يا عشاق الحياة اتحدوا
من السهولة كما يبدو مديح الجنون بلغة العقل بتعبير دريدا لكن السكن في اللامعنى باللحظة الراهنة كما يرى آلان تورين يدفعنا إلى تخطي أسئلة القراءة للتاريخ الأوروبي من السياق المسيطر و تجاوز حالة المركزة وتداعياتها تحت وقع نار الحرب المستعرة بعد الفزع الجماعي من الكورونا وتوطين القبول للاخضاع في اللاوعي الجماعي ومخيلة اندفاعه المضاد و السؤال عن القيم الجديدة..التي تولد في كل هذا الترقب البشري.
لم تكن هبة القمصان الصفراء في فرنسا سوى الوجه الأولي للثقافة المضادة لوحشية الرأسمالية المتغطرسة التي ما إن طويت فصولها حتى كنا أمام تكميم جماعي للافواه والأنوف يعيد القوى المجتمعية إلى مربع الدفاع عن بقائها الحياتي والصلاة الجماعية في معبد السلطة بعد أن حولت السلطات المعركة ضد الفيروس إلى الاستثمار فيه وتحويل الكمامة من الأنف إلى العقل.
وعادت مفردة الحظر الى القاموس العالمي بعد ان كادت تتلاشى من المخيلة الاوروبية.
والآن مع فلول الكورونا وتداعيات الأزمة الاقتصادية والحرب الروسية على اوكرانيا ترتعد فرائص الاقتصادات الحرة وينهار السلم القيمي في النسيج الاجتماعي ليعاد ترتيب أولويات ذلك السلم من جديد على ضوء النهم والجشع في اشاعة ثقافة الموت عبر الحروب والاحتلال وتجارة الأسلحة والتهديد باستخدام القوة والعبث في الجينات وتدمير الطبيعة وتسميم البيئة وتسليع البشر وثقافة الموت هذه واحدة في ايديولوجيتها وطبيعتها الاستهلاكية الظلامية رغم اختلاف ألوان راياتها وطريقة محوها لفكرة قيمة الوجود الإنساني .
ولأن الفيروس كسر الحدود وتخطى الحواجز كان لافتا وحدة التطلع البشري لقيم جديدة في ظل حالة اللاثقة بالسلطات وبيان خفايا استغلالها للوباء دافعا برمزيات مغايرة تحتفي بالعلم والمعرفة وتعيد الاعتبار لمنظومة أخلاقية مفارقة لوحشية اليمين وسياساته المتطرفة.
ولأن الحروب وسيلة التوسع والهيمنة والكسب السريع بتجارة الأسلحة والسيطرة على امدادات الطاقة والتلويح بعصا اسلحة الدمار الشامل بتلازم واضح لازدهار المافيات بانواعها المختلفة، يستدعي ذلك أن يقوم الطرف الاخر بتظهير لحظة المقاومة للاحتلالات والمستغلين والمستبدين وارباب الشركات الكبرى ومخططاتهم وتطوير اللحظة المضادة و ممكناتها والسعي إلى بيان فكري جديد يوحد التطلعات ويعزز ثقافة الحياة مقابل ثقافة الموت.
فيا عشاق الحياة اتحدوا
الصورة لشهداء قلسطين منذ بداية رمضان حتى اليوم