تأملات في الكتابة


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

 

الكتابة عملية صعبة ومركبة، لها شروطها ومستلزماتها، وتحتاج الى مراكمة التجربة والتمرس، بالاضافة الى تدريب الموهبة. كما أن الكتابة، تتطلب مسؤولية ودقة.

تختلف الكتابة من نوع الى آخر، ومن موضوع الى موضوع، فالكتابة العلمية والبحثية، تختلف عن الكتابة الأدبية والإبداعية، فالأولى، لها مبناها ونظمها وأشكالها المعروفة والملزمة، بينما الأخرى تتطلب الجاهزية النفسية، والقابلية الوجدانية، وضرورة الوصل بين العقل والمشاعر، وبين الواقعي والمتخيل. في مجال الكتابة الأدبية والإبداعية، هنالك أنواع متعددة من الأجناس الأدبية: فكتابة المقالة الصحفية تختلف عن نظم الشعر أو حبك الرواية أو سبك القصة أو سرد السيرة أو صياغة الخاطرة أو الخطبة أو كتابة الرسالة أو المسرحية..الخ.

لكي يتمكن الإنسان من الكتابة، فهو بحاجة الى التحرر من قيود ومعيقات وأفكار مسبقة، مثل عدم الثقة بالذات أو التخوف من وقع الكلام على الآخرين وطريقة تجاوبهم معه، أو الرقابة واختيار الموضوع ومدى راهنيته، أو الإعتقاد بأن الكتابة غير مجديه، أو التخبط المستدام، بين ما يجب البوح به، وبين ما يجب إبقاءه طي الكتمان.

هنالك من يعتقد موهوما، بأن كل جملة يكتبها يجب أن تصبح جملة مأثوره تنقش على الصخور وتعلق على الجداريات، وتخط على أحجار كريمة تزين سلاسل وإكسسوارات الشباب والصبايا..الخ، مما يسبب في كثير من الأحيان، الإحباط ويخلق حالة من الإنسداد. وفي المقابل، هنالك من يعتقد ليس هنالك شيئا جديدا يجب قوله، فكل شيء قيل وكُتب وتم تداوله، فما الحاجة الى الكتابة؟

يجب التمييز بين الكتابة والنشر. فليس بالضرورة كل ما يُكتب يجب أن يُنشر، فالكتابة المسؤولة هي الكتابة المتريثة والتي تحفر في الأعماق وتطرح الأسئلة وتحاول الإجابة عنها وتنقد هذه الإجابات وتستخرج أسئلة جديدة.

هنالك كتابات تساهم في تداول قضايا مطروحه وهنالك كتابات تساهم في طرح قضايا على جدول الأعمال و إثارة الرأي العام واستنهاض الوعي.

الكتابة بحاجة إلى الاستغراق والغوص، الكشف والبحث من أجل انتشال الحقيقة من الآبار المعتمة وإزالة التراب عن مواقع دفنها. فالحقيقة ليست دائما واضحة، فهنالك حاجة إلى من يقوم بإيضاحها، وخصوصا أننا نعيش في عصر يعمل الكثيرون على طمس الحقيقة وتزويرها وتحريفا بما يتلائم ومصالحهم الشخصية والفئوية.

هنالك اختلاف بين أشكال صيرورة الكتابة، من حيث الكتابة على الورق (سواءً بقلم حبر أو. بقلم رصاص) أو على الحاسوب أو على الهاتف النقال. لكل شخص طقوسه وعاداته وأسلوبه ومواقيته.

هنالك أسئلة مهمة حول لماذا نكتب؟ ولمن نكتب؟ وحول ماهية وطبيعة العلاقة بين القراءة والكتابة والكلام.

الكتابة مهمة جدا، لأنها سيرورة، قد لا تُعرف بدايتها وقد لا تُعرف نهايتها. ولذلك فالتجربة والسيرورة ذاتهما جديرتين بالاهتمام. كما أن الكتابة تتنقل بين العقل الواعي واللاواعي، بين الشك واليقين، بين السعادة والتعاسة، بين الإبطاء والإسراع…

الكتابة مُهمة لأن أضعف حبر أقوى من أي ذاكرة فالكتابة تحفظ الذاكرة وتوثق.

الكتابة مهمة لإنها تساهم في فهم الذات وفهم الآخر وفهم الواقع وتطرح أسئلة وتلتقط لحظات وموضوعات قد لا يُلتفت اليها إلا من خلال الكتابة.

الكتابة تمنحها ذاتك، تحاورها فتحاورك تستشيرها فتشير عليك، حتى ولو أبدت في بعض الأحيان تمنعا ورفضا.

الكتابة بمقدورها مراجعة وتقويم الماضي والتأمل في الراهن واستشراف المستقبل بما في ذلك من متعة ومعاناة.

إحدى معيقات الكتابة هي التحرير والتدقيق اللغوي والدقة في الإملاء والقواعد، ولذلك ممكن التعلم أو الاستعانة بالمختصين بهذا المجال.

الكتابة إنتاج للمعرفة وشعور بالحرية( حتى لو تم دفع ثمنها)، ومصدر من مصادر القوة مقابل أي سلطة.

 

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: علي أحمد حيدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *