الاستعراض الإيراني والرد الإسرائيلي


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

ماذا كشف الهجوم الإيراني على إسرائيل؟ كيف سترد تل أبيب على أول حملة جوية من داخل الأراضي الإيرانية؟

يمكن الحديث عن نقاط محددة كشفتها غزوة المسيرات والصواريخ، هنا بعضها:

أولا، استعراض عسكري: بعد قصف تل أبيب القنصلية الإيرانية في دمشق وقتل قادة من “الحرس الثوري” الإيراني، أعلن “المرشد” علي خامنئي أن إسرائيل “ستدفع الثمن”. بعدها، جرت وساطات تسمح لطهران بتوجيه ضربة انتقامية من دون أن تؤدي إلى تفجر حرب إقليمية. وفي ليلة 13-14 أبريل/نيسان، أطلقت إيران علنا أكثر من 300 من مسيراتها وصواريخها، ما أعطى الوقت الكافي لإسرائيل وحلفائها لقطع الطريق عليها. واضح من كل ذلك رغبة إيرانية بـ”استعراض” في الإقليم.

ثانيا، فجوة عسكرية: قد يكون لدى إيران قدرات صاروخية و”مسيراتية” أكثر تطورا من التي استخدمت، لكن الحملة، أظهرت الفجوة العسكرية الهائلة بين الطرفين. بالفعل، لم يصل إلا القليل من المسيرات والصواريخ إلى إسرائيل، من دون حصول أي تدمير أو إصابات بشرية.

ثالثا، حلفاء إسرائيل: بعد انتقادات علنية وضمنية من الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحربه في غزة، عادت إدارة بايدن وقدمت مع بريطانيا وفرنسا، دعما عسكريا كاملا، وشاركت في حملة مضادة لإسقاط المسيرات والصواريخ قبل وصولها إلى إسرائيل. أكد الهجوم الإيراني الدعم الغربي المطلق لإسرائيل.

رابعا، حلفاء إيران: أظهر الهجوم الشقوق في “حلف الممانعة”. فبعض الوكلاء لم يكونوا قادرين على المشاركة سوى برشقات رمزية وبيانات صحافية (فصائل عراقية لم تكن تريد إحراج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عشية لقائه بايدن)، بعضهم الآخر نأى بنفسه عن التصعيد. كان واضحا أن الرئيس السوري بشار الأسد لا يريد أن يكون طرفا في المواجهة الإيرانية- الإسرائيلية، مع أن قسما من الحرب كان يحصل في الأجواء السورية.

أمصار عربية بين فكي إيران وإسرائيل، اذ كانت سوريا والعراق ولبنان ساحات للمواجهة بينهما

خامسا، المسارح العربية: كانت سوريا والعراق ولبنان (والأردن) ساحات للمواجهة الإسرائيلية- الإيرانية. طائرات أميركا وحلفائها استخدمت الأجواء العربية في سوريا والعراق على الأقل، لإسقاط المسيرات والصواريخ ما أظهر حجم الانكشاف الجوي وغياب السيادة فيهما. أمصار عربية بين فكي إيران وإسرائيل.

سادسا، روسيا: موجودة عسكريا في سوريا ولديها منظومة صواريخ “إس 400″، و”إس 300″، و”إس 300 متطورة”، لكنها كانت غائبة عن المواجهة العسكرية. فضلت الحياد بين “حليفين”، فهي تريد إبقاء إيران ضعيفة وبحاجة لها في سوريا والشرق الأوسط، باعتبار أن موسكو تحتاج مسيرات إيران في أوكرانيا، ولا تريد المس بكينونة إسرائيل.

سابعا، الردع: كانت إيران تريد استعادة الردع بعد قصف قنصليتها في دمشق واستهداف كبار علمائها وقادتها في إيران والإقليم. إسرائيل أيضا تريد استعادة الردع بعد هجوم “حماس” غير المسبوق من غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول. أظهرت حملة 13 أبريل، فشلا إيرانيا في استعادة الردع وقدرة إسرائيلية على توفير مظلة جوية هائلة في دائرة واسعة من جوارها الإقليمي.

