 51 و17 من المادة 98 من الدستور (Satversme)، فإن كل مَن يحمل جواز سفر لاتفياً يتمتع بالحق في حماية دبلوماسية، وفي العودة بشكل حر إلى لاتفي. 

الحماية الدبلوماسية للفلسطينيين

تمارَس الحماية الدبلوماسية عندما تطلب الدولة (أ) من الدولة (ب) تعويضات على ضرر لحق، بشكل غير قانوني، بأحد مواطنيها الذي يقيم في الدولة (ب). وقد تكون هذه المطالبة مباشرة، أو من خلال التوجه إلى محكمة دولية.[20] ووفقاً للتصور الافتراضي الذي صاغه إيمر دو فاتيل (Emer de Vattel)، فإن أي ضرر لحق بمواطن هو بمثابة ضرر لحق بدولته. وعلى الرغم من البعد الذي يفصل بين الضرر الذي لحق بالمواطن والضرر الذي لحق بالدولة، فإن الضرر الذي لحق بالمواطن يمثل أداة تقييم للضرر الذي لحق بالدولة.

في قرارها المشهور Mavrommatis حكمت المحكمة الدائمة للعدل الدولي التابعة لعصبة الأمم بما يلي: “أن تأخذ الدولة قضية إحدى رعاياها، وأن تخرج بها إلى فعل دبلوماسي أو إلى إجراءات قضائية دولية باسمه، فإنها تؤكد بذلك، في الحقيقة، حقوقها في ضمان احترام قواعد القانون الدولي من خلال تمثيل رعاياها.”[21]

إذاً، ثمة شرط أساسي للحماية هو مكانة الدولة وحقوقها المترتبة على مكانتها، فالحماية تُقدم في الغالب فقط للمواطنين الذين يشكلون وفقاً لأهدافها جزءاً من الدولة. وعلى الرغم من ذلك، فإن المادة 8 من مواد الحماية الدبلوماسية لسنة 2006 تسمح بحماية عديمي الجنسية واللاجئين، وهذه المادة، بحسب لجنة القانون الدولي، تُعتبر “ممارسة في التطور المتدرج للقانون.”

ترتبط مادة الحماية بالقدرة التقديرية للدولة، ولا يحق للفرد أن يطالب بها. وهذه القاعدة التي تستند إلى التصور الافتراضي الذي ذُكر أعلاه، تم تحدّيها في الفترة الأخيرة من طرف الفقه القانوني وبعض المحاكم، كونها متناقضة مع الاتجاه نحو أنسنه القانون الدولي.[22]

في سنة 2006، لم تذهب لجنة القانون الدولي أبعد من توجيه توصية إلى الدول “بأن تولي النظر الواجب لإمكانية ممارسة الحماية الدبلوماسية، ولا سيما عند وقوع ضرر ذي شأن” (المادة 19، الفقرة أ). والأسس الثلاثة: الجهة التي تمارس الحماية، والمستفيد، والحق في الحماية، قابلة للتطبيق على الحالة الفلسطينية.

وطبعاً، فإن على الدول العربية وإسرائيل واجب حماية الفلسطينيين المقيمين في تلك الدول، إذ إن المادة 8، تجيز “أن تمارَس الحماية الدبلوماسية” للاجئين وعديمي الجنسية من الفلسطينيين المقيمين “بصفة قانونية واعتيادية”.

إن حق السلطة الفلسطينية في ممارسة الحماية قابل للجدل. فمن جهة، تحدد المادة 9، الفقرة 5 من اتفاق أوسلو الثاني، السلطةَ القانونية للمؤسسات الفلسطينية في مجال العلاقات الخارجية، بحيث يُمنع بشكل صريح “تعيين أو قبول طاقم دبلوماسي وقنصلي وممارسة المهمات الدبلوماسية.” ومن جهة أُخرى، هناك عدد من السجالات التي تطرح أسئلة بشأن القوة الإلزامية للمادة 9، الفقرة 5: أولاً، المادة لا تطبَّق على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى السلطة الفلسطينية بعد نقل الصلاحيات؛[23] ثانياً، لا يمكن أن تتعارض مع قاعدة آمرة، بما في ذلك حق تقرير المصير؛ ثالثاً، صلاحية ممارسة الحماية قد تنتج من منح فلسطين مكانة عضو غير مراقب، ومن مشاركتها في العديد من الاتفاقيات التي لا تثير معارضة معظم الدول؛[24] رابعاً، استناداً إلى مقاربة محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري في موضوع التعويض على أضرار لحقت خلال مهمة الأمم المتحدة بتاريخ 19 نيسان / أبريل 1949، فإن من الممكن أن تقدم الحماية جهات أُخرى غير الدولة.[25]

إن الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب لا يمكن أن ينتج من ولادتها كدولة بالمعنى الدقيق، بل تبقى فلسطين كياناً يسعى للاستقلال، والشخصية القانونية لمؤسساتها هي وظائفية وليست عمومية. بكلمات أُخرى، لا يمكن أن تدّعي أنها تملك حقوقاً ترتبط مباشرة بتعزيز الاستقلال. كما أن العلاقة بين السلطة الفلسطينية من جهة، والفلسطينيين من جهة أُخرى (وخصوصاً أولئك الذين يعيشون في الخارج)، لا تعادل المواطنة، وتستند إلى أن مكانتها هي “ممثل الشعب الفلسطيني” الذي يمتلك حق التفاوض على الوضع النهائي، لا حق إدارة علاقات خارجية منتظمة.

