نيسان .. كذبتنا الصادقة

يولد من كذبة بيضاء ترنّ في هاتفك الجوّال تبشرك بعيد ميلاده ، وتصدّق هذا الشهر المحتال يشرق شمسا ساطعة على شبّاك غرفة نومك ، يحمل لك تيشرت الصيف بيده ، ويخفي باليد الثانية بلوزة الصوف خلف ظهره ، ويمارس كذبه بين غيمة ماطرة ودهشة زهر اللوز حين يداهمه المطر ، وهو على شباك غرفة نومك يعدّ لك المقالب بمهارة توم وجيري ، وأنت الحائر أمام خزانة ثيابك لكي تقع في كمينه حين تُطلّق بالثلاثة كنزة الصوف ، ويتفرج على خفة قميصك القطني الخفيف ، ويمارس طيشه حين يقرر فجأة ان يمطر بردا على بلاهتك ..

أجمل الشهور نيسان وهو يعدّ لك الصيف بمهارة أطباق الشيف رمزي ، ويرسم بأحمر الشفاه شقائق النعمان بأناقة لانكوم ، وتصدّقه وهو يحمل لك اللوز الأخضر في كفه ، وينتظرك على شاطئ العجمي في يافا ، ويمارس تردده مثل “نطة ” فلسطيني من فوق سور عكا الى البحر ، ولكنه فجأة يغير رأيه ويمطر بغزارة على صيفك المنتظر..

نيسان … قلب فلسطين الأخضر يحاول بشتلة خبيزة ان يكتبك في بلادك بالخط الأخضر .. ويطلّ عليك من مطار اللد ويحضن دموعك مع الندى ، وينهمر من عينك زعتر ..

نيسان .. كذبتنا الصادقة ، وكذبنا المشروع في كذبة بيضاء في عصر الكذب بجميع الألوان ..

نيسان .. برد منفاك السويدي الأشقر يكذب بشمس ساطعة على جليد شباك غرفة نومك … وقميص بنصف كم يتمختر في بلادك يكذب على معطفك الصوفي في نشرة جوية كاذبة ..

نيسان يا كذاب الشهور .. اصدقْ مرة واكذبْ وقلْ لي : اني اشرب قهوتي هذا الصباح على رصيف في الناصرة أضحك على كذبة فلسطينية تغمسّ قافها بالكاف تقول لي : في الأول من نيسان اخذوا ركاكة عبريتهم من فصاحة بلادنا .. ورحلوا .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *