في الدقائق الأخيرة قبل منتصف الليل… من المسؤول !


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

انخفضت وتيرة الحديث عن المصالحة والإنقسام ليعود هذا الموضوع أدراجه الى التبريد العميق بعد أن ظن البعض بأن الحديث عنه هذه المرة هو أكثر جديّة من المرات السابقة وخاصة بعد أن شاهدوا بعض الخطوات التي أعطت الانطباع بأن الحوار يسير الى الأمام مثل لقاء الأمناء العامين للفصائل وتنقل جولات الحوار بين عواصم ذات مصالح ومواقف متناقضة مما جعل البعض يعتقد بأن الفلسطينيين نجحوا هذه المرة في أن يكون الاعتبار الوطني الفلسطيني هو الأساس بدون أي مجاملة لأحد. ولكن وللأسف الشديد ومرة أخرى بعد الألف خابت الآمال وتبدد الوهم وعاد الحوار الى المربع الأول.

وفي حين يقول المتحدثون باسم فتح بأنها ما زالت معنية بالحوار وحريصة على إنجاز ملف المصالحة باعتبار أن ذلك المسار هو ممر إجباري للحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية نسمع أصواتا أخرى من داخل فتح تقول بأنه لن يُسمح بقيام حكومة وحدة وطنية لأن مثل ذلك يعني إعادة تسليم زمام الأمور ل “الظلاميين” وهذا أمر لن يسمحوا بحدوثه.

هذا التناقض يُعطي الإنطباع بأنه الى جانب التيار الداعم للمصالحة هناك تيار باطني داخل فتح يرى في المصالحة خطرا ً لا بد من منعه والبحث عن المبررات لإفشاله. وبين هذين التيارين تيار ثالث يعبر عن موقف الرئاسة وهو موقف يتعامل مع الأمر بشيء من الغموض فهو يعطي الضوء الأخضر لمن يسعى لتنشيط الحوار مع حماس وبنفس القدر لا يلجم بل يترك الباب مفتوحا أمام من هم ضد المصالحة ويتخذون موقفا ً عدائيا ً من حماس ولايترددون في عمل أي شيء لإفشال تيار المصالحة.

هذه المواقف المتناقضة والتي يبدو أن هناك صراعا ً خفيا ً فيما بينها تعتقد بأن الرئيس يمسك العصا من المنتصف مما يجعل كلا ً منها يعتقد بأنه يستطيع ترجيح الكفة لصالحه إذا بذل المزيد من الجهد لتعزيز موقفه داخل الحركة. ولا أجازف إذا قلت بأن التيار الداعم للمصالحة والراغب بتحقيقها ربما يكون حسن النية أكثر مما يجب لأن منع حدوث المصالحة وسد الطريق أمام إعادة الوحدة الوطنية والشراكة بين فتح وحماس لا يقتصر على التيار الباطني داخل فتح بل يحظى بدعم وتأييد عناصر قوية داخل حماس بالإضافة بالطبع لإسرائيل والإدارة الأمريكية وبعض الدول العربية مما يجعل إمكانية تحقيق المصالحة بشكلها التقليدي أمرا ً شبه مستحيل . والخروج من هذا المأزق لا يمكن أن يتم إلا من خلال إدراك أن الواقع الذي تبلور على الأرض منذ ١٣سنة هي سنوات الأنقسام فرضت حقائق ليس بالإمكان إزالتها أو تغييرها إلا إذا كان هناك تجديد وتكييف مبدع وخلاّق لمفهوم المصالحة والشراكة يستطيع المواءمة بين الواقع القائم اليوم في قطاع غزة وبين المصلحة الوطنية الفلسطينية التي تقتضي إيجاد صيغة فلسطينية واحدة موحدة إزاء العالم الخارجي كالفيدرالية مثلا.

