يجب نزع فتيل القنبلة الاستراتيجية في الضفة الغربية
العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي أمس وسط ضجة كبيرة ترافقت بعناوين مبالغ فيها، مثل “أكبر عملية منذ عملية السور الواقي” وحتى “عملية غير مسبوقة”. الواقع يبدو أقل إثارة، لكنه ليس أقل أهمية : من حيث حجم القوات فإن عملية “بيت وحديقة” في جنين قبل عام كانت اكبر والفرق الآن ينبع من عمل الجيش الإسرائيلي في ثلاثة قطاعات في نفس الوقت – طولكرم وجنين وشمال غور الأردن – من أجل تحييد القنبلة الاستراتيجية الموقوتة في الضفة الغربية.
هذه المناطق ليس فقط أنها تعج بالإرهاب ، بل إنها أيضا تشهد عملية متسارعة للتحول إلى مايشبه غزة بما في ذلك طوفان من العبوات الناسفة القياسية وتوجيه احترافي من إيران، وقدر كبير من الجرأة . وغني عن القول أن مثل هذه العملية لم يكن من الممكن إطلاقها قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) حيث أن القيادة السياسية والهيئة الأمنية لم يرغبا في االتعرض لخطر إطلاق الصواريخ من غزة.
بشأن ما يحدث على الأرض، في الوقت الحالي، يعمل فريقان قتاليان لوائيان ولكنهما أقل بكثير من القوات العاملة في غزة، في طولكرم تعمل القوات تحت قيادة قائد لواء كفير العقيد يانيف باروت، وفي جنين تحت قيادة العقيد أيوب كيوف قائد لواء منشيه . وفي غور الأردن تنتشر قوة أصغر تحت قيادة لواء الغور العقيد أفيف أمير. والسبب في ذلك هو أن معظم وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي موجودة في غزة أو على الحدود الشمالية، ولذلك فإن التحدي أكبر، ولكن هكذا تسير الأمور منذ 7 أكتوبر، وبالتالي فإن قطاع الضفة الغربية هو الجمرة الملتهبة التي يجب الحرص عليها حتى لا تشتعل أكثر من اللازم .
في الواقع، منذ بداية الحرب، عزز الجيش الإسرائيلي من العمليات في هذا القطاع ، معتمدا على وحدات الاحتياط . كما أصبحت الغارات الجوية روتينية في العملية الحالية، حيث تشكل غلافا جويا قويا للفرق المقاتلة .
جاء القرار بتنفيذ عملية بهذا الحجم بعد استنفاد عمليات صغيرة أكثر . وأثبت الواقع أن حجم التحذيرات زاد ومعه زاد عدد الهجمات ومدى الجرأة وتطور الأسلحة وفتكها. لقد رأينا خلايا خططت لتنفيذ هجمات في منطقة خط التماس، وفي الأسبوع الماضي وصل مخرب يحمل عبوة ناسفة شديدة الإنفجار إلى تل أبيب وخطط لتفجير كنيس .
وفي القطاع الشمالي من الغور وقعت سلسلة من العمليات من المنطقة الشرقية للضفة ، ولهذا السبب قام رئيس الأركان هرتسي هليفي بزيارة هذا القطاع قبل امس الاول . هو يعرف لماذا : على الحدود الشرقية، يجب على الجيش الإسرائيلي أن يجد حلا ليس فقط للإرهاب الشعبي، بل أيضاً لعائق على خط الحدود مع الأردن، مايزال مخترقا .
خاطر جنود قوات الجيش الإسرائيلي بحياتهم للدخول إلى جنين وطولكرم للعثور على المتفجرات، لكن هذا لن يساعد إذا ظلت الحدود مع الأردن، لمئات الكيلومترات، مخترقة واستمر الإيرانيون بادخال المتفجرات القياسية عبرها وعبر سوريا . الجيش الاسرائيلي يناشد المستوى السياسي منذ زمن لإقرار ميزانية فورية لبناء السياج، وبناء عائق، وأجهزة استشعار، وغرف مراقبة بتكلفة أربعة مليارات شيكل. ولم تصل الأموال منذ عدة سنوات. ويبقى أن نرى ما إذا كانت ستأتي هذه الاموال قبل أن تضطر لجنة تحقيق إلى التحقيق بهذا التقصير أيضا .
وإذا لم يكن ذلك كافيا، فعلى الجيش الإسرائيلي أن يتعامل مع حوادث إجرامية خطيرة من الجانب اليهودي، مثل تلك التي وقعت في قرية جيت قبل أسبوعين . وأمس نشر الجيش الإسرائيلي التحقيق وكانت نتائجه صارخة وبشكل لا لبس فيه: فشل الجيش الإسرائيلي في حماية السكان الفلسطينيين في الوقت الذي اقتحم فيه المكان أكثر من 100 رجل ملثم، وأضرموا النار في سيارات الفلسطينيين، وقتل فلسطيني . حتى الإنذار المبكر من قبل جهار الأمن العام (الشاباك) لم يساعد .
الاضطرابات والتحقيق كانو بمثابة تعميد ناري لقائد المنطقة الجديد آفي بيلوت، وهو نفسه خريج المدرسة التمهيدية في مستوطنة عيلي . وقد قرر هو، وليس أي شخص آخر، أن الاضطرابات كانت “حادثًا إرهابيًا خطيرًا” وتحمل مسؤولية الفشل. ومن المشكوك فيه جداً كان أن يقبل المستوطنون مثل هذه التصريحات من فم سلفه في المنصب اللواء يهودا فوكس الذي أصبح بمثابة كرت أحمر في التلال. كلمات بيلوت حول وجوب تقديم الجناة إلى العدالة تشكل إشارة أيضا إلى شرطة لواء الضفة، التي تتعرض لانتقادات شديدة بسبب تحالفها مع وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير.
وبعيدا عن الجانب الجنائي والأخلاقي، فإن أحداث جيت تظهر أزمة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي بشكل عام وفي قطاع الضفة الغربية بشكل خاص . تستند معظم القوة هناك على كتائب احتياطية أقل خبرة ، بما في ذلك الكتيبة التي كانت متمركزة في مستوطنة شيبي شومرون وتمت دعوتها إلى جيت . في كل السنوات الأخيرة، تمركزت هناك كتيبة دورية نخبة من لواء المظليين وألوية جولاني وجفعاتي وتم استبدالها الآن بكتيبة احتياطية تابعة لقيادة الجبهة الداخلية. ومن المحزن والخطير أن يكون بيننا من يستغل ذلك.
المصدر: يديعوت أحرونوت