“ويسألونك عن بن جلون”
قرأت كلام الطاهر بن جلون عن الحرب، وقد استاء كثيرون من كلامه، من حقه ان يقول ما يشاء، والمهم ان نفكر في التالي:
لن يختلف اثنان على حالة الانحطاط التي يعيشها العالم العربي . ومع ذلك، في تسعة وتسعين بالمائة من الحالات لا يتجاوز التفكير في الانحطاط الشأن السياسي،
وفي المقابل ثمة كينونة وهمية متعالية وسيئة التعريف اسمها “الثقافة” يمثلها وينطق بها شعراء وروائيون .
ولا يخطر على بال أحد ان وجود هذه الكينونة، وتمثيلاتها هي الوجه الأخر للانحطاط.
المشكلة لا تنحصر في تدني المستوى المعرفي للتمثيلات وحسب، بل وفي افتراض أن للممثلين كفاءة معرفية ايضاً.
دعك من روايات بن جلون، التي يمكن تفسيرها بطرق مختلفة ، قرات كتابه عن ثورات الربيع العربي، ويمكنني القول بكثير من راحة الضمير ان الكفاءة الفكرية لبن جلون تبدو متدنية تماماً، وان قدرته على التحليل والتركيب والاستنتاج، بل وحتى امتلاك مهارة الرائي تبدو متواضعة تماماً.
ثمة الكثير من البنجلونات ، وفي كثرتهم وما ينالونه من جوائز صارت بالدولارات الابراهيمية، ويفترضون لانفسهم، او يفترض الناس لهم، من مكانة في حقل القيم وانتاج المعرفة (مقابل انهيار التعليم والبحث العلمي والعلوم الاجتماعية) ما يمثل فضيحة حضارية كاملة، ووجهاً مُفزعاً من وجوه الانحطاط في بلاد لا يقرأ الناس فيها سوى الروايات، ولا يطبع الناشرون فيها ما يتجاوز ثلاثة الاف نسخة (احيانا خمسمائة، وعلى حساب الكاتب) لثلاثمائة وخمسين مليونا من الناطقين بالعربية.