إن تقديم السلطة الفلسطينية مطالب من هذا القبيل، قد يثير معارضة إسرائيل على اعتبار أنه تطاول على سلطتها القانونية، ويضع الدولة المخاطبة بوضع صعب، فضلاً عن أنه لا يوجد أي ضمان تبادلي، لأن السلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تمثل المشتكين في القضايا الدولية. فبعض المؤسسات الدولية (مثل الجمعية العامة والمحكمة الجنائية الدولية)،[26] وبعض الدول، اعترفا بفلسطين، بينما دول ومؤسسات دولية أُخرى (مثل مجلس الأمن) لم تعترف بها، وبالتالي فإن الكلمة الأخيرة تعود إلى الدولة المخاطبة التي قد تقبل المطالبة لكنها تستطيع أيضاً رفضها استناداً إلى عدم الاعتراف بفلسطين كدولة، أو إلى فقدان رابط بين المطالبة وحق تقرير المصير.[27] فعلى سبيل المثال، الولايات المتحدة وردًّا على طلب فلسطين فيما يتعلق بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، أعلنت أنها ليست في علاقة تعاقدية مع فلسطين وفقاً لاتفاقية فيينا لسنة 1961، لأن فلسطين تفتقد مكانة الدولة.[28]

إن المادة 8 من مواد الحماية الدبلوماسية لسنة 2006، ولاعتبارات إنسانية، تسمح بحماية عديمي الجنسية واللاجئين، لكن هذه الحماية خاضعة لمتطلبات “إقامة عادية وقانونية”. وفي هذا السياق، وعلى الرغم من أن إسرائيل تستطيع توفير الحماية للمقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والدول العربية للاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضيها، فإن جزءاً مهمّاً من الفلسطينيين لا يمكن أن يستفيد من هذه الحماية، وهذا يشمل المقيمين على الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني، واللاجئين غير المسجلين. وهذا الأمر بدوره يثير من جديد إمكان استخدام حق تقرير المصير كي تستطيع المؤسسات الفلسطينية تأمين الحماية، وهذه المسألة تناقش على أساس الأهلية القانونية، وتبعاً لموقف الدول المضيفة.[29]

تقييد آخر تحدده المادة 8 (3)، وهو عدم جواز الحماية الدبلوماسية من طرف دولة ارتكبت فعلاً غير مشروع دولياً. وقد أوضحت لجنة القانون الدولي ذلك بأن أساس الحماية الدبلوماسية هو الجنسية، وبشكل لا يفتح الباب على مصراعيه أمام النزاعات القانونية الدولية.

فبحسب المادة 19 (أ)، ينبغي للدولة التي يحق لها أن تمارس الحماية الدبلوماسية وفقاً لمشاريع المواد هذه، “أن تولي النظر الواجب لإمكانية ممارسة الحماية الدبلوماسية، ولا سيما عند وقوع ضرر ذي شأن”، وخصوصاً إذا كانت المنطلقات إنسانية. ومع ذلك لم توضح اللجنة ما إذا كانت هذه المادة عرفية، أو أنها نتاج جهود تطور متدرج للقانون الدولي.

إن انعدام وجود حلول واضحة، والوضع الصعب للاجئين، وخصوصاً مَن خضع منهم لتهجير قسري مرة ثانية (في سورية والعراق)، يحضّان على تطوير القانون العرفي، والسعي وراء أدوات جديدة تمكّن المنظمات الدولية من تأمين الحماية، مثلاً: المطالبة بتعويضات لمصلحة الفلسطينيين الذين عاشوا في الكويت خلال الاحتلال العراقي، والتي قُدمت إلى لجنة التعويض للأمم المتحدة عبر الأونروا وهيئة الأمم المتحدة للتنمية بدعم من الدول العربية. مثال آخر هو أن انتماء المواطن إلى جامعة الدول العربية يضمن تأمين حماية للفلسطينيين من طرف أي دولة عربية، قياساً على نموذج المواطنة الأوروبية (إن إنشاء هذه المواطنة سيساهم في دمقرطة الجامعة العربية).

لا بد من الإشارة إلى أن المقرر الأول لمواد الحماية الدبلوماسية في لجنة القانون الدولي، القاضي محمد بينونا، شدد على المنحى الإنساني للقانون الدولي، من خلال جمع آلية الحماية الدبلوماسية مع آلية الحماية التي توفرها حقوق الإنسان.[30] وانعكس ذلك في الحماية الدبلوماسية للاجئين وعديمي الجنسية، لكنه قد لا يقتصر على ذلك. إن جمع آلية الحماية الدبلوماسية مع آلية الحماية التي توفرها حقوق الإنسان، ربما يفسح المجال أمام أن تُمنح دولة تشارك أقلية وطنية الهوية ذاتها، المطالبةَ بالحماية الدبلوماسية في حالة انتهاك الدولة الإقليمية حقوقاً أساسية لأبناء هذه الأقلية.

ولا شك في أن قانون القومية الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي في سنة 2019، وما يحمله من تهديد للحقوق الأساسية للأقلية الفلسطينية في الداخل، يثيران التفكير والجدل. والدولة الفلسطينية تستطيع الرد على ذلك من خلال وضع تشريع شبيه بتشريعات دول شرق ووسط أوروبا التي شددت في دساتيرها على اهتمامها بالأقلية الوطنية في الدول المجاورة. كذلك، حتى إن لم ينجح المقرر الثاني جون ديغارد في إدخال مادة تنص على واجب الحماية الدبلوماسية من طرف دولة تشارك الأقلية الهوية الوطنية، إلّا إن ذلك لا يمنع هذه الدولة، وعلى غرار أي دولة أُخرى، من المطالبة بالحماية في حالة انتهاك القواعد الآمرة في النظام القانوني الدولي (erga omnes).[31] وطبعاً، ستعتبر إسرائيل ذلك تطاولاً على سيادتها، وهو ما نسمعه منذ بداية الحديث عن دولة فلسطينية،[32] لكن هناك تجديداً لهذا الموقف ضمن سياسة انتهازية انتخابية تشدد على ذلك من خلال، ما يبدو أنه، إعادة نظر في العلاقة بين الأغلبية اليهودية والأقلية الفلسطينية تستند إلى طروحات اقتصادية تهدف إلى دمج الأقلية الفلسطينية في المجتمع الإسرائيلي.[33] ومن المهم أن نشير إلى أن الموقف السائد فيما يتعلق بآليات الحماية هو الموقف الذي يشدد على الفصل، وعلى تفضيل الطابع الدولاني (inter – state logic) في ممارسة الحماية الدبلوماسية. 

المواطنة الفلسطينية في المستقبل

وفقاً للميثاق الوطني الفلسطيني، فإن الفلسطينيين هم المواطنون العرب الذين أقاموا بشكل دائم في فلسطين قبل سنة 1947، سواء تم طردهم أو بقوا مقيمين في الإقليم، كما أن مَن يولد بعد تلك السنة من أب فلسطيني، أكان داخل فلسطين أو خارجها، هو فلسطيني أيضاً (المادة 5). وفي سنة 1995، جرى إعداد مشروع قانون الجنسية على غرار قانون الجنسية الأردني 6/1954 الذي لا يطبَّق على الفلسطينيين في الشتات ولا ينظّم تجنيسهم، فقد قُدمت المواطنة، مثلما هو الأمر في معظم الدول العربية، على أنها “كرم أخلاق” من الدولة وليست حقاً فردياً. وأُعطيت السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة في منح أو سحب المواطنة من دون مراجعة قضائية، وفي نهاية الأمر، لم يُعرض هذا القانون على المجلس التشريعي. وبالنتيجة، امتنعت السلطة الفلسطينية عمداً من تنظيم المسألة، على افتراض أن المواطنة ترتبط بالدولة، وأن الدولة الفلسطينية لم تقم بعد، ولا يمكن أن تنشأ تحت الاحتلال الإسرائيلي. إن القانون الأساسي الفلسطيني الذي تم تبنّيه في سنة 2002، لا ينظم مسألة المواطنة، بل ينص على أنها ستنظم بحسب القانون (المادة 7).

ومع أن مواطنة منتظمة غير ممكنة حتى الآن، إلّا إن هذا لا يعني أنه لا يمكن دعم إنشاء مواطنة من نمط جديد في القانون الدولي يعكس عضوية في أمّة تسعى لتقرير مصيرها. والأساس المنطقي يمكن أن يرتبط بضرورة تحديد الأمّة الذي هو تحديد للهوية، وهو أمر ضروري لحل مسائل حق تقرير المصير فعلياً على أرض الواقع حيث تشكل مكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة أساساً قانونياً لذلك.

مواطنة كهذه، وإن استندت إلى قرار الملك البريطاني لسنة 1925، تتطلب إعادة تفكير استراتيجي ومؤسساتي في ظل الأوضاع الحالية. وطبعاً، فإن العودة إلى المواطنة الفلسطينية قبل سنة 1948، تتضمن إثارة الجانب الأخلاقي والطعن في شرعية نظام المواطنة الإسرائيلي[34] الذي يؤثر في الحياة اليومية للشعب الفلسطيني كله، أكان في الشتات، أم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أم في الداخل.[35]

وهذه المواطنة قابلة للمقارنة بالمواطنة الأوروبية على أكثر من صعيد: أولاً، هي انتقالية، وفقاً لما يعنيه الفيلسوف الفرنسي إتيان باليبار،[36] أي أنها نتاج الجهود التي يبذلها الفلسطينيون في بناء هويتهم ومؤسساتهم (أن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم)، ولا بد من أن تشكل تحدياً للسيادة، لما تتضمنه من بُعد إقليمي وفوق – إقليمي.[37] وقد تتوسط هذه المواطنة: العلاقات التي تتعلق بالمشاركة في إدارة الأراضي الفلسطينية المحتلة (إقليم الدولة الفلسطينية)، والعلاقات التي تخص حق تقرير المصير (الذي مُنح للشعب الفلسطيني كله، بفئاته كافة). الحالة الأولى ستمنح حقوقاً سياسية وحقوقاً أُخرى لجميع المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتشرعن مكانتهم؛ الحالة الثانية ستعزز حق العودة وتضمن تنشيط منظمة التحرير الفلسطينية.[38] بكلمات أُخرى، ستعكس عقداً اجتماعياً تمهيدياً يحدد عدة أمور بينها مفهوم الدولة الفلسطينية الذي لا بد من أن يتجاوز السلطة الفلسطينية. ومن خلال تعريف الأشخاص المخوّلين للمواطنة، فإن المؤسسات الفلسطينية قد تستخدم قوانين وتشريعات قائمة بشأن العودة (ألمانيا؛ إسبانيا؛ إسرائيل؛ ودول أوروبا الوسطى والشرقية، وغيرها). ولا يتعارض امتلاك هذه المواطنة مع امتلاك جنسية أُخرى تكون بمثابة ضمان إضافي لحق العودة،[39] ذلك بأن مَن يحملها يستطيع، بعد إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أن يحظى بمواطنة منتظمة.

علاوة على ذلك، قد تخدم المواطنة كأساس لتحديد مكانة الفلسطينيين في دول أُخرى (مثلاً، أن تكون شرطاً أولياً للإقامة الشرعية في الدول العربية)، وفي المنظمات الدولية (مثلاً، السماح بالوصول إلى الوظائف الدولية). ويمكن أن تُستخدم أيضاً كأساس للحماية الدبلوماسية التي تمارسها المؤسسات الفلسطينية، فتساعد بالتالي في تجاوز فجوة الحماية (protection gap). بصورة عامة. ومن خلال إيجاد حل لصقل أمّة سياسية، فإن المواطنة يمكن أن تشكل خطوة مهمة نحو الاستقلال والحكم الذاتي. 

