تقديم: يشكل إنصاف المحكمة البريطانية في الخامس من شباط /فبراير لأستاذ علم الاجتماع ديفيد ميلر- الذي تم فصله تعسفيا من عمله في جامعة بريستول بسبب “معتقداته المعادية للصهيونية” واتهامه الجائر بمعاداة السامية، رغم أن المعتقدات الفلسفية محمية بموجب المادة 10 من قانون المساواة لعام 2010″- وصدور الحكم لصالحه، يشكل إنجازا مهما وسابقة قانونية بالغة الأهمية تشجع بمحاكاتها، في عشرات الدعاوى الممكن رفعها ضد آلاف القرارات التعسفية التي صدرت بحق المدافعين عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان. خصوصا في ضوء الحملات المستعرة في الغرب لتجريم معاداة الصهيونية وانتقاد سلوكيات إسرائيل الإجرامية بمساواتها بمعاداة السامية. والتي نجحت في الأونة الأخيرة بإقالة ثلاث رؤساء لأهم الجامعات الأمريكية، وعديد الأكاديميين المرموقين في جامعات الدول الغربية. في أشرس حملة لقمع حرية التعبير لتكميم الأفواه المعارضة للصهيونية والعنصرية حيث تعرض الآلاف من الأكاديميين والموظفين للفصل التعسفي، بسبب معارضتهم لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطيني . ومطالبتهم بوقف فوري للعدوان، ومناداتهم بتساوي حقوق جميع الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير. ويؤمّل – كما أشار محامي ميلر – أن يشمل الحكم القضائي سابقة في مواجهة الأيديولوجية الصهيونية العنصرية والحركات التي ترتبط بها .

وفيما يلي ترجمة للمقال:

حصل أستاذ علم الاجتماع الذي طردته جامعة بريستول بعد اتهامه بتعليقات معادية للسامية على قرار “تاريخي” بعد تعرضه للتمييز بسبب معتقداته المعادية للصهيونية.

وقد قضت محكمة العمل بأن البروفيسور ديفيد ميلر قد تم فصله بشكل غير عادل، وأن “معتقداته المعادية للصهيونية مؤهلة كمعتقد فلسفي وكخاصية محمية بموجب المادة 10 من قانون المساواة لعام 2010”. وأشادت شركة رحمان لوي، الشركة القانونية التي مثلت ميلر، بالقرار ووصفته بأنه “قرار تاريخي”. وقالت: “هذا الحكم يثبت لأول مرة على الإطلاق أن المعتقدات المعادية للصهيونية محمية في مكان العمل”.

وقال اتحاد الطلاب اليهود إن حكم يوم الاثنين “قد يشكل سابقة خطيرة بشأن ما يمكن أن يقال بشكل قانوني في الحرم الجامعي عن الطلاب اليهود والمجتمعات التي يعيشون فيها . وهذا سيجعل الطلاب اليهود أقل أمانا في نهاية المطاف”.

أثار ميلر جدلا في البداية في العام 2019 عندما استشهد في محاضرة بالصهيونية باعتبارها واحدة من خمسة مصادر لكراهية الإسلام، وأظهر رسما تخطيطيا يربط الجمعيات الخيرية اليهودية بجماعات الضغط الصهيونية. وقد رفضت الجامعة الشكاوى -على أساس الحرية الأكاديمية – بأن القول بأن اليهود يمارسون تاثيرا سريا على الشؤون السياسية، يشبه المجاز المعادي للسامية.

ومنذ ذلك الحين، أدت تعليقات ميلر في محاضراته على الإنترنت التي وصفت إسرائيل بأنها “عدو السلام العالمي” ووصف الجمعية اليهودية بأنها “جماعة ضغط إسرائيلية” قامت “بتصنيع الهستيريا” حول تعليمه، إلى تأجيج التوترات.

وقع الأكاديميون في جميع أنحاء العالم على رسائل متعارضة. ووصف أحدهم آراء ميلر حول الصهيونية بأنها نظرية مؤامرة “مستهجنة أخلاقيا” وتعرض العلاقات المجتمعية في الحرم الجامعي للخطر.بينما حذر آخر من أن التحقيق معه يثير “ثقافة الرقابة الذاتية والخوف”، وحث الجامعة على الدفاع عن حرية التعبير.

وتزعم قضية ميلر أنه تعرض لحملة منظمة من قبل مجموعات وأفراد معارضين لآرائه المناهضة للصهيونية، والتي كانت تهدف إلى ضمان إقالته. وقال إن الجامعة أخضعته إلى “إجراءات سوء سلوك تمييزية وغير عادلة، بلغت ذروتها في نهاية المطاف بفصله بإجراءات موجزة”.

قالت الجامعة، آنذاك، إنه على الرغم من أن المستشار القانوني وجد أن تعليقات ميلر المزعومة “لا تشكل خطابا غير قانوني”، إلا أن جلسة استماع تأديبية خلصت إلى أنه “لم يستوف معايير السلوك التي نتوقعها من موظفينا”.

وفي الحكم المؤلف من 108 صفحات، والذي صدر يوم الاثنين، قضت محكمة التوظيف في بريستول بأن ميلر تعرض للتمييز على أساس معتقده الفلسفي، ونجح في مطالبته بالفصل التعسفي.وقال زيل الرحمن، محامي ميلر، إن القضية “تمثل لحظة محورية في تاريخ بلادنا، بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بدعم حقوق الفلسطينيين”. وسيكون هذا الحكم موضع ترحيب من قبل الكثيرين الذين يواجهون في الوقت الحالي الاضطهاد في أماكن عملهم بسبب التحدث علنا ضد جرائم الدولة الإسرائيلية والإبادة الجماعية التي تحدث في غزة.

وأضاف أن ميلر سيسعى للحصول على “أقصى تعويض”. وقضت المحكمة بتخفيض أي تعويض إلى النصف “لأن فصل المدعي كان هو سببه، أو ساهم فيه بأفعاله”.

وقال ميلر إنه “فخور للغاية بأننا تمكنا من إثبات أن الآراء المناهضة للصهيونية مؤهلة لتكون معتقدا محميا بموجب قانون المساواة في المملكة المتحدة. وكان هذا هو السبب الأهم لرفع القضية، وآمل أن تصبح سابقة في كل المعارك المستقبلية التي نواجهها مع الأيديولوجية العنصرية للصهيونية والحركة التي ترتبط بها” والإبادة الجماعية.

وقالت جامعة بريستول إنها تشعر “بخيبة الأمل”، مضيفة: “نحن ندرك أن هذه الأمور تسببت في قلق عميق للكثيرين، وأن أعضاء مجتمعنا لديهم وجهات نظر مختلفة تماما عن بعضهم البعض. ولذلك فإننا نشجع الجميع على الاستجابة بطريقة مسؤولة وحساسة في ظل المناخ السائد .

عُقدت جلسة المحكمة في تشرين الأول/أكتوبر/، بعد أيام فقط من ارتكاب حماس فظائع ضد الإسرائيليين الذين يعيشون بالقرب من حدود غزة، وإشعال حرب دمرت غزة وخلفت أكثر من 27 ألف قتيل.وشهدت الأشهر الأربعة الماضية انقسامات مريرة في جميع أنحاء العالم حول هذه القضايا.

لكن الخلفية الأطول لمحكمة ميلر ظهرت في حرم الجامعات على وجه الخصوص، في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأماكن أخرى، مع التركيز على حرية التعبير، وتعريف معاداة السامية وما إذا كانت معاداة الصهيونية تعني معاداة اليهود.

عن الجارديان

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *