هل تستطيع منظمة التحرير إدارة الصراع برؤية 2048؟


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

التاريخ تراكم هزائم وانتصارات ولأنه هكذا ستحاول هذه المقالة الجواب على سؤال مفصلي ومصيري هل تستطيع منظمة التحرير الفلسطينية بما هي عليه اليوم وغيرها حمل مهام استراتيجية وإدارة الصراع برؤية 2048 في ظل اختلال موازين القوى الرهيب؟!

في هذا السياق كان لا بد ان تأتي “صفعة ترامب” ليتبدد الوهم ويلتقي الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية, مخيمات اللاجئين والشتات موحداً في هزيمته وقضيته ممزقاً في الوطن ووحدته بردته الى البنى الما قبل وطنية من حمائلية, قبلية, مناطقية, طائفية وفصائلية بعد تخلي منظمة التحرير عن نفسها كمجسد لوحدة الشعب وعنهم وعن حلم الديمقراطية متماثلة مع سلطة فلسطينية غيبت شروط الثورة من تنظيم  ثوري, قائد ملهم والرؤية الفكرية والسياسية الموجهة والتي كانت إسرائيل وما زالت تعمل على تدميرها اما باغتيال القيادات, سجنها, نفيها أو استبطانها كطبقة مصالح سياسية من بين ادوارها اقصاء من يختلف معها عن مواقع القرار والتأثير أو ارغام البعض على النأي بنفسه عن ذلك خوفاً من وسخ المرحلة.

هكذا تخطت الهزيمة اليوم مصداقية وجود منظمة التحرير بوضعها وجهاً لوجه في تناقض مباشر مع ضرورة ولادتها التاريخية المجسدة في مبادئ ميثاق انطلاقتها وحتى اضعف الأيمان مرحلية برنامجها.

لقد تحققت أهداف الاستراتيجية الامريكية-الإسرائيلية وحلفائها اكثر بكثير مما توقعوا لأنها كانت وبقيت مخطط كامل متكامل استهدف منظمة التحرير الفلسطينية  في شرعية وجودها, تمثيلها وتجسيدها لوحدة الشعب الفلسطيني. الهدف الذي لم يتستر عليه هنري  كسنجر بعد هزيمة حزيران وخلال حرب الاستنزاف على قناة السويس وأيلول الأسود في الأردن عام  1970 بقوله:

” أن تسويف الحل هدفنا وسيصب في مصلحتنا اخر المطاف. هكذا سنثبت للمتطرفين العرب انه لا حلول  بدون أمريكا. نعم هدفنا هزيمة اعدائنا “الراديكاليين” العرب ومن خلال ذلك اثبات ان الصداقة مع الولايات المتحدة وحدها هي الشرط لنجاح العملية الدبلوماسية والوصول لحلول.” وكسنجر نفسه هو الذي حدد الهدف القضاء على الثورة الفلسطينية التي وحدت الشعب الفلسطيني بعد ما كان قضية لاجئين وغدت قوة متنامية تهدد نظام الملك حسين لا بل تفرض “الفيتو” على كل توجه عربي صديق لأمريكا على حد تعبيره. تباعاً لذلك جاءت الحروب العسكرية والضربات الدبلوماسية متتالية ومعها المتغيرات الإقليمية والعالمية وضغط بعض النخب الاكاديمية الفلسطينية حتى اقتنعت م. ت. ف  بمقولة السادات ان 99% من أوراق الحل في يد أمريكا الأمر الذي ادخلها “حوش” شرعية الدبلوماسية الامريكية ومعه اسقطت من يدها ورقة تمثيلها وتجسديها لوحدة الشعب خطوة تلو الاخرى.