استنتاجات

تشير مشكلة المواطنة الفلسطينية إلى خلل جدي في القانون الدولي الحديث يتمثل في احتكار مفهوم السيادة الذي يؤكد ممارسة الحكومات السلطة العامة، ويتجاهل مصالح الشعوب، وهو مفهوم تتوسطه عناصر متعددة للقانون الدولي: تفسير ومواطنة وحل النزاعات وعملية بناء الدولة ومعيار للحرب العادلة، إلخ. وعلى الرغم من ذلك، فإن احتكار هذا المفهوم يستند إلى فكرة خطأ هي أن النظام الدولي يرتكز فقط إلى قرارات الحكومات، لا إلى أخذ العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية وغيرها بعين الاعتبار، الأمر الذي يؤدي إلى أن تنشب حروب، وتنشأ معاناة يحاول القانون الدولي مواجهتها مباشرة، بعد أن كان المسبب بها.[40]

ومع ذلك، فإن هذا الاستنتاج لا يعني أن الصراع من أجل حقوق الإنسان وحقوق الشعوب يجب أن يُهمل، بل على العكس من ذلك، تحدد هذه الحقوق استراتيجيا الصراع التي تكمن في تجاوز “حصر” النظام الدولي في القرارات الحكومية، وتطوير مؤسسات جديدة تأخذ في الحسبان أموراً أُخرى غير السيادة مثل الانتماء إلى أمّة أو مجموعة وطنية. وخلافاً للنموذج السائد، هذه المؤسسات هي حتماً موقتة، ومع ذلك، فإن قابلية التصرف في القانون الدولي تجعل من الممكن العمل على تطويرها وترقيتها.

* يشكر الباحثان  جامعة النجاح على دعمها المادي الذي سمح بتبادل الزيارات واللقاء بهدف تطوير التعاون والمشاريع المشتركة.

المصادر:

[1] لا بد من الإشارة إلى أن اختيار العودة إلى فترة الانتداب وليس إلى الفترة العثمانية لا يرتكز على ادعاء أن المواطنة أو الحداثة القانونية بدأت مع الانتداب، بل لأن نتائج نظام الانتداب ما زالت معنا، أي، مثلما يقول المؤرخ جورج أنطونيوس، أن النكبة كانت سورية قبل أن تكون فلسطينية، في إشارة منه إلى الشعور العام تجاه تقسيم سورية والأردن وفلسطين، إذ إن فترة الحكم العثماني عرفت حداثة دستورية. للمزيد انظر:

Nadine Picaudou, “La tradition constitutionnelle arabe: un héritage méconnu”, Égypte/Monde arabeTroisième série, 2 | 2005, mis en ligne le 08 juillet 2008, consulté le 15 janvier 2017. URL: http://ema.revues.org/1050.

وانظر أيضاً محاضرة أنيس القاسم، “الدستورية في فلسطين”، والتي ألقيت في ندوة في بيروت عن الدساتير العربية، 2008، والنص منشور في مدوّنة أنيس القاسم، في الرابط الإلكتروني.

[2] يرى معتز قفيشة أن المواطنة الفلسطينية كانت كاملة، على الرغم من حقيقة أن فلسطين لم تكن دولة مستقلة (هناك عدة حالات متشابهة في التاريخ العالمي)، وأن على إسرائيل، كدولة وريثة، أن تعترف بذلك، وأن تمنح الفلسطينيين المواطنة، لأنها هي الأساس المتين لحق العودة. انظر:

 Mutaz Quafisheh, The International Law Foundations of Palestinian Nationality: A Legal Examination of Palestinian Nationality under the British Rule (Genève: Université de Genève, 2007), pp. 270-281.

[3] See: Anis F. Kassim, “The Palestinians: From Hyphenated to Integrated Citizenship”, in: Nils August Butenschøn et al., eds., Citizenship and the State in the Middle East: Approaches and Applications (Syracuse: Syracuse University Press 2000), pp. 201-224.

[4] يعتبر أورن يفتاحئيل، أن المواطنين الفلسطينيين العرب في إسرائيل يعيشون في غيتو متعدد الأوجه: سياسي، وثقافي، واقتصادي، وإداري، وبالنتيجة أيضاً فضائي – مكاني. وهم، على الرغم من أنهم رسمياً جزء من المجتمع، فإنه يتم تهميشهم بنيوياً بواسطة السيطرة والإقصاء وعدم التمكين. انظر:

Oren Yiftachel, “Ghetto Citizenship: Palestinian Arabs in Israel”, in: Nadim N. Rouhana and Areej Sabbagh-Khoury, eds., Israel and the Palestinians: Key Terms (Haifa: Mada al–Carmel, Arab Center for Applied Social Research, 2009), p. 60.

يقول شلومو ساند أيضاً: “ما معنى أن تكون يهودياً في إسرائيل؟ ليس هناك شك في أن كونك يهودياً في إسرائيل هو [….] أن تتمتع  [….] بامتيازات لا يتمتع بها أولئك الذين لا يُعتبرون يهوداً، وخصوصاً العرب. [….] إذا كنت يهودياً، فإنه يمكنك شراء الأراضي التي لا يحق للمواطن غير اليهودي القيام بشرائها. [….] إذا كنت يهودياً، يمكنك أن تستقر على أراضٍ ليست لك، كما يُسمح لك بالسفر في الضفة الغربية عبر الطرق الالتفافية، بينما لا يكون للسكان المحليين الحق في التنقل بحرّية في وطنهم. إذا كنت يهودياً، فلن يتم إيقافك أبداً في نقاط التفتيش أو تعرضك للتعذيب، ولن تجري مداهمة منزلك ليلاً لإجراء عملية بحث. لن تتعرض مطلقاً لطلقات نارية عن طريق الخطأ، ولن يتم تدمير منزلك مصادفة، لأن هذه الأفعال المتنوعة المستمرة منذ نحو خمسين عاماً، موجهة وموجهة ضد العرب فقط.” انظر:

Shlomo Sand, How I ceased to be a Jew? An Israel point of view (Kinneret: Zmora-Bitan, Dvir- Publising House Ltd), 2013, pp. 133-134 (in Hebrew).

