وليد دقة – في يوم الأسير

“السجن مكان سيّئ، وهو أحقر اختراع صنعته الإنسانيّة لمعاقبة الإنسان. والسجن، كمؤسسة شموليّة، لا يستهدف السجين بصورة عامة، وإنما الإنسان الفرد، كتفاصيل حياة ومعالم ومميزات شخصيّة. والسجن، كنظام، يحاول منذ اللحظة الأولى التي تطأه قدمك أن يحوّلك إلى رقم، وأن يجهز على معالم الذات فيك، ليحولك لموضوع سجّانك، لهذا الغرض يهندس السجّان ليس المكان فحسب، وإنما الزمن، أيضًا، فيقسم وحداته لتتم إعادة صياغتك من جديد.

في هذا السياق، يصبح حواسك وعواطفك وذوقك الجمالي ومشاعرك الإنسانيّة، أدوات تعذيب. وتكتشف، بهذا المعنى، تدريجيًا، أن السجن ما هو إلا امتداد لحالة الوطن، وأنّكَ فيه لست سجينًا أكثر من شعبك، سكّان المنازل الفلسطينية، ونضالك امتداد لنضالهم. عندها، لا تشعر بأنك تواجه السجّان وحيدًا، بل أنّك جزء من شيء كبير وعظيم، أكبر من المعاناة والحرمان وأوسع من الزنزانة، وهو حريّة شعبك، الذي تستمد منه العزيمة والقوة والصمود..”

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *