تاج رأس الفلسطينيين بالأبيض والأسود.. مثل صورة قديمة تروي ذكريات كفاحهم ، بيضاء ناصعة كسلامهم المفقود ..شائكة بتشابك الأسود في تفاصيل نكبتهم ..
الكوفية ؛ غطاء رأس الفلاحين ، تكفكف دموع الأرض حين تتصبب عرقا على جبينهم ، و”شماغ ” شموخ ثوارهم في ثورة الـ 36 ضد احتلال الانكليز ، وقناع وجوه ثوارهم عن عيون البوليس البريطاني ، كوفية الفلاحين التي أزاحت طربوش المدن الفلسطينية ، حين كانت تطاردها بريطانيا العظمى في شوارع المدن الفلسطينية ، فلسطين بالإجماع حين أطاحت بالطربوش التركي ، وزينت رأسها بكوفية الثوار ، لتحمي ثوارها من ملاحقة المحتل ..
ومن يومها صارت الكوفية وطن الفلسطينيين ، يحملونه على رؤوسهم ، ويورّث من شهيد الى شهيد ، ومن جيل الى جيل .. تلك البيضاء المقلمة بالأسود .. حين تكتب تاريخ النضال الفلسطيني ، وتنتقل من رأس الى رأس بالوارثة .. هي كوفية الشهيد عبد القادر الحسيني التي حملها على رأسه الشهيد ياسر عرفات، وجاب بها الدنيا لتعيد لكوفية الفلاحين أرضهم في بلادهم التي سلبت من تحت كوفيتهم ، حين تآمر العالم على الكوفية الفلسطينية لصالح قبعة اليهود الإسرائيلية ..
الكوفية ليست رمزا فقط .. هي وطن بدل عن وطن ضائع يحملها الفلسطينيون على رؤوسهم .. هي صليب مسيحهم الفلسطيني في درب الآلام بين المخيم والجليل ، هي ما تبقى من الشهداء على نعوشهم ، وما تبقى من الأحياء على رأس جدول أحلامهم ، كوفية هي كفاف يومهم من وطن بين مخيم ومستوطنة ، بين نصفهم في الوطن ، ونصفهم في الشتات ” يلولح ” بالكوفية تحت سماء الله لعلها تمطر وطنا لهذه الكوفية العذبة المعذبة ..
بالأبيض والأسود .. كوفية الفلسطينيين كفاف يومهم من وطن يقبع تحت القبعة الاسرائيلية منذ 73 عاما .. وشعب مشرد ” يعلي الكوفية ويلولح فيها ” وسط عالم لا يهتز له كتف بحنية على شعب المشحّرين .
نريد وطنا لهذه الكوفية ..هي ما تبقى من حلم الفلسطينيين .. تاج على رؤوسهم ، يبحث عن مملكة ” أملاك الغائبين ” في عالم غاب عنه الضمير !
