
تزايدت التوقعات من العديد من المحللين السياسين بخصوص انتهاء حياة نتنياهو السياسية.
تم ذلك على خلفية الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تمت بالشارع الاسرائيلي من قبل الاحزاب والجماعات الصهيونية العلمانية التي رفضت عملية الانقلاب على القضاء التي تقودها حكومة اليمين الكاهنية.
يشار الى ان رفض ما يسمى بخطة الإصلاح القضائي جاءت من قبل اليهود الغربين حفاظا على مصالحهم بوصفهم من أسّس الدولة العميقة ووضع مرتكزاتها وخاصة القضاء والجيش وما ترتب على ذلك من تكوين نخب لها مصالحها .
يذكر ان نتياهو أراد تحقيق عملية الانقلاب على القضاء والسيطرة عليه من أجل إنقاذ ذاته من احتمالية السجن على خلفية ملفات الفساد التي تلاحقة والتي التقت مصلحيا مع توجهات أحزاب الصهيونية الدينية التي تريد الانقلاب على مرتكزات الدولة العلمانية لصالح دولة الشريعة الدينية التوراتية .
ادت خطة الانقلاب على القضاء الى هروب رؤوس الأموال وأصحاب الشركات وتخوف قطاعات واسعة من تنفيذ هذة الخطة وانعكاساتها الخطيرة على الديمقراطية داخل المجتمع الصهيوني بما يشمل المس بالحريات المدنية وبمساحة النشاط الاقتصادي الحر .
وصلت الاحتجاجات والمظاهرات والاضرابات الى مرحلة العصيان الشامل طال نخب من الجيش وسلاح الطيران والبحرية وعمت الاضرابات المرافق العامة بما يشمل الطيران والمطارات وقررت نقابة العمال (الهستدروت )الانضمام الى الإضراب ووصلت المظاهرات الى منزل نتياهو والكنيست وتم اغلاق الشوارع الرئيسية الأمر الذي وضع دولة الاحتلال على مشارف حرب أهلية بين فريق العلمانين الغربين وفريق الشرقيين المتدينيين .
عمق نتنياهو حالة الشرخ الداخلي عندما أقال وزير الدفاع غالانت معاقبة له على رفضه لخطة ما يسمى بالاصلاح القضائي .
لقد زاد الغضب والاحتقان الداخلي جراء هذا القرار واعربت الإدارة الأمريكية عن قلقها تجاهة واحتمالية انعكاسة على بنية الجيش وأمن دولة الاحتلال.
لقد تحرك نتياهو في اللحظة الحاسمة عندما بدأ يدرك صعوبة تجاهل الضغط الشعبي العارم والتايد الأمريكي والدولي لة في مواجهة خطة الانقلاب القضائي .
تحرك نتياهو عندما أصبح شعار اسقاطه يتقدم على شعار وقف التشريعات الخاصة بالقضاء .
أعلن نتياهو عن قراره بارجاء تنفيذ التشريعات الخاصة بالقضاء ولكنه أشار الى انه مصمم على السير باتجهها لما بعد انتهاء اجازة الكنيست واقترح البدء بالشروع في حوار داخلي مع احزاب المعارضة تحت شعار الوحدة الداخلية والديمقراطية.
لقد قام نتياهو باسترضاء رئيس حزب الصهيونية الدينية بن غفير من خلال الاستعداد للمصادقة على تشكيل حرس وطني وهو عبارة عن مليشيا تأتمر بأمر بن غفير في محاولة للحفاظ على الائتلاف الحاكم وعلى حساب الشعب الفلسطيني بالداخل.
لقد أراد نتنياهو من خلال قرار التأجيل تحقيق العديد من الأهداف أبرزها سحب الفتيل بالشارع الاسرائيلي الملتهب وابراز ذاته انه رجل الإجماع القومي الصهيوني من خلال الحوار الداخلي حيث يريد أن يظهر بانه يقف بالمنتصف ما بين بن غفير وسموتريتش من جهة وبين لابيد وغانس من جهة اخرى حيث سيستغل الحوار من أجل كسب الوقت والمناورة وتفكيك أحزاب المعارضة واستمالة البعض منهم كما أراد أن يظهر أمام الرأى العام العالمي وخاصة أمام الإدارة الأمريكية بانه رجل الوحدة الوطنية في إسرائيل وانه وحدة القادر على إنهاء الاحتقان الداخلي والحفاظ على متانه وقوة إسرائيل وبأن الولايات المتحدة بإمكانها الاعتماد عليه .
لقد تراجع شعار اسقاط نتياهو وعاد الحديث عن خطة ما يسمى بإصلاح القضاء وعن كيفية الحفاظ على وحدة إسرائيل الداخلية وصيانة الديمقراطية بها .
غني عن القول بأن الديمقراطية داخل المجتمع الصهيوني تستثني الشعب الفلسطيني حيث يجمع الفريقين المتخاصمين على التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني بل الامعان في تنفيذ المشروع الاستعماري والاستيطاني والعنصري على حساب شعبنا وحقوقة الثابتة والمشروعة.
والسؤال هنا هل سينجح نتياهو مرة اخرى بالخداع وهو المعروف بتاريخه ومناوراتة ؟وهل سيستطيع استعادة زمام المبادرة من جديد باتجاة تنفيذ مخططاته تجاه جهاز القضاء من أجل إنقاذ ذاتة والتحول الى دولة دكتاتورية شمولية ؟.
طبعا الديمقراطية المذكورة هي التي لها علاقة باليهود فقط دون العرب اي ديمقراطية مجتمع الاستعمار الاستيطاني والتفوق العرقي والاستعلائي والعنصري.
يدرك نتياهو ان وقف التحركات الشعبية بالشارع يشكل الهدف المركزي له حيث لا تتحرك القوى بالشارع بزخم كبير كما تم مؤخرا في دولة الاحتلال بصورة دائمة بل في محطات ومفاصل محددة الأمر الذي يمكن استثمارة من المعارضة اما اذا تم احتواء هذه التحركات وايقافها فإن المستفيد الرئيسي منها يكون الائتلاف الحاكم ورئيسه اي نتياهو في هذه الحالة .
الإجابة هنا بخصوص إمكانية تحقيق نتياهو لأهدافه بالخداع برسم المعارضة والتي من الممكن أن تخدع كما خدعت منه عشرات المرات .