في هذا السياق يقول ادوارد سعيد في مراجعة موقفه الداعم للتفاوض والسلام  كما يفعل الكثير اليوم من النخب التي رشدت, عقلنة وشرعنة مسار الهزيمة:

“عادت فلسطين الى التيار التاريخي التحرري بعد 1967 عندما تشكلت فيها حركة مقاومة وطنية معادية للكولونيالية على رأسها منظمة التحرير الفلسطينية. لكن منظمة التحرير, عكس كل حركات التحرير في العصر الحديث, استسلمت أمام القوة الكولونيالية بدل أن تدخل في تسوية معها بعد هزمها واجبارها على الانسحاب. وهذا ما يسمى الان “القبول بالحل الوسط” كما جاءت به وثيقة اعلان المبادئ التي صدرت في أوسلو ثم اتفاق القاهرة وباريس لاحقاً. لكن مهما تم التلاعب بالتسميات فلن يمكن إخفاء ما كان بالنسبة للجانب الفلسطيني تخلياً كبيراً عن المبادئ وانحرافاً عن التيارات الرئيسية للتاريخ الفلسطيني والأهداف الوطنية.. كنت دوماً من مؤيدي التصالح والتفاوض بين العرب واليهود, لكن على أساس من المساواة, وليس على حساب الفلسطينيين وحدهم.”

ويصل ادوارد سعيد الى بيت القصيد بقوله:

“رغم ان معاناة الشعب الفلسطيني ستستمر تحت النظام الجديد فان ذلك لا يعني ان جميع الأفراد سيعانون بالمقدار نفسه. واذا كانت إسرائيل قد خرجت منتصرة وخسر الشعب الفلسطيني, فهنالك في صفوفه (الشعب الفلسطيني) أيضاً المنتصرون والخاسرون. ويبدو أن القيادة الحالية لمنظمة التحرير ضمنت لنفسها التفوق وذلك بحصولها على العقود المغرية والمناصب التي تُشغل على أساس سياسي والسيطرة على الشرطة الفلسطينية.. وما يبعث على القلق لدى الكثير من الفلسطينيين هو عدم وجود نظام يخضع هذه السلطة للحساب والمساءلة.”

تشخيص يلتقي مع ما ذهبنا اليه أعلاه وأن كان أوضح في فرزه بين الشعب الخاسر المهزوم وبين منظمة التحرير المتماهية في السلطة الفلسطينية وطبقتها السياسية المنتصرة في سياق ما ذهب اليه ادوارد سعيد.

بعد كل ما ذكر أعلاه هل تستطيع منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها اليوم حمل مهام الرؤية الاستراتيجية لادارة الصراع بمنظور 2048؟!

قطعاً لا. لا هي ولا التنظيمات المنضوية تحت لوائها أو المنافسة لها حماس والجهاد.

ما نطرحه يجسد وحدة الشعب في فلسطين التاريخية , مخيمات اللجوء والشتات الفلسطيني. مشروع أوسع من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير على قيودها ولكنه يستطيع استيعاب م.ت.ف الجديدة الموحدة العائدة الى نفسها بمضمون ونهج المؤتمر الوطني الأفريقي في النضال.  منظمة التحرير هذه تشكل مجلس حكومة مؤقت بعد التشاور مع الأحزاب , الحركات والمنظمات المدنية. مجلس الحكومة المؤقت هذا يشرف على سن دستور أساسه قانون الجنسية والعودة وفقاً للخطة. وكذلك يشرف على انشاء أجهزة الحكومة الإدارية المستبطنة لما هو قائم على ان يتراجع كادر السلطة الفلسطينية لقيادة مجالس السلطات المحلية الخاضعة ايضاً للانتخابات الديمقراطية العامة لكل الشعب الفلسطيني بما يخص مؤسسات الدولة في موعد يحدده مجلس الحكومة المؤقت. منظمة التحرير نفسها ستستمر في مواكبة البناء والتمكين والتنظيم المجتمعي كسياج حماية للسيرورة برمتها وتحسباً لكل طارئ مواجهة وصدام اذا استلزمت المرحلة.

طبعاً مع الإقرار هنا أن واقع الشعب الفلسطيني اليوم لا يمتلك شروط الثورة والتغيير: القائد الخرزماتي, التنظيم الثوري والرؤية الفكرية السياسية الموجهة ولا حتى القوى الجماهيرية المتحركة للتغيير.

 

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

مؤلف: عامر الهزيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *