لقد اعتادت العديد من قيادات الشعب الفلسطيني،  في مواقعه المختلفة الإنتقال السريع  من مواقف العزة والكرامة التي صنعتها الجماهير بصمودها وتضحياتها  الى مواقف ذل وهوان سياسية، ولنا في تاريخنا ومحطاته وتحقيباته علامات فارقة وأدلة دامغة كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:  الإنتفاضة الأولى التي  هُمشت جراء اتفاق اوسلو والإنتخابات الفلسطينية الديموقراطية عام ٢٠٠٦ التي  أدت الى الانقسام  وإقامة ونجاح القائمة المشتركة الذي قاد  الى تسمية بيني جانتس مرشحا لرئاسة الحكومة وحصول القائمة المشتركة على  عدد نواب غير مسبوق والذي أدى الى انقسامها وانحسارها وتفتت قواها وتردي الخطاب والأداء والممارسة السياسية لمركباتها التي تشرذمت.

وبحسب ما تداولته وسائل الإعلام العبرية  فإن حكومة التغيير البديلة لم “تسقط من الحساب” بعد، وأن لبيد وبينت من المتوقع أن يعلنوا عن حكومتهم المشتركة والتحالفية بعد يومين.( رغم أني أشكك في إحتمالية تشكيل هذه الحكومة).

نلفت انتباه أعضاء البرلمان العرب ونحذرهم مرة أخرى من دعم هذه الحكومة في أي شكل من الأشكال، فشعار يجب إسقاط نتنياهو لا يعني منح شرعية لمن هو مثله أو قد يكون أسوأ منه. قضيتنا كجماهير عربية فلسطينية ليست متعلقة بأشخاص وإنما بسياسات.

بيني جانتس، وزير الأمن الحالي والقادم هو الذي دمر المنازل   ونفذ المجازر ضد المدنيين والأطفال وأدى الى تشريد أكثر من ٥٠ الف مواطن  بقطاع غزة بالتنسيق مع رئيس الحكومة نتنياهو قبل عدة أيام.

ولكل من ليبرمان وساعر وبينت رصيده الغني في ممارسة القتل والتدمير ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ودعم الاستيطان والإحتلال والعنصرية والتمييز ضد المجتمع العربي في الداخل. بينت يعتبر “الفلسطينيون شظية في المؤخرة” وليبرمان يريد تنفيذ التهجير القسري” الترانسفير” ضد أهالي وادي عارة ويعتبر النواب العرب في البرلمان داعمي ارهاب يجب إعدامهم، أما ساعر فلا يؤمن اطلاقا  بحق الفلسطينين بوطن ويؤمن “بأرض إسرائيل الكاملة” وحين أشغل منصب وزير التربية شجع ودعم  الزيارات المدرسية للمستوطنات والى الحرم الأبراهيمي في الخليل  ومقدسات إسلامية أخرى. اضافة الى الكميات الكبيرة من خريجي المؤسسات الأمنية الذين يشغلون مناصب أعضاء كنيست في حزب يش عتيد ومن المتوقع تعينهم وزراء. بالإضافة الى ذلك فقد علمنا التاريخ أنه لا يمكن التعويل على أحزاب اليسار التي تجبن وتصمت في المواقف الحساسة والصعبة وتبغي أسرلة المجتمع الفلسطيني وتمييع الخطاب والممارسة السياسيين وهذه نماذج قليلة جدا فقط لما يدل على طبيعة هذه الشخصيات.

دعم الأحزاب العربية او المشاركة في هذه التركيبة يعتبر تجاوزا لخط أحمر آخر ومساومة وتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني. ليبرمان وبينت وساعر يمين أيدولوجي خطير يجب عدم منحهم السلطة والفرصة لتنفيذ مخططاتهم.

لقد قلنا أكثر من مرة بأن كل من يعتقد بأنه يمكن تحقيق حقوق المجتمع العربي من خلال البرلمان فهو موهوم. المجتمع العربي يتوقع ان يقوده ممثلون أقوياء يعبرون عن قضاياه بصورة مشرفة. كما يتوقع ان يتحمل منتخبيه المسؤولية والأبداع في ايجاد حلول لمشاكله دون التنازل عن حقوق التاريخية والجماعية والوطنية.

ما يتوقعه المجتمع العربي من منتخبيه أن يبذلوا جهدا لإقناع المجتمع اليهودي وممثليه بعدل وصدق روايتنا وليس أن يتغيروا هم ويتماشوا مع الخطاب المهيمن بذريعة الإختراق ومنهج التأثير!!

كما كانت التوصية على جانتس خطأ تاريخي فدعم حكومة لبيد-بينت خطأ تاريخي أيضا يتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية كل من يدعم هذه الخطوة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *