صفاقة القرن في ميزان القانون الدولي


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

بقلم : عبد الحميد صيام

لم يتوقع أحد أن تصل الصلافة برئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، إلى هذا المستوى ليقدم رزمة من الهدايا لمجرم الحرب نتنياهو أمام عيون العالم، ولكن ليس من أملاكه الخاصة أو من أملاك الدولة التي يرأسها ولكن من أرض الشعب الفلسطيني ومدنه وقراه وعلى حساب مستقبله وتاريخه وتراثه. وقد نجد ألف سبب لرفض الصفقة التي أفضل أن أسميها “صفاقة القرن” ولكنني سأترك ذلك جانبا وسأتناول في هذا المقال المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي انتهكتها هذه الرزمة من الهدايا المجانية الموغلة في عنصريتها ووقاحتها أمام حفنة من شهاد الزور لنرى كيف أن رجل الأعمال الهابط من برجه العاجي إلى ميدان السياسة بالمظلة يدوس على مبادئ القانون الدولي حيث لعبت بلاده دورا محوريا في صياغتها. الرجل يبدو مفتونا بعنجهية القوة متبنيا للمشروع الصهيوني في طبعته الأكثر تطرفا، مزايدا على جابوتنسكي وشامير وبيغن وشارون. وسأقتصر هنا بالمرور على أهم المواد في القرارات والاتفاقيات الدولية المهمة التي تنتهكها هذه الصفقة تاركا التحليل والاستنتاج للقراء.

القانون الدولي لا يصنعه أفراد ولا رئيس قوي أو ضعيف ولا دولتان أو ثلاث أو عشر. إنه مجموعة من القواعد والقوانين والمعايير التي يتم التفاوض على كل بند فيها بين المجموعات الجغرافية والتي تمثل كل الثقافات والأديان والأعراق واللغات، إلى أن يتم التوصل إلى الصيغة النهائية للقرار أو المعاهدة أو الاتفاقية أو العقد أو العهد ثم تبدأ عملية التصويت (القرارات) أو التصويت والتصديق في حال المعاهدات إلى أن تدخل حيز الإلزام فتصبح جزءا من منظومة القانون الدولي النافذ حتى على الدول التي عارضتها أو تحفظت عليها.

وسنقتبس من مواد القرارات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ما يشير إلى موقع الانتهاك الذي ارتكبه ترامب:

أولا: الصفقة تنتهك ميثاق الأمم المتحدة (1945)

المادة 1 – البند 2: إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها.

المادة 2 – البند 3: يفضّ جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.

الفصل الخامس- البند 25: يتعهد أعضاء “الأمم المتحدة” بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق.

ثانيا: الاتفاقية تنتهك قرار الجمعية العامة 194 (1948) بخصوص اللاجئين الفلسطينيين

 

  1. تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة. وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات.

ثالثا: الصفقة تنتهك قرار 302 (1949) الذي أنشأ وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين

البند رقم 7: تؤسس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى:

أ‌) لتقوم بالتعاون مع الحكومات المحلية بالإغاثة المباشرة وبرامج التشغيل، حسب توصيات بعثة المسح الاقتصادية.

ب‌) لتتشاور مع الحكومات المهتمة في الشرق الأدنى، بشأن التدابير التي تتخذها هذه الحكومات تمهيدا للوقت الذي تصبح فيه المساعدة الدولية للإغاثة ولمشاريع الأعمال غير متوفرة.

رابعا: الصفقة تنتهك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)

المادة 2: لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.

خامسا: الصفقة تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة (1949)

البند 49: يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه.

سادسا: الصفقة تنتهك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965)

المادة 1: في هذه الاتفاقية، يقصد بتعبير “التمييز العنصري” أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.

المادة 4: تشجب الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله.

سابعا: الصفقة تتنتهك مبدأ عدم الاستيلاء على الأرض بالقوة كما نص قرار 242 (1967)

يؤكد (مجلس الأمن) عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، والحاجة إلى سلام عادل ودائم تستطيع أن تعيش فيه كل دولة في المنطقة بأمن.

