مياه البحار لن تنظّفكم!
(عن الانتقال إلى موقع ممارسة القهر)
عندما يدخل العربيّ الفلسطينيّ الكنيست باعتبارها برلماناً، فإن أضعف الإيمان أن يمثّل أهله وجموع ناخبيه خاصة إذا كان مندوباً عن حزب عربيّ (أو إسلاميّ). وقد يحدث أنه دخل البرلمان على متن حزب صهيوني ليبرالي أو يميني عنصريّ. هنا، فإنه سيمثّل سياسات حزبه التقت مع مجموعة انتمائه أو لم تلتقِ. وهو ما أثبتته التجارب العملية لنواب عرب في الكنيست.
ضمن هذا الإطار أو “الفْريم” فهمنا أداء الأعضاء العرب في الكنيست حتّى الآن وصنّفناه.
إلّا أننا حيال تغيير مزدوج على هذا الإطار. الأوّل، أن نواباً عرباً من حزب عربيّ/مسلم انضمّوا إلى الائتلاف الحكومي. والثاني، أننا نتحدث عن واقع سياسي دستوريّ هو ما بعد تشريع قانون القومية الذي جعل إسرائيل الرسمية ونظام حكمها تستكمل إجراءات الإعلان عن نفسها نظام أبرتهايد يميّز اليهود ويخصّم بامتيازات ويمنحهم أفضلية على غير اليهود وبالأساس مقابل العرب الفلسطينيين.
إذا نظرنا إلى أداء النواب العرب الفلسطينيين في الكنيست علينا أن نراه من خلال هذين التطوّريْن الهاميّة لأنه يُغيّر من معاني هذا الأداء ودلالاته. فالنواب العرب في الائتلاف يتصرّفون كأعضاء ائتلاف وليس كعرب ـ أنظروا تصويتهم الأخير على اقتراح قانون تعيين لجنة رسمية للبحث في مواجهة الجريمة المنظمة والعنف في المجتمع العربي الفلسطيني. فقد انتصر نواب “موحّدة” منصور عباس وإبراهيم حجازي للحكومة وكذلك فعلت النائبتان غيداء زعبي ريناوي وابتسام مراعنة.
اللافت أن النواب العرب معارضي القانون المصطفّين مع حكومتهم تحدثوا عن هذه التجربة كمركز يُفتي ويصدر الأحكام بخصوص أداء نواب عرب ليسوا في الائتلاف ـ أيمن عودة وأعضاء المشتركة. واعتبروا أن محاولة تمرير قانون كهذا ما هو سوى شعاريّة! وأن ـ حسب تصريحات بعضهم ـ خدمة المواطنين العرب وقضاياهم لا تمرّ عبر المُشتركة وأدائها بل عبرهم هم بوصفهم مركزًا وقريبين من الخواجة يسيرون معه كل الطريق إلى تكريس الأبرتهايد. حتى أن منصور عباس استطاع أن يلعب دور الذي يُفتي في يهودية هذا النائب المعترض على موقفه وذاك!
علينا أن نعتاد كما يبدو هذا المشهد البائس، فسيُرافقنا لمدة آمل ألّا تكون طويلة. فأحد السيناريوهات التي أتوقّعها هو عودة ائتلاف يميني ـ ليبرالي إلى الحكم يكون كل هؤلاء الذين ذكرتهم خارجه في “الهامش” يتعرّضون لتحقير أو استهزاء أو قمع من أعضاء الائتلاف.
ما حصل ليس تكتيكا ولا هو حنكة ـ بل هو انتقال واضح ومكشوف ووقح من موضع الضحية إلى موضع الجاني. وكل اللغات ومياه البحار لا تنظّف الضالعين بذلك.