قبل سبعة أعوام  تماما في مثل هذا اليوم فقدت عائلتي بالكامل لعدة ساعات. انقطع الاتصال تماما. استيقظت على رسائل أختي الأكبر مني باكية بأن هناك مجزرة في الشجاعية وأن أهلى لا يتسجيبوا للهواتف والقصف مستمر.

كنت نمت قبلها بسويعات فقط.  كان في بيتنا ما يقارب من 35 فرداً أصغرهم أقل من سنة وأكبرهم أبي عندما كان في السبعين من العمر. في ذلك اليوم المشؤوم ضربت اسرائيل  خلال  24 ساعة 7000 قذيفة على حي الشجاعية، منهم  4800 قذيفة خلال  سبعة ساعات.  من بين هذه القذائف 258 من الأحجام 175mm و 155mm وعشرات القذائف الارتجاجية. يقول ضابط في البنتاغون حسب كتاب رشيد خالدي الأخير، ” لم نصدق التقارير التي كانت تصلنا عن حجم النيران هناك”. 

أمام الشاشة في مدينة ميلانو كنت أنتظر أي خبر عن أهلي. اتصلت بالصليب الأحمر لعلي خبراً عنهم.  بقيت انتظر أسماء الشهداء لعلي أعثر على اسم منهم. بقيت انتظر حتى رأيت تسجيل قناة الجزيرة والجثث الممددة وشارعنا وبيتنا وكأن رائحة الدم وصلت لأنفي من غزة لميلانو.  بعد رؤيتي للجثث الكثيرة، فقدت الأمل وقلت في خاطري ” راحو”.

بعد ساعات استطعنا أن نعثر عليهم حيث كانوا يمشوا واحيانا زحفاً بعناء شديد هربا من القذائف من شرق غزة لغربها. توزعوا على بيوت أخوتي واخواتي في غرب غزة.  عند الساعة الخامسة قصف برج وسط مدينة غزة. نظرت للصور القادمة من هناك فرأيت شاب وامرأة ملامحها معروفة لي. لم أكن اعرف أنها اختي الكبرى وابنها وقد غطت الدماء والتراب  وجوههم. لقد قصف برج بجانب بيت اختي فدمر بيتهم تدميرا كاملاُ وبعناية وقوة بقيوا على قيد الحياة.

بعد ساعات اتصل الجيش الاسرائيلي ببيت اختي الأخرى وطلب منهم اخلاء البرج تمهيداُ لتدميره. هذه المرة لم ينجحوا فرفض الناس النزول للشارع ولم يقصف البرج.

كان يوما من أسوأ الأيام في حياتي وسيبقى كذلك. عندما تعود العائلة من الموت، وتصل رائحة الدماء بعيدا عبر أجهزة الهاتف وشاشات الكمبيوتر.  في ذلك اليوم فقدت أصدقاء وزملاء وجيران أعزاء. ذهبت مع بعضهم للجامعة وأخرين لطالما قضينا  أوقاتا معا في حارتنا. كلما اتذكر هذا اليوم تنهمر دموعي بلا إرادة. كان يوما من جهنم!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *