دعونا نفكر بصوت عال ونسأل: هل يمكن ممارسة الحكم الديمقراطي في ظل الاحتلال؟ وهل هناك دور للمؤسسات الأهلية والفكرية الفلسطينية في الدفع باتجاه المواطنة الجيدة والحكم الرشيد؟
لا يوجد خلاف حول محدودية الفعل الديمقراطي الحقيقي بوجود سلطة محدودة الصلاحيات والموارد من جهة، واحتلال استيطاني احلالي وعنصري من جهة ثانية. للاحتلال سيادة مطلقة على الأرض، وسيطرة تامة على السلطة الفلسطينية، وأيضا على شعب في مناطق السلطة يسعى وراء قوته اليومي وأصبح حاله بين المطرقة والسندان.
هذا الموضوع، وغيره من الموضوعات، تمت مناقشته باستفاضة خلال السنوات الماضية من قبل العلماء السياسيين والمفكرين وغيرهم وان كان بدرجات متفاوتة في فهم استثنائية الحالة الفلسطينية، حيث تم التعامل مع السلطة الفلسطينية من منطلق دولة أو دولة في طور التأسيس أو ما شابه. لقد تم اسقاط معايير الدولة الفيبرية على سلطة الحكم الذاتي (المحدود الصلاحيات) بغض النظر عن غياب عنصر السيادة على الأرض وفعالية الحكومة المركزية. بالتالي، تم التعامل مع الواقع الفلسطيني في الضفة والقطاع بمعايير الدولة السيادية، بدون توضيح اشكالية السياق العام بكل دلالاته سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وخاصة فيما يتعلق بمحددات ممارسة الحكم الديمقراطي ومأسسته بشكل يتيح للسلطة ممارسة دورها كما يجب في خدمة المواطن.
لا يوجد خلاف أيضا، حول حقيقة أن الوضع الحالي يتميز بغياب الارادة الدولية الحقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967، والذي نتج عنه عملية مستمرة لإدارة الصراع مع تفاوت الأولويات الدولية تجاه الانخراط مجددا في عملية “التسوية السياسية”. الأهم من ذلك أن هناك اجماع وطني حول خطورة حالة التراجع العام الذي تشهده الساحة الفلسطينية وتشوه الحالة الديمقراطية وتراجع المؤسسات في ظل تغليب المصالح الحزبية (وحتى الفردية) الضيقة على الصالح الوطني.
لا يخفى على أحد، أننا كشعب نواجه مسؤولية جماعية وطنية تحتاج الى توافق وطني وبرنامج سياسي واضح لكي نتمكن من المضي قدما في مشروع التحرر الوطني. ومن الواضح أن هناك تشتت وتباين عميق في تصور آليات الخروج من مأزق اللاحل (الاحتلال الاستعماري الاستيطاني والمشبع بالفصل العنصري) ومأزق الانقسام ومأزق الانهيار الواضح في المنظومة القيمية العامة. الا أنه بلا شك، يمكن اعتبار مرسوم الرئيس حول الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني فرصة لإعادة بناء وترتيب الأوضاع الفلسطينية بالرغم من اشكالياته والجدل القائم حول مشروعيته، وخاصة أنه يندرج تحت بند دولة فلسطين بالرغم من محدودية السلطة في إطار اتفاقيات أوسلو من جهة، وعدم وضوح مدى وطبيعة مشاركة الفلسطينيين غير المقيمين في الضفة وغزة من جهة أخرى.
لا يمكن تجاهل حقيقة أن فكرة الانتخابات بحد ذاتها، -اذا ما أحسن توظيفها-، يمكنها أن تجدد الأمل في اعادة بث الروح في العملية الديمقراطية وفي اطلاق النقاش الداخلي حول القضايا الملحة التي تواجه الواقع الفلسطيني سواء على المستوى السياسي العام أو على مستوى القضايا الحياتية اليومية. تشير الاستطلاعات حول موضوع الانتخابات الى أن هناك تطلعا شعبيا واسعا –على أقل تقدير (تحديدا) في الضفة الغربية والقطاع-لعملية التغيير وخاصة فيما يتعلق بالحد من الفساد وتراجع الأداء وغياب الشفافية في تنفيذ السياسات العامة. فاضافة الى القضايا الوطنية الكبرى مثل حق تقرير المصير وتحقيق الاستقلال الوطني واقامة الدولة وحق العودة للاجئين والقدس، هناك مجموعة من القضايا الحياتية التي تشغل بال المواطن في ظل حالة الانهيار الشاملة على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأهمها القيمية والتي ان تم تجاهلها أو اهمالها سوف تؤدي الى تفكك المجتمع الفلسطيني (في الضفة والقطاع والقدس) الذي يواجه حربا وجودية شرسة.
فنحن أمام وضع معقد ومركب ولكنه بحاجة الى رؤية وطنية نهضوية تساهم في تعزيز صمود الشعب والحفاظ على بقائه أمام هذه التحديات. منطقيا، لا يوجد حلول سحرية أو آنية لمعالجة هذه القضايا. من الواضح للجميع أن الانتخابات لن تنهي الصراع ولا الاحتلال على الأقل في المدى المنظور ولكن يبقى السؤال فيما اذا كان يمكن لهذه المرحلة وبالرغم من اشكالياتها المتعددة، أن تصبح مرحلة عبور الى وضع أفضل مما هو قائم بحيث تساهم في تحصين المجتمع الفلسطيني بشكل نوعي يمكنه من مواجهة التحديات الوجودية التي يفرضها الاحتلال والانقسام والفساد.
يجدر الذكر أن هناك موقفان حول جدوى الانتخابات. الأول يرى أن هذه الانتخابات سواء عقدت في الوقت المحدد لها أو لم تعقد، كأن يتم تأجيلها الى أمد غير معروف، يمكنها أن تشكل حالة حراك ديمقراطي يمكن أن يكون ايجابيا بالنظر الى الحراك المجتمعي والسياسي الذي بدأنا نشهده منذ اصدار المرسوم. والثاني يرى أنه طالما أن هذه الانتخابات تعقد في ظل ما هو قائم (الاحتلال والانقسام) وفي ظل الشروط المعمول بها، سوف تؤدي إلى تعمق الانقسام والى المزيد من التفتت السياسي والاجتماعي. بالإضافة الى المخاوف التي تتمثل بإضعاف متزايد لمنظمة التحرير الفلسطينية وما تمثله للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
اذا ما العمل؟ هل يستسلم الشعب الفلسطيني الى واقع الاحتلال والى سياساته الهادفة الى تفتيت الشعب الفلسطيني والى الانقسام بين الحزبين الحاكمين في رام وغزة أو يمكن انتهاز هذه الفرصة للعمل على ترتيب الأولويات الرئيسية ومحاولة العمل حيثما أمكن -على أقل تقدير-ابتداء من معالجة القضايا الملحة التي تقع ضمن اختصاصات المجلس التشريعي والسلطة الفلسطينية والتي تعتبر ضرورية لتمكين المجتمع الفلسطيني وصموده لمواجهة المرحلة الصعبة التي يمر بها. هل يمكن أيضا استغلال هذه الفرصة للعمل على القضايا السياسية الرئيسية التي تعتبر من اختصاصات منظمة التحرير والمجلس الوطني والتي يجب أن تبدأ بأهمية توحيد الرؤية الوطنية والخطاب الفلسطيني ما بين الداخل والخارج؟ هل يمكن أن يشكل هذا الحراك حول الانتخابات محطة عبور الى التلاحم الوطني والذي يمكن أن يوفر رافعة لدعم الحقوق الفلسطينية على المستوى الدولي أيضا. وهل يمكن استغلال هذه الفرصة بالرغم من تحديات المرحلة، للتركيز على آليات العملية الانتخابية وتمكين المواطن من المطالبة بضرورة طرح المترشحين لرؤاهم الوطنية وبرامجهم الانتخابية والقوانين والسياسات العامة التي يسعون الى صياغتها وتشريعها وتنفيذها سواء على صعيد الأمور السياسية أو الحياتية؟
للإجابة على هذه الأسئلة بشكل ديمقراطي، تبرز أهمية دور المفكرين الفلسطينيين ومراكز الفكر والمؤسسات الأهلية الفلسطينية لما يمكن أن تساهم به لإطلاق الحوار العلمي والشامل حول هذه القضايا. لا يمكن الادعاء أن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بما في ذلك المؤسسات الفكرية والأهلية بعيدة عن الانشغال بالشأن الفلسطيني. الا أنه من الواضح، وبالرغم من كثافة الحراك الفكري الداخلي والخارجي، أن هناك مشكلتان أساسيتان تعيقان الاستفادة القصوى من امكانيات هذه المؤسسات. الأولى تتمثل في وجود حلقة مفقودة في دائرة العلاقة ما بين عمل هذه المؤسسات والسياسي والمواطن. لا يزال النقاش الفكري يتم في دائرة مغلقة ونخبوية، ولا يزال السياسي يستخدم المواطن لخدمة أهدافه الآنية (سواء بوعي أو بدون وعي) وبدون التزام حقيقي لدوره في خدمة القضية والصالح العام، ولا يزال المواطن في عزلة يصارع من أجل البقاء في ظل هيمنة مزدوجة للاحتلال والفساد السلطوي في مناطق الحكم الذاتي في الضفة وغزة، ناهيك عن حالة الاغتراب التي يعاني منها معظم الفلسطينيين في مخيمات اللجوء والمهاجر والمنافي والتمييز والتهميش في الأراضي المحتلة منذ العام 1948.
أما المسألة الثانية تتمثل في أنه وبالرغم من زخم المجهود الفكري وكثافة عمل المؤسسات الأكاديمية والفكرية والبحثية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي ال 48 والشتات، – ويقصد هنا كافة المؤسسات بغض النظر عن اتجاهاتهم سواء كانت ليبرالية أو اسلامية أو يسارية، الى غير ذلك، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الجامعات، ملتقى فلسطين، مركز مسارات، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مدى الكرمل، ومؤسسات اللاهوت المسيحي وغيرها وكلها مؤسسات ذات صلة بالواقع الفلسطيني ولديها الكفاءات والخبرات اللازمة التي تمكنها من المساهمة في اثراء النقاش حول القضايا الملحة التي تواجه الشعب الفلسطيني-، تكمن المشكلة الرئيسية في العمل الفردي لهذه المؤسسات. بمعنى أنه لا يوجد تنسيق جماعي أو تقاسم أدوار وفقا لاختصاص كل مؤسسة ولا يوجد أي جهد لتجميع الاستخلاصات الفكرية والسياساتية مما يضعف الاستفادة الوطنية من هذا الزخم ويشتت الجهود والأفكار.
بشكل عام، يمكن أن تشكل هذه المرحلة فرصة سانحة لكي تلعب هذه المؤسسات دورا رياديا في العمل المشترك لإطلاق الحوار حول القضايا الوطنية الملحة والتعاون المشترك لعرض الحلول الممكنة بعيدا عن التجاذبات الحزبية والمصالح الفئوية وبحيث تشكل نموذجا معياريا للعمل الجماعي الذي نحتاجه بشدة في هذا الأيام. ربما يساهم العمل المشترك في كسر الجمود في آليات الحوار والفعل الديمقراطي الفلسطيني ويساهم في اعادة تركيب العلاقة بين الفكر والسياسة والمواطنة (أي الشعب) بشكل يخدم اعادة توجيه البوصلة الوطنية. ويبدأ ذلك من نقطة اخراج الحوار من دائرة النخبة واتخاذه دورا فاعلا ورئيسيا في عملية التغيير السياسي والاجتماعي. جميع هذه المؤسسات لديها القدرة على تحريك التفكير وطرح القضايا المحورية للنقاش. لذلك، لربما اذا اجتمعت حول الهدف الجماعي، يمكنها مواجهة السياسيين بضرورة العمل على ايجاد الحلول المناسبة للقضايا الوطنية الشائكة على أساس دراسة آليات التدخل الواقعية الآن وحيثما أمكن وكيفية البناء عليها على المدى القصير والمتوسط والبعيد من جهة، ورفع وعي المواطن/ الشعب وقدرته على المشاركة في صنع القرار من جهة أخرى. فالمواطن هو الذي يمنح الشرعية للحكام وهو الأساس الضامن لاستمرار الحكم الجيد الديمقراطي المسؤول والخاضع للمساءلة، ودوره لا يبدأ فقط عندما تتم العملية الانتخابية وكذلك لا ينتهي بمجرد انتهاء العملية الانتخابية، انما يبدأ في مطالبة السياسيين والمترشحين للانتخابات بالتعهد لتنفيذ مطالبه ويضعهم أمام مسؤولياتهم.
يمكن تحديد أهم القضايا التي تحتاج الى نقاش علمي وبرامج وطنية واضحة لمعالجتها:
على مستوى منظمة التحرير والمجلس الوطني:
- تحليل للواقع الفلسطيني يشمل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، إضافة إلى المناطق المحتلة منذ عام 1948 (فلسطينيو الـ 48)، ومخيمات اللجوء والشتات الفلسطيني. ويمكن لكل مؤسسة فكرية متخصصة في العمل الأهلي العمل على إعداد ملفات محددة، وفق تخصصها، لكن عبر التنسيق مع بعضهم البعض. الغرض من هذه الدراسات الوصول إلى توصيات عملانية قادرة على أن تخرج من حيز التنظير السياسي إلى مجال الفعل العملي.
- صياغة الرؤية الفلسطينية على أساس ما يجب عمله لتحقيقها على المدى القصير والمتوسط والبعيد في ظل المتغيرات القائمة (في السياق الوطني والاقليمي والدولي)
- التشديد على ضرورة أن يكون المجلس الوطني بمثابة برلمان لكل الفلسطينيين وفي كل أماكن تواجدهم. فهو الاطار الجامع الذي يعبر عن الوعي السياسي الوطني.
على مستوى المجلس التشريعي والسلطة الوطنية:
- اعادة الاعتبار الى المواطنة الشاملة بالاستناد الى وثيقة الاستقلال والقائمة على المساواة ومنع التمييز لأي سبب كان سواء على أساس الجنس أو الدين أو الانتماء السياسي أو غيرها من ضروب التمييز. الانسان الفلسطيني هو رأس المال الرئيسي في مشروع النضال الفلسطيني ضد سياسة الاستعمار الاستيطاني الاحلالي. إن لم نتمكن من تحرير الانسان، فلن نستطيع تحرير الأرض.
- اعادة بعث القيم الوطنية وبناء الذات الفلسطينية وفق مناهج تعليمية قائمة على حقوق الانسان وحرياته، وفصل الشأن الديني عن الشأن السياسي.
- ضمان الحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير وتحديد دور الأجهزة الأمنية في مناطق السلطة الفلسطينية
- انهاء الانقسام الفلسطيني وطي صفحته، لأنه يسيء لأخلاقيات وعدالة القضية الفلسطينية.
- تعزيز سيادة القانون بما في ذلك الآليات والمؤسسات والأعراف التي تعزز المساواة بين المواطنين أمام القانون والتوقف عن الاستخدام التعسفي للسلطة
- ضمان الأمن الشامل للمواطن الفلسطيني ودور الجهات الأمنية في ضمان السلم الأهلي.
- اصلاح القطاع الصحي بما في ذلك معالجة تبعات جائحة الكورونا والتأمين الصحي الشامل.
- ضمان فعالية واستقلالية السلطة القضائية.
- مراجعة نقدية للنموذج الاجتماعي الاقتصادي النيوليبرالي في ظل التراجع الكبير لمنظومة القيم والابتعاد عن النمط الاستهلاكي الذي يقيد الانسان ويقيد من امكانياته في البناء والصمود والمقاومة.
- رؤية اقتصادية لتعزيز صمود المواطنين في مناطق السلطة وتوزيع عادل ومتكافئ للموازنات (على سبيل المثال، موازنات التعليم مقابل موازنات الأجهزة الأمنية).
- خطة اقتصادية لمكافحة البطالة وادماج تشغيل الشباب ومعالجة الفقر والقضايا المتعلقة بأكثر أفراد المجتمع تهميشا كالأسرى وعائلاتهم والمسنين والنساء.
- تعزيز صمود السكان في المناطق المهددة بالاستيطان والتهجير.