هل يكفي إسرائيل استيعاب الهجوم الإيراني أم إنها تريد تأكيد الهيمنة والفوقية الإسرائيلية في الشرق الأوسط؟

لكن، هل يكفي إسرائيل استيعاب الهجوم الإيراني أم إنها تريد تأكيد الهيمنة والفوقية الإسرائيلية في الشرق الأوسط؟ كيف سترد تل أبيب على هذا الهجوم؟

بداية، هذا الهجوم- رغم استعراضيته- غير مسبوق، لأنه يمس “فكرة إسرائيل” وكينونتها، بشكل يفوق في أبعاده الحروب العربية السابقة في 1948 و1967 و1973 وغيرها. لذلك، قد تسعى تل أبيب إلى عمل لاستعادة الردع والفوقية، وهنا بعض الاحتمالات:

أولا، ضرب وكلاء إيران: تشمل الخيارات العسكرية لتل أبيب ضربات لحلفاء إيران ووكلائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن. سبق وأن شنت ضربات كثيرة مماثلة، وقد تفكر في توجيه حملة أعمق وأشمل ولأيام أطول على أصول “الحرس” الإيراني في ساحات عربية قديمة أو جديدة، وقد توسعها لتصل إلى “الحوثيين” في اليمن. وهو ما يطرح أسئلة عن الجدوى وأهمية مشاركة أميركا وعدم مس استقرار العراق وتوازنات إقليمية.

ثانيا، ضربات مباشرة لإيران: إذا قامت إسرائيل بالانتقام من إيران نفسها، فإن مستوى الدعم من الولايات المتحدة ودول أخرى سيكون حاسما في تحديد ما إذا كانت الأزمة ستتصاعد إلى ما هو أبعد من إسرائيل وإيران فقط. فتنفيذ عمل كهذا يتطلب مشاركة أميركية مباشرة في عمل القاذفات الإسرائيلية، ما يطرح احتمال رد طهران على مصالح أميركية (أو غيرها) في المنطقة.

أحد الردود قد يكون بتفعيل الاتصالات لتشكيل تحالف إقليمي بغطاء دولي ضد إيران وتهديداتها

ثالثا، غزة و”حزب الله”: طوى الهجوم الإيراني قسما كبيرا من الانتقادات لانتهاكات إسرائيل في غزة. ستتراجع الأصوات الغربية (والعربية) الناقدة لتل أبيب. قد تعتبر حكومة نتنياهو هذا “تفويضا” لاستكمال الحرب وأهدافها في غزة وربما في عملية رفح المتنازع عليها مع إدارة بايدن. قد تختار تصعيدا عسكريا لمستوى جديد ضد “حزب الله” في لبنان، ذراع طهران الرئيسة في الإقليم، ما يفتح أيضا الرد الإيراني.

رابعا، البرنامج النووي: إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وقعت اتفاقات مع إيران حول البرنامج النووي في 2015. ادارة الرئيس دونالد ترمب انسحبت من الاتفاق في 2018. ادارة بايدن فاوضت طهران للعودة، لكنها لم تصل لاتفاق وماتت المفاوضات في 2022. إسرائيل دمرت البرنامج النووي العراقي في 1981 والبرنامج النووي السوري في 2007. هل تسعى تل أبيب لتدمير البرنامج النووي الإيراني؟ أي هجوم يتطلب انخراطا أميركيا. هل ادارة بايدن في هذه “المرحلة”؟

خامسا، عقوبات وحصار: ستسعى إسرائيل لدفع دول غربية لفرض عقوبات على كيانات إيرانية وتصنيف “الحرس” منظمة إرهابية. تم طرد إيران من منظمة المرأة التابعة للأمم المتحدة، ستعمل تل أبيب على طردها من مؤسسات أممية أخرى، لفرض مزيد من العزلة الدولية على طهران.

سادسا، تحالفات إقليمية: أحد الردود قد يكون بتفعيل الاتصالات لتشكيل تحالف إقليمي بغطاء دولي ضد إيران وتهديداتها. حرب غزة أرجأت بعض الاتصالات. الهجوم الإيراني ستستغله إدارة بايدن لاستئناف الاتصالات لمأسسة التعاون. بدأ الحديث عن ذلك، إذ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الهجوم أظهر ضرورة تشكيل “جبهة دولية”، و”تحالف إقليمي”، ضد تهديدات إيران.

مثلما كان هجوم 7 أكتوبر لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة، سيكون استعراض إيران في 13 أبريل نقطة انعطاف كبيرة ستظهر ملامحها في اتصالات وغارات ومفاوضات وصفقات تحصل في المرحلة المقبلة، خصوصا ما تبقى قبل انشغال إدارة بايدن في انتخابات آخر العام.

عن المجلة

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: إبراهيم حميدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *