
كانت نقطة التحوُّل في حياة العشريني وليد دقة، في العام 1983، حين التحق بالقتال في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، فتم أسره خلال محاولته تحرير الأسرى. وكانت شرارة انضمامه للثورة هي مشاهدة امرأة فلسطينية تتفحص كومة جثث من ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا بحثاً عن أحد أقاربها. “قالت المرأة، وهي تقلِّب الجثث وكأنها كومة غسيل: “لابس قميص بنِّي!” كانت في حالة هستيرية تتحدث إلى نفسها، ثم توقفت فجأة ونظرت إلى السماء، وصرخت وهي تجهش بالبكاء: “وينك يا الله، وينك!؟””
واليوم، بعد أربعين عاماً، يرقد الستيني وليد دقة وحيداً مقيَّداً يصارع الموت في المستشفى الصهيوني في عسقلان المحتلة، “لابس قميص بنِّي”، قميص الأسر…
وداخل فلسطين وخارجها، حناجر كثيرة تصرخ الآن: “وينك يا الله، وينك!؟” أما منظمة التحرير الفلسطينية، فقد غيرت موقعها، وصارت خلف مقاطعة رام الله.
