يوم سقطت حيفا !


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

تصادف اليوم الذكرى الثالثة والسبعون لسقوط حيفا العربية . إحدى أهم الحواضر المدنية في فلسطين والشرق الأوسط قاطبة .

سقطت حيفا وكان لسقوطها المدوي بالغ الأثر السيئ على قرى قضائها  والتي تهاوت الواحدة بعد الأخرى بعد سقوط المدينة الأم . بل بلغ هذا التأثير كافة أنحاء فلسطين .بعد السقوط جرى تهجير الغالبية الساحقة من سكانها العرب الذين بلغ عددهم 68000 ألفا ، ولم يبق فيها إلا بضعة آلاف . منذ ذلك التاريخ تغير الكثير من معالم حيفا ولكن بالمقابل بقي الكثير من مبانيها وأسواقها وأحيائها . بقي سحر بحرها وجمال كرملها .

ماذا يعني للفلسطيني سقوط حيفا ؟

في مثل هذا اليوم  وبمثل ساعات هذا المساء تحديدا وقبل ثلاث وسبعين سنة  ، كانت السفن والبوارج البريطانية وسفن أخرى من  جنسيات وأهواء وأهداف مختلفة منشغلة بنقل مهجرّي حيفا  من مدينتهم وموطنهم ومسقط رأسهم . لمعظم أصحاب السفن والناقلين  كانت فرصة لجني الأرباح  على أكتاف وجيوب أولئك البائسين الداخلين – في حينه – عالم المجهول الذي آل بهم إلى الشتات والمنافي اللامتناهية .

كم خسروا وكم خسر الفلسطينيون في ذلك اليوم المشؤوم  . خسروا بيوتهم وأملاكهم وإطلالتهم على البحر ، خسروا روائح السوق القديم  التي صنعها  خليط الفسيفساء من البشر الذين شدتهم حيفا فجاؤوا إليها وأقاموا فيها ، خسروا الأجواء الثقافية التي ازدهرت  في العقد الأخير من عهد الانتداب بحيث أخذت تراوح وتضاهي أجواء يافا . خسرت عشرات المقاهي والنوادي والمسارح ودور السينما وفرق كرة القدم وملاعب التنس . تغيرت أسماء شوارعها وأحيائها  وتبدلت سحنات معظم سكانها .  وعن أسباب سقوط حيفا وظروفه كنت قد كتبت في سلسلة ” من دفاتر النكبة ” وقلت : ”  في بداية نيسان، وفي السادس حتى الثامن منه على وجه التحديد، فشل الهجوم الذي كانت قد شننته قوات جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي على كيبوتس “مشمار هعيمق”. وقد كانت النتيجة المباشرة لهذا الفشل هجوم يهودي مضاد احتلت من خلاله قرى قيري وأبو شوشة وأبو زريق والغبيات والنغنغية وهجر أهلها، في حين تم عزل قرى أخرى كثيرة في منطقتي بلاد الروحة والكرمل الجنوبي. وفي الثامن والتاسع من الشهر ذاته توالت الضربات القاصمة في استشهاد عبد القادر الحسيني، قائد جيش الجهاد المقدس وسقوط القسطل في الثامن ومذبحة دير ياسين التي صاحبت سقوط تلك القرية وجاراتها غداة ذلك اليوم.

هذه الأحداث وغيرها زعزعت بشكل كبير معنويات المدافعين عن مدينة حيفا وأعضاء اللجنة القومية فيها، وقد تكون قد ساهمت في انهيار المقاومة في العشرين منم نيسان ومن ثم سقوط المدينة النهائي في الثاني والعشرين بعد معارك دامية في بعض المواقع خاصة في محيط مقر منظمة النجادة ومسجد الشيخ عبد الله.

ولكن الحدث الذي سبق ذلك كله وقضى بشكل شبه نهائي على أمل الحيفاويين بالدفاع عن مدينتهم كان، بلا شك، سقوط قافلة الذخيرة والعتاد التي قادها الضابط الأردني الشهيد محمد الحنيطي، قائد حامية حيفا، في كمين للقوات اليهودية على مشارف حيفا الشمالية قرب مستوطنة “قريات موتسكين”، ذلك الكمين الذي استشهد فيه بالإضافة للحنيطي المجاهد سرور برهم، قائد جمعية الكف الأسود في حيفا وأحد تلامذة الشيخ عز الدين القسام البارزين. كما وأصيب في الكمين ذاته الشيخ محمد نمر الخطيب رئيس جمعية الاعتصام الحيفاوية وأحد أهم أعضاء اللجنة القومية في حيفا. ”

بسقوط الحنيطي  وبرهم  ( الذي لم يجد اسماهما سبيلا للتخليد والذكرى إلا القليل )  وبمغادرة معظم قيادات الطبقية المدنية الارستقراطية قبل ذلك ونزوح معظم القرويين إلى قراهم  التي جاؤوا منها في الأصل ، سقطت حيفا وفضت – بعنف وبقسوة –  بكارة عروس البحر الأبدية  .

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: مصطفى كبها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *