هناك سحابة سوداء تخيم على الصفقة لإكمال المرحلة الأولى، وبالتأكيد المراحل التالية

ليس سرا أن بنيامين نتنياهو بذل كل ما في وسعه لعدم الدخول في صفقة إعادة المخطوفين ، خوفاً من أن تؤدي هذه الصفقة إلى نهاية الحرب ، وفي مثل هذا الوضع ستسقط حكومته، وسيفقد حكمه وعالمه . لماذا إذن وافق بيبي نتنياهو مؤخراً على المرحلة الأولى من الصفقة لإعادة 37 مخطوفاً ؟ – بسبب تدخل دونالد ترامب الحاسم الذي لم يترك لبيبي أي خيار . ولكن مع توقيع الصفقة، أوضح بيبي نتنياهو من على كل منصة ممكنة أن الجيش الإسرائيلي سيواصل القتال بعد المرحلة الأولى إذا لم تستسلم حماس وتنزع سلاحها، وإذا لم يتم القضاء على حكمها في قطاع غزة.
كل عاقل يعرف بأن شروط بيبي هذه هي مجرد أحلام لن تتحقق، وبالتالي بحسب تصريحاته – إذا مد ترامب يده إليها – فإنه سيتم كسر وقف إطلاق النار ، وسوف تندلع الحرب من جديد بكل قوة . أمل الكثيرون في البلاد أن لا يسمح ترامب لبيبي بتنفيذ خطته، التي كانت مصممة كلها من أجل بقائه ، وأن يطالب الحكومة الإسرائيلية أيضًا بتنفيذ المرحلة ” الثانية” والمرحلة ” الثالثة” من الصفقة حتى إعادة آخر المخطوفين وإيقاف الحرب .
وللأسف الشديد على عكس ما كنا نعتقد بشأن ترامب، فإن هذا لم يحدث. والعكس هو الصحيح، فقد اتخذ ترامب موقفاً صارماً حتى من صديقه بيبي، وقال مؤخراً إنه إذا لم تطلق حماس سراح جميع المخطوفين بحلول الساعة 12 ظهراً من يوم السبت، فإن أبواب الجحيم ستفتح، وسيأذن لبنيامين نتنياهو بخرق وقف إطلاق النار والذهاب إلى حرب إبادة ضد حماس والجهاد الإسلامي.
إعلان ترامب جاء لبيبي نتنياهو كهدية من السماء ، وعلى الفور كرر كلام ترامب وأعلن في وسائل الإعلام أنه إذا لم تقم حماس بإعادة جميع المخطوفين بحلول ظهر السبت، فإن إسرائيل ستخوض حرب إبادة ضد حماس حتى تنهار وتستسلم نهائيا. ترامب أعطى بيبي فرصة العمر لكسب مزيد من الوقت لولايته كرئيس للحكومة ، طبعاً على حساب إعادة تأهيل البلاد والجيش وعلى حساب إعادة جميع المخطوفين إلى بيوتهم .
من الصعب أن نتساءل عن صراحة بيبي في تصريحاته وتهديداته إذا كان يستخدم تكتيكًا لإعادة حماس إلى مواصلة عملية الصفقة كما تم التوقيع عليها ، أو ما إذا كان يعني بدلاً من ذلك وبشكل جاد كل كلمة يقولها في تهديداته لحماس . ولكن حتى لو تمت تسوية الأمور في النهاية وتم إطلاق سراح المخطوفين الثلاثة وفقًا للاتفاق يوم السبت، فحتى ذلك الحين تخيم سحابة سوداء على استمرار الصفقة لإكمال المرحلة ( الأولى) وبالتأكيد المرحلتين ( الثانية) والمرحلة ( والثالثة).
ونقلت وسائل الإعلام مؤخراً عن مسؤول كبير قوله: “إن ذات تأخر بيبي الشديد في بدء المحادثات بشأن المرحلة الثانية سيفجر عملية تحرير المخطوفين عاجلاً أم آجلاً وسيؤدي إلى اندلاع الحرب مرة أخرى ” . وحسب تقديري فإن هذا هو بالضبط ما يسعى بيبي إلى تحقيقه من أجل إنقاذ بقاء حكومته، وذلك على حساب المصلحة الوطنية والأمنية .
إذا نفذ بيبي تهديداته واستأنف الحرب مع حماس يوم السبت (أو في وقت لاحق بسبب عدم التقدم إلى المرحلة الثانية ) فإن النتيجة ستكون كئيبة للغاية. فهو لن يستطيع إخضاع حماس، تماماً كما عجز الجيش الإسرائيلي عن هزيمة مقاتلي حماس بعد عام وأربعة أشهر من القتال، لأنه ليس لديه قوات كافية للبقاء في الأماكن التي احتلها في كل منطقة في قطاع غزة كما أنه لا يوجد في الجيش الإسرائيلي ما يكفي من القوات المهنية لتدمير مدينة الأنفاق التي تمتد على مسافة مئات الكيلومترات تحت الأرض، وهي مملكة حرب العصابات لحماس والجهاد الأسلامي .
باختصار، إن خرق وقف إطلاق النار ودخول الجيش الإسرائيلي في قتال متجدد مع حماس والجهاد لن يؤدي إلى انهيار حماس، ولكنه سيتسبب في سقوط المزيد من الضحايا في صفوف قوات الجيش الإسرائيلي . كما أن القتال يمكن أن يلحق أضرارا جسيمة بعلاقاتنا مع المصريين والأردنيين ومع العديد من دول العالم. كما يمكن أن يؤدي إلى تجدد إطلاق النار من قبل حزب الله والحوثيين على إسرائيل، وإعادة إسرائيل إلى نقطة البداية بدون طريق للعودة إلى الخلف . وبعبارة أخرى، فإن أبواب الجحيم ستنفتح على رأس إسرائيل أكثر مما ستنفتح على رؤوس مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي. .
المصدر: موقع معاريف