نذكر ونذكّر كي لا ننسى
فصل آخر من فصول ايام تشرين الدامية في ذاكرتنا الجماعية
ثلاث وسبعون سنة لمجزرة عيلبون وعرب المواسي :
تصادفت اليوم الذكرى الثالثة والسبعون لمجزرة عيلبون والمواسي ( قضاء طبريا )
ومجزرة عيلبون كانت قد وقعت في يوم السبت الموافق 30 من شهر تشرين الأول عام1948 وأعدم فيها بدم بارد 14 شهيداً من شباب القرية في حين هجّر أهلها باتجاه الشمال إلى لبنان. وقد دام تهجيرهم عشرة أشهر، ثم عاد أهل القرية بعد هذه الفترة ليعمروا قريتهم من جديد. وعن تفاصيل المجزرة روى لي السيد لطف زريق في مقابلة كنت قد أجريتها معه في العام 2003 حيث قال : ” تجمع أهالي عيلبون في كنائس القرية في يوم التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول 1948 وذلك بعد إخلاء قوات جيش الإنقاذ لها. وقضوا ليلتهم في الكنيسة .
وفي صباح اليوم التالي دخلت القوات الإسرائيلية القرية، فقامت بإخراج سكان القرية من الكنائس مطلقين النار فوق رؤوس الناس النار لتخويفهم وإرغامهم على التجمع في ساحة القرية، فاستشهد عندها عازار سالم مسلم.
لم يستمع الجنود إلى نداء أهل القرية بالرغم من أنهم أعلنوا استسلامهم لكي يجنبوا بلدتهم الدمار.
بعد اجتماع السكان في ساحة القرية اختار الجنود 18 شاباً واعتقلوهم وأرغموا باقي السكان على النزوح شمالاً. اختار الجنود 6 من الشباب ليكونوا درعاً بشرياً وأجبروا على قيادة مركبة عسكرية في مقدمة الجيش حيث استطاعوا بعدها الفرار من الجيش والنجاة بأرواحهم. أما الباقون فقد تم إعدامهم بدم بارد .
وقد كانت تفاصيل استشهاد الشباب كالتالي : استشهد نعيم غنطوس زريق وحنا إبراهيم أشقر ومحمد خالد أسعد ، الذي لجأ إلى عيلبون بعد سقوط حطين، بالقرب من باب طابون أم الذيب بجانب ساحة القرية . واستشهد ميلاد فياض سليمان وفضل فضلو عيلبوني وزكي موسى سكافي في الشارع . استشهد عبد الله سمعان شوفاني وميخائيل متري شامي ورجا ميخائيل خليل بالقرب من مقبرة القرية. أما بديع جريس زريق وفؤاد نوفل زريق وجريس شبلي حايك فقد تم إطلاق النار عليهم في الساحة بعد أن كانوا قد منعوا من مغادرتها ” .
كما وارتكبت مجزرة أخرى في محيط قرية عيلبون بحق 15 شابا من عرب المواسي وذلك في الثاني من تشرين الثاني 1948 . وقبيلة عرب المواسي هي إحدى كبريات العشائر العربية الفلسطينية، وكانت مضاربها منتشرة في أقضية عكا وطبرية وصفد، حيث كان لها اليد الطولى في الكفاح الوطني على مدار سني الانتداب البريطاني وقدمت العديد من الشهداء . وقد ألقت القوات الإسرائيلية التي احتلت عيلبون في الثلاثين من شهر تشرين الأول القبض على 15 شابًّا من عرب المواسي بتهمة التعاون مع جيش الإنقاذ ثم أعدمتهم بدم بارد .
وعمّا حصل في ذلك اليوم يروي خليل حسين عوض الشواهدة ويقول : ” يوم احتلال عيلبون وبعده كنا نسمع صوت إطلاق النار . قتلوا أناساً من عيلبون وبعدها قتلوا 15 شاباً من عرب المواسي في منطقة تقع بجوار عيلبون تعرف باسم “باب الثنايا” .
في ذلك اليوم أنا كنت أرعى ماشيتنا، في منطقة السهل، وفي باب الثنايا على أطراف سهل البطوف، رأيت شخصاً يختبئ وراء شجرة سريس، رفع رأسه، فعرفته، كان من عشيرتنا ، كان اسمه سعد ، سألته ماذا جرى ؟ فأجاب بأنهم أطلقوا النار علينا ، كنا 16 شاباً، قتلوا 14 وأنا وشاب آخر، معجل العطية، لم نمت، وفقط جرحنا. وعندما شعروا بذلك رجعوا مرة ثانية، وأطلقوا النار على معجل بين عيونه، فمات على الفور . أما أنا ، فقد طاشت الرصاصة من فوق راسي . أنا قمت بدفن شهداء المواسي، أنا وأخي محمد وإسماعيل عبد الحميد وابن إسماعيل الحسين. كان الشهداء مقتولين بباب الثنايا . كانوا صفاً واحداً، تناثرت جثثهم على الجانبين إصاباتهم في صدورهم ورؤوسهم. عرفت عن مكانهم من سعد الذي وجدته مختبئاً، هو دلني على مكانهم. عندها قمت بمناداة أخي وآخرين. بداية وضعنا الجثث في مغارة بخربة عين الناطف. على أطراف البطوف الشرقية الشمالية. وعندما حفرت شركة “مقوروت” قناة الماء ، قمنا بنقلهم إلى مغارة ثانية. كانوا كوما من العظام. حملناهم على سلة تراكتور ونقلناهم إلى مغارة ثانية وأغلقنا المغارة عليهم. وبعد فترة لما صار عندنا مقبرة في عيلبون أحضرنا عظامهم وقبرناهم في مقبرة عيلبون ” .