وإذ قلت بأن سد الطريق أمام إعادة الوحدة الوطنية والشراكة بين فتح وحماس يحظى بدعم وتأييد عناصر قوية داخل حماس فإنني أستند في ذلك الى ظاهرة ملفتة للنظر تتلخص في محاولة بعض المتنفذين في حماس البحث دائما ً عن أسباب ومبررات للتهرب من استحقاق المصالحة وشهدنا ذلك مؤخرا ً في استغلال إعادة العلاقات بين السلطة وإسرائيل الى ما كانت عليه قبل 19-5-2020 بما في ذلك التنسيق الأمني ، وكذلك العودة للحديث عن التزامن في إجراء الإنتخابات بعد أن كانت هناك موافقة على التدرج بأن يكون البدء أولا ً بانتخابات للمجلس التشريعي تليها انتخابات رئاسية ثم التفرغ لإعادة بناء المنظمة من خلال تشكيل مجلس وطني يقوم على أساس الانتخابات أنى كان ذلك ممكنا ويكون فيه المجلس التشريعي هو حصة قطاع غزة والضفة بما فيها القدس في ذلك المجلس.

أما فيما يتعلق بإعادة العلاقات والتنسيق الأمني مع إسرائيل فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل صدّقت حماس حين إعلان السلطة عن وقفه أنه فعلا ً قد توقف أم أنها كانت كالنعامة تدس رأسها في الرمال ولا تريد أن تقر بأنه في جوهره لم يتوقف لأنه لا يمكن أن يتوقف بشكل مطلق !؟

ليس هذا فحسب بل هل تستطيع حماس أن تنكر بأنها هي الأخرى لم توقف علاقاتها مع إسرائيل ولو ليوم واحد وأن الطائرات القطرية التي كانت تهبط في مطار اللد (تل أبيب) محملة بالحقائب التي تحتوي كميات نقدية بملايين الدولارات من قطر الى غزة لم تكن لتستطيع الهبوط هناك ونقل الأموال الى القطاع عبر إسرائيل لو لم تكن هناك علاقات وتنسيق مع إسرائيل حتى لو كان بذريعة أنه يتم من خلال طرف ثالث ؟

مصيبة الشعب الفلسطيني هي أنه أصبح مختطفا ً من قبل حركتين متصارعتين على النفوذ لا تستطيع أي واحدة منهما حسم الصراع لصالحها ولا تريد أي منهما التنازل عن برنامجها ، الذي يعني وجودها ، الى الأخرى . ومع ذلك فإن استمرارهذا الصراع أصبح يُشكل غطاء لاستمرار تنفيذ المخطط الإستيطاني التوسعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي سيوصلنا في يوم قريب الى الاستنتاج بأنه لم يعد هناك مكان للدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 كما يتشدق المتحدثون عن حل الدولتين !

ورغم الصورة القاتمة إلا أننا في اللحظات الأخيرة قبل منتصف الليل وما زالت أمامنا دقائق قليلة يمكن أن تُستغل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إذا قبلت كلتا الحركتين بتحقيق المعجزة المتمثلة بالتوافق على إجراء انتخابات تشريعية وتجديد الشرعية للمؤسسات التي تحكم وتتحكم بالشأن الفلسطيني وتمكين المجلس المنتخب بشفافية ونزاهة من أن يكون الأداة التي تقرر ما هو الخيار الذي يريده ذلك الجزء من الشعب الفلسطيني المقيم داخل الأراضي المحتلة والذي يستطيع هو أن يمارس على الأرض الفلسطينية الشكل الذي يراه لاستمرار النضال من أجل تحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية بعد قرن من الصراع وبعد عشرات الآلاف من الضحايا من شهداء ومفقودين وأسرى وجرحى لا يجوز ولا يمكن أن تضيع تضحياتهم سدى. وهذا الجزء من الشعب الصامد على أرضه هو النواة وهو رأس الحربة وطليعة المسيرة لإعادة التواصل ومشاركة المصير مع أشقائه في الشتات لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت وستبقى البيت الوطني والهوية لكل مكونات الشعب الفلسطيني على اختلاف ألوانهم السياسية ومواقعهم الجغرافية على مساحة العالم.

فليكن شعار المرحلة هو انتخابات تشريعية كخطوة أولى ملحة والبدء بالخطوات العملية لتحقيها وليتحمل كل من يقف في طريق ذلك ويحاول منع إجرائها بشتى الذرائع الواهية المسؤولية التاريخية في ضياع القضية.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: زياد أبو زياد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *