حسين النازح الطيب
احب اليرموك وناسه ورحل ..
مجرد رؤية صورة هذا الشخص على الفيس بوك مصادفة ، عادت بي الذاكرة الى حرب عام 67 من القرن الماضي ، وأيضا تداعت بعض المحطات من شريط الذكريات في اليرموك . اسم هذا الشخص حسين ، وأعتقد ، لا أحد من أهل المخيم من أبناء جيلي والأجيال السابقة واللاحقة لا يعرف حسين عن قرب أو لم يسمع به ، أو لم يصادفه في شوارع المخيم في المناسبات الوطنية الفلسطينية وغير الوطنية .
حسين الذي يجهل الغالبية كنيته ، نزح مع المئات أو الألاف من أهله الى مخيم اليرموك خلال نكسة حزيران ، وفي حينه كان طفلا مثلنا . أقام هو وأهله في مدرسة الجليل القريبة من بيتنا التابعة – للأونروا – والمحاذية لجامع عبد القادر الحسيني . كان حسين شخصا لطيفا وضحوكا وبسيطا جدا ، يلبي حاجة كل من يطلب منه الخدمة أو المساعدة في الحاجات المنزلية . وبقي حسين في المدرسة بعد مغادرة النازحين لها ولم يقطن في منطقة الحجر الأسود ، هكذا وببساطة أحب هذا المكان وأصبح لصيقا به ، وأصبح من النادر جدا ان يغادر مدرسة الجليل أو محيط هذه المنطقة .
كبر حسين وترعرع في مدرسة الجليل وأصبح يعمل بها مستخدما من غير راتب ، وبقي يعتمد في معيشته على مساعدات أهل الحي .
الكل كان يعطف على حسين وينظر له بعين المحبة وليس الاشفاق ، والكل يتبارى في تقديم يد العون له ، وغالبا الكل يمازحه بسبب خفة ظله وملامح وجهه الطفولية رغم أنه أصبح شابا ، ..كانوا يسألون حسين بشيء من المداعبة والسخرية .. متى ستعود الى بلدتك – البطيحة – يا حسين ؟! .. كان يضحك حسين ويعلم أنهم يسخرون منه ، لكنه لا يتوانى عن ترديد جملته .. حين تعودون الى فلسطين أعود الى بلدتي .. وتمضي السنوات ويكبر حسين سنا ويضطر مثلنا الى مغادرة المخيم ، وكان مصيره في نهاية المطاف كما مصيرنا ، لا هو عاد الى بلدته في قرى القنيطرة ولا نحن عدنا الى اليرموك أو فلسطين الحلم ..ويموت حسين قهرا وكمدا وحزنا .