[5] Israeli Supreme Court, Adalah Association v. Minister of Interior, (7052/03), 14/02/2006. Ayala Procaccia’s dissident opinion, paragraph 1.

[6] Kassim, op. cit.

[7] لقد ثبُت ضعف هذا الادعاء في ضوء الدراسات التي قام بها المؤرخون الجدد استناداً إلى أرشيف الهاغاناه الذي يكشف وجود خطة واضحة بتهجير الفلسطينيين من قراهم ومدنهم. ووفقاً لأريئيل ميرشطاين، فإن ما يقوم به المؤرخون الجدد الإسرائيليون من اعادة النظر في الرواية الرسمية عن النكبة، يقرّب وجهات النظر بين الطرفين فيما يتعلق بالحقيقة التاريخية للصراع. انظر:

Ariel Meyerstein, “Transitional Justice and Post-Conflict Israel/Palestine: Assessing the Applicability of the Truth Commission Paradigm”, Case Western Reserve Journal of International Law, vol. 38, issue 2 (2007), http://scholarlycommons.law.case.edu/jil/vol38/iss2/5

[8] إن تشديد الفلسطينيين على حق العودة وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194/1948، يُعدّ بحد ذاته طلباً للحصول على هذه الجنسية، وقد جرى تأكيد القرار تكراراً في قرارات دولية، على سبيل المثال القرار 41/162 1986، وقرار الأمم المتحدة بتشكيل لجنة خاصة لحقوق الشعب الفلسطيني. ووفقاً لسكوت ليكي، “يجب أن نسأل المجتمع الدولي لماذا يعامل اللاجئين الفلسطينيين بشكل منهجي ومختلف عن غيرهم من اللاجئين.” ففي قضايا مماثلة، عاد في تسعينيات القرن الماضي، أكثر من 12 مليون شخص إلى أوطانهم ومنازلهم في عدة أنحاء من العالم، وقد أدى مجلس الأمن دوراً حاسماً في العديد من القرارات مثل القرار 1145/1997، الصادر عن مجلس الأمن، والذي أكد حق اللاجئين والمشردين داخلياً في العودة إلى ديارهم في جمهورية كرواتيا. كما تكرر ذلك في القرارين 1244/1999 و1287/2000. انظر:

Scott Leckie, “Peace in the Middle East: Getting Real on the Issue of Palestinian Refugee Property”, Forced Migration, issue 16 (January 2003), pp. 41–44,

 http://www.fmreview.org/es/node/4653.html

[9] تدعو الأستاذة في كلية الحقوق في الجامعة العبرية، روث لابيدوث، إلى “أن يتفق الطرفان [الفلسطيني والإسرائيلي] على تعريف معقول للاجئين وعدم تبنّي التعريف الذي تستخدمه الأونروا تلقائياً”، وترى “أن اللاجئين لا يتمتعون بحق العودة إلى إسرائيل، لا بموجب القانون الدولي العام ولا الخاص”، وتعتبر “أن الحل الملائم هو العودة إلى الوطن الفلسطيني وإعادة التوطين والاستيعاب في دول أُخرى (ويُفضل أن يكون ذلك وفقاً لرغبات كل لاجئ)، وقد يُسمح للبعض بالعودة إلى إسرائيل. والحل السريع والكافي سيشمل أيضاً دفع تعويضات عن الأملاك المفقودة، والدعم لإعادة التأهيل.” انظر:

Ruth Lapidoth, “Legal Aspects of the Palestinian Refugee Question”, Jerusalem Letter/Viewpoints, Jerusalem Center for Public Affairs, no. 485 (24 Elul 5762/1 September 2002),

http://www.jcpa.org/jl/vp485.htm

وطبعاً، هذا الموقف ينطلق من الواقع الحالي لإعادة بناء مشكلة اللاجئين، والتي تتطلب التنازل عن العدالة كشرط أساسي للمفاوضات التي تجري وفقاً لرؤية إسرائيلية تتضمن إنكاراً للحقيقة التاريخية.

[10] Mutaz Qafisheh, “Citizens of the State of Palestine and the Future of Palestinian Refugees: Legal and Political Scenarios”, in: Mutaz Qafisheh, ed., Palestine Membership in the United Nations: Legal and Practical Implications (Newcastle: Cambridge Scholars publishing, 2013), pp. 45–133.

[11] في هذا السياق، من الضروري الإقرار بصحة موقف بودين الذي عرّف السيادة كـ “سلطة الجمهورية المستمرة والمطلقة”، انظر:

Jean Bodin, Les six livres de la République (Paris: Librairie générale française, 1993), pp. 74.

وكذلك من الضروري الإقرار بصحة موقف شميت الذي اعتبر أن الذي يملك السيادة يقرر حالة الاستثناء. انظر:

 Carl Schmitt, Political Theology: Four Chapters on the Concept of Sovereignty, translated by George Schwab (Chicago: University of Chicago Press 2005), p. 5.

[12] مثل هذه المكانة المختلطة ليس حالة فريدة، فهناك الفاتيكان مثلاً، أو كيانات أُخرى ترتبط مع الولايات المتحدة مثل جزر مارشال، وغيرها.

[13] See: Francis A. Boyle, “The Creation of the State of Palestine”, European Journal of International Law vol. 1, issue 1 (1990), pp. 301-306; James Crawford, “The Creation of the State of Palestine: Too Much Too Soon?” European Journal of International Law, vol. 1, issue 1 (1990), pp. 307-313.

 [14]أشار قرار القاضي الإسرائيلي بوعز أوكون في قضية ألان موريه ضد دولة إسرائيل (محكمة القدس المركزية 1008/06)، 23 / 04 / 2006، إلى النقاط التالية:

1) غيّر اتفاق أوسلو الثاني الوضع القانوني لجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليصبح كياناً شبه – سيادي يمارس سيطرة مستقلة.

2) هذا الكيان شبه السيادي يمتلك قدرة الدولة لأنه يفي بمتطلبات مونتيفيديو: الأرض والسكان والحكومة.

3) لا يعتمد الاعتراف بهذه الدولة على العديد من الدول التي اعترفت بها لأن الاعتراف كاشف.

4) هذا يقودنا إلى الاستنتاج، ووفقاً للقانون الدولي العرفي، بأن الدولة لا يمكنها فرض سلطتها القضائية على دولة أُخرى على أساس مبدأ عدم وجود إكراه بين متساوين.

وعلى الرغم من تحفظ المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن هذا القرار 1008/06 في قرارها 5093/06، فإن هذا القرار يعبّر عن موقف مختلف عن الموقف الإسرائيلي الرسمي الذي يدعمه بعض الفقهاء الإسرائيليين مثل إيال بنفنيتسي الذي يعتبر أن اتفاق أوسلو يؤكد أن “الكيان الفلسطيني الذي أُنشىء في غزة وأريحا له حياة ودينامية، وسلطته لا تنبع من السلطة العسكرية الإسرائيلية أو إعلان المبادىء، وإنما من حق الفلسطينيين في تقرير المصير.” انظر:

Eyal Benvenisti, “The Israeli-Palestinian Declaration of Principles: A Framework for Future Settlement”, European Journal of International Law, vol.4, issue 1 (1993), pp. 542-554.

[15] انظر:

Daniel Benoliel and Ronen Perry, “Israel, Palestine, and the ICC”, Michigan Journal of International Law, vol. 32, issue 1 (2010), pp. 73-127; Daniel Benoliel, “Israel and the Palestinian State: Reply to Quigley”, University of Baltimore Journal of International Law, vol. 1, issue 1 (Spring 2013) 3-58; Yael Ronen, “Recognition of the State of Palestine: Still Too Much Too Soon?”, in: Christine Chinkin and Freya Baetens, eds., Sovereignty, Statehood and State Responsibility: Essays in Honour of James Crawford (Cambridge: Cambridge University Press, 2015), pp. 229-247.

[16] تتميز مكانة اللاجئين الفلسطينيين بما يسمى “الفجوة في الحماية” (protection gap)، وسببها الأساسي هو إقصاؤهم عن مجال تطبيق اتفاقية اللاجئين 1951 (المادة 1، الفقرة د). انظر:

Susan Akram, “Palestinian Refugees and Their Legal Status: Rights, Politics, and Implications for a Just Solution”, Journal of Palestine Studies, vol. XXXI, no. 3 (Spring 2002), pp. 36-51; Jaber Suleiman, Marginalised Community: The Case of Palestinian Refugees in Lebanon (Brighton: University of Sussex, 2006).

[17] بالنسبة إلى خصائص هذه الإجراءات انظر:

Asem Khalil, Governance and the Constitution in Palestine: From the Books to Action, and Back (Working Paper submitted by the author to The Aga Khan University (Pakistan) Institute for the Study of Muslim Civilisations’ Dialogues Series, 2015- 2016), p. 29.

يشير الكاتب إلى أن السلطة الفلسطينية لم تُدِر قط وبشكل فعلي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل إن مسائل المكانة الشخصية ما زالت تُنظَّم على مستوى غير رسمي وقبلي، ولا يوجد نظام إداري وتشريعي موحد.

[18] انظر:

Allard K. Lowenstein, Persecution of the Rohingua Muslims: is Genocide Occurring in Myanmar’s Rakhine State? A Legal Analysis (New Haven: International Human Rights Clinic, Yale Law School, 2015).

[19] Vladimir Buzaev, Latvian Non-Citizens (Riga: Latvian Human Rights Committee, 2007) (In Russian); Vadim Poleshchuk, ed., Problems of the Rights of National Minorities in Latvia and Estonia (Moscow: FIP, Russian Panorama, 2009) (In Russian).

[20] يلاحظ هيبس أن الحماية الدبلوماسية هي عبارة عن مظلة جامعة إلى حد ما، إذ لا يوجد شكل موحد يمكن أن تتخذه الحماية الدبلوماسية. انظر:

Alexander Heeps, “Diplomatic Protection and Human Rights: Quo Vadis?” The King’s Student Law Review, vol. 8, no. 2 (2017) pp. 1-17.

[21] Mavrommatis Palestine Concessions, Judgment no. 2, 1924, Permanent Court of International Justice (PCIJ), Series A, no 2, p. 12.

[22] انظر:

Abbasi and Juma v. Secretary of State for Foreign and Commonwealth Affairs and Secretary of State for the Home Department, Decision of the Supreme Court of Judicature–Court of Appeal (Civil Division) of 6 November 2002, International Legal Materials, vol. 42, No. 2 (March 2003), pp. 358-383; Kaunda and Others v. President of the Republic of South Africa and Others, Constitutional Court Decision of 19 and 20 July 2004 and 4 August 2004, The South African Law Reports (2005), p. 235; Canada (Prime Minister) v. Khadr, Supreme Court Judgment of 29 January 2010, [2010] 1, S.C.R. 44.

[23] Qafisheh, “Citizens of the State of Palestine…”, op. cit.

يدّعي الكاتب أن لا شيء في القانون الدولي يمنع منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية من حماية أي فلسطيني على المستويات الرسمية أو غير الرسمية. إن أشكال الحماية مثل تسجيل وقائع الأحوال المدنية، وحماية الأشخاص ضد الاتهامات الجرمية، والتحقق من الشهادات (الدبلومات)، ومساعدة المستثمرين، إلخ، كلها تُعد مساعدات قنصلية.

[24] إن معارضة إسرائيل يمكن أن ترتكز على أن اتفاق أوسلو 2 ينص على أن “منظمة التحرير الفلسطيني هي ممثل للشعب الفلسطيني” (لذلك فإن أياً من بنود الاتفاق ويلزم جميع المؤسسات الفلسطينية)، علماً بأنه بعد انتهاء فترة المرحلة الانتقالية، تواصل العمل من دون الانتقال إلى المرحلة النهائية، أمّا مكانة الدولة المراقبة، فمحددة بالنشاطات داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

[25] أقرّت محكمة العدل الدولية بإمكان أن تقوم منظمة دولية بحماية مسؤول دولي، وأن هذه الحماية يمكن إجراؤها بالتوازي مع الحماية التي توفرها جنسية هذا المسؤول.

[26] أعلنت دولة فلسطين في سنة 2009 اعترافها باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفي سنة 2012 أعلن المدعي العام للمحكمة أن اعتراف 130 دولة وعدد من المنظمات بفلسطين ليس كافياً لاعتبارها دولة وفقاً للمادة 12 (3) من نظام روما الأساسي. وفي سنة 2013، أعلن مكتب المدعي العام أنه بالعودة إلى القرار 67/19، أصبح في إمكان فلسطين أن تصبح عضواً. وفي سنة 2015، تقدمت دولة فلسطين بطلب جديد وأصبحت طرفاً في النظام الأساسي، وبعد ذلك، بدأ المدعي العام مراجعة أولية للوضع في فلسطين.

انظر:

Report on Preliminary Examination Activities 2012, para. 202; Report on Preliminary Examination Activities 2013, para, www.icc-cpi.int

[27] يقول كيغلي: “إن تحديد المضمون الفعلي لأي من الاعترافات التي تزيد على 100 أمر يتطلب تمحيصاً للوثائق ذات الصلة، وتحليلاً لسلوك الدولة المعترف بها تجاه منظمة التحرير الفلسطينية.” انظر:

John Quigley, The Statehood of Palestine: International Law in the Middle East Conflict (New York: Cambridge University Press 2010), p. 151.

[28] من الواضح أن هذه المسألة ستتسبب بإحراج محكمة العدل الدولية، لأن فلسطين بدورها قد تشير إلى الحالة المتعلقة بالالتزامات ذات الصلة بمفاوضات وقف سباق التسلح النووي. وفي هذه الحالة، فإن جزر مارشال التي لها علاقات ارتباط بالولايات المتحدة، كانت هي المدعية. ومن الممكن أيضاً أن تستخدم محكمة العدل الدولية النهج الذي صيغ في القضية فيما يتعلق بشرعية استخدام القوة (الأحكام الصادرة في 15 كانون الأول / ديسمبر 2004)، فتعتبر أن فلسطين ليس لها الحق في الاستئناف أمام المحكمة، لأنها في حالة فريدة من نوعها: فبينما ترى الجمعية العامة أنها دولة، فإن مجلس الأمن لا يرى ذلك.

[29] يقول شهابي: “في ظل القانون القائم، فإن فلسطين تفتقر إلى الأهلية القانونية للتبنّي الدبلوماسي فيما يتعلق بالفلسطينيين عديمي الجنسية. لكن إذا كان لديها الإرادة السياسية، فإن الضرورة الأخلاقية وعدم وجود خيارات مُرضية قد يعملان لمصلحة فلسطين، وهذه العملية يمكن أن تبشّر بحدوث تطور متدرج في قانون الحماية الدبلوماسية.” انظر:

Omar Yousef Shehabi, Recognition and Diplomatic Protectionhttps://omarshehabi.com/blog/2016/2/2/the-introduction-of-organic-shape

[30] Rapport préliminaire sur la protection diplomatique par Mr. Mohamad Bennouna, Rapporteur spécial, Doc. A/CN.4/484, 4 février 1998 (Paragraphe 53); Sevane Garibian, “Vers l’émergence d’un droit individuel à la protection diplomatique”, Annuaire Français de Droit International, vol. 54 (2008) pp. 119-141.

[31] “إن اللجنة تعتقد أن من غير الضرورى اتّباع مقررها الخاص بشأن هذه النقطة، والذي اقترح أنه ينبغي لها قبول التزام بالحماية من جانب دولة الجنسية إذا كان الضرر ناجماً عن خرق خطر لمعيار من القواعد يمكن عزوه إلى دولة أُخرى.” انظر:

Alain Pellet, “Le projet d’articles de la C.D.I. sur la protection

diplomatique: une codification pour (presque) rien”, in: Marcelo G. Kohen, ed., Promoting Justice, Human Rights and Conflict Resolution through International Law /La promotion de la justice, des droits de l’homme et du règlement des conflits par le droit international, Liber Amicorum Lucius Caflisch (Leiden: Brill, 2007), p. 1149.

[32] Dan Rabinowitz, “The Palestinian Citizens of Israel: The Concept of Trapped Minority and the Discourse of Transnationalism in Anthropology”, Ethnic and Racial Studies, vol. 24, issue 1 (2001), pp. 64-85.

ويستخدم المؤلف مصطلح “الدولة الفلسطينية القابلة للبقاء” للإشارة إلى ما يعتبره تهديداً تتعرض له الدولة اليهودية من أقلية تتقاسم القيم والهوية مع الدولة الفلسطينية المقبلة. ونصيحته هي تعزيز نظام أوسلو بإنكار حق العودة، حتى إلى هذه الدولة الفلسطينية العتيدة.

[33] Nathan Eshel, “Israel’s Right Must Stop Splintering, and Reach Out to the Arab Community”, Haaretz, 18 June, 2019.

يقول رئيس هيئة مكتب نتنياهو السابق: “إن الحق الإسرائيلي هو بالتحديد الحق الذي يمكن وينبغي له أن يبني الجسر مع أغلبية الجمهور العربي الذي يهتم أساساً بمسائل مثل الاقتصاد والتعليم والأمن الداخلي”.

[34] يرى إيتيان تاسين، المتخصص بفكر حنّة أرندت، أن هناك “نوعين من المواطنة: المواطنة ببُعدها في السلوك المدني والمدنية العادية، والمواطنة التي ستكون على المقلب الآخر من النضال من أجل المساواة والعدالة والحرية، والتي ستأخذ مواقف متضاربة في علاقات السلطة مع الدولة أو مع المجتمع ذاته.” انظر:

Jean-Claude Poizat, “Entretien avec Etienne Tassin”, Le Philosophoire, no. 29, issue 2 (2007), pp. 11-40.

ويمكن قراءة المقالة إلكترونياً في موقع Cairn.INFO، في الرابط الإلكتروني.

والمواطنة في السياق الفلسطيني، هي تعبئة ضد الاستعمار بصفته إنكاراً للمواطنة، وإدانة للإغفال، وهي تفرض ضرورة وشرعية الكفاح ضد سياسات التهميش والقهر.

[35] انظر:

“Israeli Practices Towards the Palestinian People and the Question of Apartheid”, Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA), Palestine and the Israeli Occupation, issue no. 1 (2017).

[36] يقول باليبار: “أود أن أقترح تصويب المصطلحات. إن ما نتحدث عنه ليس المواطنة الأوروبية، بل المواطنة في أوروبا، ودولة السلطة ودور المواطنين في النظام السياسي الحالي [….] إننا نسعى لاستبدال المسألة وإثرائها من خلال إدخال البعد السياسي الفاعل لمفهوم المواطنة.” انظر:

Etienne Balibar et al, “Citoyenneté et institutions européennes”, Mouvements, no. 49, issue 1 (2007), pp. 154-164.

ويمكن قراءة المقالة إلكترونياً في موقع CAIRN.INFO، في الرابط الإلكتروني.

[37] انظر: Alain de Benoist, “ ‘Souverainistes’ et souveraineté,

https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/alaindebenoist/pdf/souverainistes_et_souverainete.pdf

[38] انظر: فاتح عزام، “مقترح جريء: على فلسطين أن تمنح اللاجئين الجنسية”، “الشبكة / شبكة السياسات الفلسطينية”، في الرابط الإلكتروني.

[39] يجادل كتّاب إسرائيليون بأن “العودة إلى الوطن”، على النحو المنصوص عليه في معاهدات حقوق الإنسان، تعني المواطنة، لكن اللاجئين الفلسطينيين لم يكونوا قط مواطنين إسرائيليين. ويقولون إن أحفاد اللاجئين لم يعيشوا أبدا في إسرائيل، وأن “مزاعمهم لا أساس لها من الصحة على الإطلاق.” انظر:

Ruth Lapidoth, “Do Palestinian Refugees Have a Right to Return to Israel?”, Israel Ministry of Forign website (15 Jan 2001), https://tinyurl.com/yxfr6b9y; Legal Background to the “Palestinian Right of Return”, a page produced by Joseph E. Katz, Eretzyisroel.org (2001), on:http://www.eretzyisroel.org/~jkatz/legal.html; Yaffa Zilbershats, ”International Law and the Palestinian Right of Return to the State of Israel”, in Eyal Benevenisti et al., eds., Israel and the Palestinian Refugees (Springer online), pp. 191–218, https://link.springer.com/book/10.1007/978-3-540-68161-8; Robbie Sabel, “International Legal Issues of the Arab-Israeli Conflict: An Israeli Lawyer’s Position”, Journal of East Asia and International Law, vol. 3, issue 2 (Autumn 2010), pp. 417-420.

ويرى الفلسطينيون، بدورهم، أن حق العودة لا يستند إلى المواطنة، بل إلى العلاقات الاجتماعية، ويمكن استخلاصه أيضاً من الحق في تقرير المصير، والمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، وقانون المسؤولية (العودة رد) وقانون الوراثة. انظر:

Rashid I. Khalidi, “Observations on the Right of Return”, Journal of Palestine Studies, vol. XXI, no. 2 (Winter 1992), pp. 29-40; John Quigley, “Displaced Palestinians and a Right of Return”, Harvard International Law Journal, vol. 39, no. 1 (Winter 1998), pp. 171-225; Gail J. Boling, The 1948 Palestinian Refugees and the Individual Right of Return: An International Law Analysis (Bethlehem: BADIL/Resource Center for Palestinian Residency and Refugee Rights, 2001); Susan M. Akram, “Palestinian Refugees and Their Legal Status: Rights, Politics, and Implications for a Just Solution”, Journal of Palestine Studies, vol. XXXI, no. 3 (Spring 2002), pp. 36-51.

[40] وفقاً لميفيل، فـ “إن العالم الفوضوي والدموي من حولنا، هو حكم القانون.” انظر:

China Miéville, Between Equal Rights: A Marxist Theory of International Law (Leiden: Brill, 2005), p. 319.

السيرة الشخصية: 

فلاديسلاف تولستيخ: مدير قسم القانون الدولي في جامعة نوفوسيبيرسك في روسيا·

جوني عاصي: أستاذ القانون العام والعلوم السياسية في جامعة النجاح، فلسطين.

عن مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 129- شتاء 2022

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: فلاديسلاف تولستيخ - جوني عاصي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *