هناك سيناريوهان محتملان الآن بعد أن بدأت الهجمات

الضربة الإفتتاحيةالإسرائيلية التي رمزت إلى نهاية وقف إطلاق النار لم تكن “فتح أبواب الجحيم”، وإنما كان فيها شيء من التغيير : عشرات الطائرات هاجمت مئات الأهداف التي تعكس القدرات السياسية والمدنية لحماس، وليس العسكرية فقط، هذا الجانب الذي اعتبره رئيس الأركان الجديد ضروريا للقضاء على حكم حماس في القطاع . وبموازاة ذلك كان الهدف من القصف المدفعي المكثف على شمال القطاع هو إعادة السكان الذين عادوا إلى هناك إلى الجنوب. ولمن نسي نقول بأن هذه أيام صيام رمضان، وعمليات الجيش الإسرائيلي لا تجعل الأمور سهلة ، على أقل تقدير، وانما في ذلك مايزيد الضغط على حماس.
ترى قيادة الجيش الإسرائيلي في هذه الضربة المفاجئة بداية لعملية متدرجة ، مع نقاط توقف تتيح المجال للعودة إلى طاولة المفاوضات. ففي إسرائيل التي رفضت بحث المرحلة الثانية للإتفاق الذي تم توقيعه قبل شهرين فهموا أن حماس لن تستجيب لاقتراحات تمديد المرحلة الأولى ، ولذلك تقرر الإنطلاق في العملية التي أعدها الجيش الإسرائيلي والشاباك في الأسابيع الأخيرة، وتدل على تحسن مطلوب في نوعية المعلومات الإستخباراتية مع التركيز على عنصر المفاجأة والخداع .
وخلافا لبعض المنشورات، لم تكن “التنبيهات” بشأن عملية سينفذها مخربو قوات النخبة هي التي أدت إلى هذا العملية . صحيح أن حماس استغلت وقف إطلاق النار لإعادة بناء قدراتها، وبالأخص بسبب سيطرتها على المساعدات الإنسانية (حتى أوقفتها إسرائيل مؤخراً)، الأمر الذي أتاح المجال لها لتجنيد العديد من المقاتلين وزرع العبوات استعدادا لاحتمال عودة القوات للمناورة . ومع ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي لا يزال في داخل منطقة في غزة ( ميزة لا يتمتع بها في لبنان، فهناك على سبيل المثال، يتواجد في خمس مواقع فقط في منطقة أكبر بكثير) ويسيطر على محور فيلادلفيا، المنطقة التي زارها رئيس الأركان زامير أمس . والويل له إذا تفاجأ مرة أخرى، حتى ولو بهجوم محدد على مستوطنة إسرائيلية. وإلى جانب ذلك بقيت لحماس قدرات إطلاق ،وأيضا الحوثيون لمحوا عن العودة إلى الإسناد بصاروخ اطلقوه باتجاه بئر السبع .
لن يحصل جيش الدفاع الإسرائيلي على شهادة امتياز :
إلى جانب الضربة العسكرية، يبنون في الهيئة الأمنية على تغيرين مهمين حدثا في الشهور الأخيرة :
الاول هو تبديل الإدارة في الولايات المتحدة ودعم البيت الأبيض لسلسلة العمليات الإسرائيلية من إلغاء المرحلة الثانية في الإتفاق عمليا وحتى هجوم الأمس .
والثاني، وأيضا هو نتيجة لتغيير الإدارة الأمريكية وهو وقف المساعدات الإنسانية على الرغم من أن حماس مازالت توزع ما يصل حتى الآن وأيضا هذا يجب إيقافه. وبشكل عام فإن الجيش الإسرائيلي وظف خلال العام ونصف العام الماضيين معظم الجهود لتفكيك القدرات العسكرية لحماس. أما فيما يتعلق بالبنية التحتية المدنية، فإن الجيش الإسرائيلي، إذا صح التعبير، لن يحصل على شهادة إمتياز . كان يكفي رؤية قوافل سيارات التويوتا خلال المراسم المثيرة للاشمئزاز التي أقامتها حماس تمهيداً لإطلاق سراح المخطوفين، من أجل فهم ذلك.
في هذا الجانب، يمكن رؤية الفرق بين الفريق إيال زمير وسلفه الفريق (احتياط) هرتسي هليفي : فالأخير عارض العمل العسكري في هذا الموضوع ، ووفق مصدر في القيادة الجنوبية، فإنه حرص أيضًا على تنبيه المستوى السياسي بشأن إسناد المهمة للجيش الإسرائيلي. “كان هاليفي على حق في أن لايتولى جنود الجيش الإسرائيلي مهمة توزيع المساعدات الغذائية على السكان، ولكن من الممكن أن يشرف الجيش الإسرائيلي على التوزيع بواسطة شركات مدنية ولكن ليس حماس”. ويميل زامير إلى تبني هذا الرأي : تدرك قيادة الجيش أنه طالما أن حماس تستفيد من أرباح بيع المواد الغذائية للسكان ، فإنها تكتسب الشرعية التي تبقيها في السلطة.
ويقول ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي: “من غير الممكن أن لاتنشغل بالمركب المدني وتعتقد أنك ستهزم حماس ” . نحن بحاجة إلى الوصول إلى وضع لا تمس فيه حماس المساعدات، وعندها سيكون من الممكن محاولة الحديث عن بديل سلطوي . ” مع القدم العسكرية يمكن فعل ماهو أكثر ، ولكن من الصعب أن تفاجئ وأن تصل إلى نتيجة أنها لوحدها ستخضع حماس أو تجلبها للمفاوضات ولذلك نحن بدأنا بالضغط على حماس : تم إيقاف المساعدات ، أغلقتا معبر رفح ، لم ندخل الكرافانات ولا الوسائل الهندسية لإخلاء الأنقاض .نحن ننجح في تحريك السكان الذين عادوا إلى شمال القطاع مرة أخرى إلى الجنوب وهذا بالنسبة لحماس حدث مهم جدا ” .
من هنا يتحدثون في الهيئة الأمنية عن سيناريوهين : الأول هو اخضاع حماس لصالح اتفاق واسع النطاق وسريع قدر الإمكان. وفي السيناريو الثاني، لا تتراجع حماس وحينها يعود الجيش الإسرائيلي إلى المناورة البرية، مع كل ما يترتب على ذلك من تعبئة الاحتياط وزيادة أعباء أخرى على الجيش النظامي، بسبب النقص الحاد في عدد المقاتلين . ما الذي سيكون مختلفاً هذه المرة ؟ “في غزة، لا نحتاج إلى إعادة اختراع العجلة، لأن ذلك غير ممكن من الناحية العسكرية”، قال لواء في هيئة الأركان العامة أثناء إعداد الخطط، “يمكن استخدام المزيد من النيران بشكل متزامن وليس بشكل متدرج”. والأمل هو أن شدة الغارات الجوية، وحجم الضحايا الفلسطينيين، وطول الفترة التي ستظل فيها المعابر مغلقة – وهذه المرة بدعم أميركي – قد تقنع حماس بأنه من الأفضل عدم الانتظار لمعرفة ما ستشعر به. ومن ناحية أخرى، لا تزال حماس تحتجز 59 رهينة، أحياء وأموات ، وكل الجهود الإسرائيلية لضمان عدم تعرضهم للأذى لا تضمن أن يحدث هذا بالفعل. ولذلك، كان يوم أمس يوماً صعباً على أهالي المخطوفين، ولكن الأيام القادمة لا تبدو مبشرة أيضاً .
يديعوت أحرونوت