- تعزيز صمود أهلنا في القدس ووضع استراتيجية لمكافحة التطهير العرقي الجاري بطريقة ممنهجة من قبل دولة الاحتلال
مع العلم بأن القضايا الآنفة الذكرهي قضايا مفتوحة للنقاش العام ويمكن التفكير في صيغة عملية لاطلاق العمل حولها من خلال:
– الدعوة الى لقاء أولي مع مجموعة من الخبراء الأكاديميين والمفكرين وناشطي المجتمع المدني لمناقشة هذه المواضيع وامكانية بعث الحياة الديمقراطية والمواطنة الجيدة والحكم الصالح حتى في ظل استمرار الاحتلال. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار مناقشة توزيع المسؤوليات وآليات العمل والوسائل والموارد اللازمة لتنفيذ العمل المشترك.
– التفكير في السبل الأنسب لتعميم هذه القضايا وعرض الحلول اللازمة لتغيير هذا الواقع سواء في المنابر الفكرية أو من خلال الاعلام أو من خلال اللقاءات المباشرة مع كافة الأحزاب والفصائل والمترشحين للانتخابات وحتى ممثلي المجتمع الدولية وحركات التضامن الدولية.
– خلق الوعي الوطني اللازم وتعزيز دور المواطن في فرض هذه القضايا على الأجندات الوطنية من خلال حملة تثقيفية على كافة المستويات المجتمعية والسياسية والدينية والمفكرين والقيادات الوطنية والمؤسسات في الداخل والخارج. على سبيل المثال، يمكن التركيز حاليا على قضية عينية (مثل قضية الشيخ جراح وقضية الكورونا) كنموذج عملي لاختبار العمل الوطني المشترك (دعوة أعضاء المجلس التشريعي السابقين والمسؤولين عن هذه الملفات في السلطة، والمترشحين من كافة الأحزاب والأفراد وناشطي الحملات الشعبية سواء في قضية الشيخ جراح أو الكورونا وممثلين عن المجتمع الدولي لمناقشة آليات الخروج من هذه الأزمات ومسؤوليات كل طرف للحفاظ على استمرارية وجود أهالي الشيخ جراح، ووقف التدهور الحاصل على المستوى الصحي).
إن الإقرار بمحدودية الفعل الديمقراطي لا يعني بحال من الأحوال أن لا نعمل، بل يقتضي أن نُعمل الفكر بحثاً عن مخرج. هناك نقاط ضعف استراتيجية في حالنا الفلسطينية، لكن ثمة نقاط استراتيجية بالغة الأهمية، أهمها تواجد ما يقارب من سبعة ملايين فلسطيني في أرض فلسطين التاريخية وفي نفس الوقت وجود زخم وطني فكري داخل وخارج فلسطين. يستحضرني هنا ما قاله غبطة البطريارك ميشيل صباح بعيد مناقشه فيلم “بطريرك الشعب”: “المهم أن نتقدم ولو خطوة إلى الأمام”. نعم من المهم أن يكون انشغالنا كمثقفين ومنتجين للأفكار والرؤى أن نتقدم إلى الأمام، وألا يصبح همنا البحث والجدل أو التفرد بالأفكار بدون محاولة تحويلها إلى قوة تغيير على المستوى الوطني سواء داخل الأراضي المحتلة أو خارجها.
هذا ما قاله البطريارك ميشيل صباح: “يجب أن يصير تفكير شامل ومفتوح، مناقشة عامة، لماذا وصلنا الى هذه الحالة، يجب أن نعرف أننا أمام موت، يجب أن نكون جديين، حتى في أمورنا البسيطة، نربي أبنائنا على أن يكونوا كلهم كفاءات قادرة على العيش وقادرة على المحبة بمقهوم المحبة، الذي عرف ان يكلم القاتل نفسه بهذا الخط الذي يجب ان نعيش فيه: أمل، بقاء، عدم هرب، احنا بين موت وحياة…يجب أن نستخدم عقلنا بكل طاقاته، وكل ما لدينا من طاقات علقلية لا يستثنى احد – الصغير والكبير. الكل يفكر حتى نخرج برؤيا عاقلة وكلام عاقل ندخل به المرحلة الجديدة بعد 70 سنة مضت.”[1]
رابط فيلم بطريارك الشعب، محطات مع البطريارك ميشيل صباح
[1]https://www.youtube.com/watch?v=0gV9l_rWd7c&t=39s
اللوحة للفنان الفلسطيني الراحل اسماعيل شموط