 

ثامنا: الصفقة تنتهك كل القرارات المتعلقة بالقدس (1980)

تبدأ القرارت المتعلقة بالقدس بقرار التقسيم (1947) الذي عامل القدس ك “كيان مستقل” تحت وصاية الأمم المتحدة ثم اعتمد بعد ذلك نحو 8 قرارات. وأهمها القراران 476 و 478 لعام 1980.

(1980) القرار 476

 3: يؤكد مجددا أن جميع الإجراءات والأعمال التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، القوة المحتلة، والرامية إلى تغيير معالم مدينة القدس الشريف ووضعها، ليس لها أي مستند قانوني وتشكل خرقا فاضحا لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، كما تشكل عقبة جدية أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط.

4: يؤكد أن كل هذه الإجراءات التي غيرت معالم مدينة القدس الشريف ووضعها الجغرافي والسكاني والتاريخي هي إجراءات باطلة أصلا، ويجب إلغاؤها وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة.

القرار 478 (1980)

2: يؤكد أن مصادقة إسرائيل على “القانون الأساسي” تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، ولا تؤثر في استمرار انطباق اتفاقية جنيف الرابعة الموقعة في 12 آب/أغسطس 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967بما في ذلك القدس.

 3: يقرر أن جميع الإجراءات والأعمال التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، القوة المحتلة، والتي غيرت معالم مدينة القدس الشريف ووضعها واستهدفت تغييرها، خصوصاً “القانون الأساسي” الأخير بشأن القدس، هي إجراءات باطلة أصلاً ويجب إلغاؤها.

5: (يدعو المجلس) الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس إلى سحب هذه البعثات من المدينة المقدسة.

تاسعا: ينتهك كافة قرارات مجلس الأمن المتعلقة بلا شرعية المستوطنات

446(1979) و452 آ(1979) و465 (1980) وآخرها 2334 (2016) الذي ينص على:

1: يؤكد (مجلس الأمن) من جديد على أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وسلام عادل ودائم وشامل.
2: يكرر مطالبته إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بأن توقف على الفور وبشكل كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم بشكل تام جميع التزاماتها القانونية في هذا المجال.

عاشرا: الصفقة تنتهك الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية (2004)

– استنتجت المحكمة أن بناء الجدار يعد تحركا لا يتطابق مع عدد من الالتزامات القانونية الدولية كما ذكرت المحكمة إسرائيل بانتهاكات الحقوق الناجمة عن بناء الجدار الفاصل، وهي تقييد حرية تنقل الفلسطينيين، وحقهم في العمل والرعاية الصحية والتعليم ومستوى عيش لائق.

 – تعتبر المستوطنات التي أقامتها (إسرائيل) على الأراضي الفلسطينية المحتلة، انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي. فبناء الجدار والقواعد المرتبطة به، تنشئ أمراً واقعاً يعيق ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، إخلالا بالتزام (إسرائيل) باحترام ذلك الحق.

– في ما يتعلق بمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، تلاحظ المحكمة أن وجود (شعب فلسطيني) لم يعد موضوعاً للنقاش، وقد اعترفت إسرائيل بهذا الوجود خلال تبادل الخطابات بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 1993 بين ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، واسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل، وخلال تلك المراسلات، اعترف رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بحق دولة إسرائيل في الوجود بسلام وأمان، وتقدم بعدة تعهدات أخرى.

– بناء على ذلك، فإن إسرائيل ملزمة بإعادة الأراضي والبساتين، وحقول الزيتون وغيرها من الممتلكات غير المنقولة التي استولت عليها من أي شخص طبيعي أو قانوني لأغراض بناء الجدار في المناطق الفلسطينية المحتلة. وفي حال تعذر القيام بمثل ذلك يتم التعويض على الصعيد المادي، فإسرائيل ملزمة بالتعويض على الأشخاص المعنيين عن الضرر الذي عانوه.

والسؤال الأخير هل يستغل الفلسطينيون كل هذه القوانين الملزمة ويستصدرون العديد من القرارات الدولية التي تدين موقف ترامب وتتركه وحيدا إلى جانب نتنياهو وفي الوقت نفسه يصعدون من نضالهم الشرعي والقانوني والجماهيري لإسقاط الصفقة مدعومين بقوة الحق والقانون؟

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: فريق التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *