وكأن محمود درويش محمود يترجم حيرتنا عندما ينفجر بالسؤال “أين الطريق إلى أي شيء؟!”.

 فالنخب السياسية والفكرية والإعلامية الفلسطينية تسأل أكثر من المواطن “إلى أين نحن ذاهبون؟!” وتكاد محاولات الإجابة تختنق أمام سيل في ظل سيل الأحداث المتدفق في اتجاهات متناقضة وأحيانا عشوائية أو في أحسن الأحوال يهرب الكثير من الإجابة إلى الشعارات المعلبة والمفاهيم النمطية والأحكام المسبقة والتي تضيف أسئلة أكثر مما تجيب.

الأكثر إثارةً أن العديد يذهب إلى قائمة المحظورات، ليقدم لنا قائمة الوصفات الممنوع تتناولها دون أن يقدم الوصفة الطبية التي تشفي من المرض، موقفٌ نقديٌ عدمي، موقف يحدد ما لا يجب عمله ويهرب مما يجب عمله، وكأن هناك من يضع لك لافتةً تحدد الطرق الموصدة، ولا يشير بشيء إلى الطرق التي توصلنا للحلم.

إن الحقيقة الفلسطينية الاستراتيجية لها وجهان، الأول هو تحديد ما هو مطلوب عمله أولاً. ومن ثم تحديد المحاذير المفترض تجنبها والخطوط الحمراء الفاصلة بين المفهومين. وحتى اللحظة تقوم استراتيجية القوى والحركات السياسية الفلسطينية أن كلا من القوى ينفي صحة النهج الآخر دون أن يقدم بديلاً مقنعاً.

أنصار المقاومة يقدمون أنفسهم بإثبات خطأ منهج المفاوضات، والعكس صحيح فإن أنصار المفاوضات يستخدمون همجية الاحتلال وإجرامه لتبرير نهج المفاوضات.

وفي النهاية أصبح المشهد قائماً على نهجين أوصلنا أحدهما إلى فقدان أكثر للوطن، بينما أوصلنا الآخر إلى فقدان أكثر لحياة المواطن الفلسطيني. رغم أن هناك مساحة كافية بين النهجين الخاطئين لطريق آخر، مساحة تتسع لخيار واضح ومحدد يحدد الطريق الذي يوصلنا إلى الهدف الحلم، هناك مساحة لمنهج نضالي أساسه الصمود الإيجابي على الأرض، هذا الصمود الذي يستجمع نقاط القوة الفلسطينية ويضعها في سياق شامل مرن، إن الصمود الذي يجعل من النضال بمختلف الأشكال الممكنة والتي لا تخدم الصمود نفسه فقط بل وتوظف الصمود وتحوله إلى أداة كفاحية.

إن الصمود ليس فعلاً معزولاً، إنه منظومة عمل متنوعة وشاملة تشكل عبير السيرورة، ثقافة نضالية ومنهج حياة.

وبعد…. هل نستطيع فعل ذلك؟؟ نحن نفعل ذلك، نفعله بدون سياق شامل، نفعله كفعل فردي منعزل، نفعله ونفعل عكسه تماماً بطريقة تهدم ما يتم بناءه، ما نحتاجه فقط هو وضع الصمود في سياق والامتناع عن كل ما من شأنه الإضرار باستراتيجية الصمود.

عن مسار

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *