مهووسون بماضينا والمستقبل بلا أفق واضح
أشباح الماضي الصهيوني وجرائم الحرب التي تم ارتكابها ضد الشعب العربي الفلسطيني الأصلاني لإقامة المجمع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني العنصري فوق أنقاضه. وتوالي تقارير المنظمات الحقوقية الدولية المتصلة بالجرائم التي تواصل إسرائيل ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين الانتدابية. وآخرها تقرير منظمة العفو الدولية الذي صنف إسرائيل كدولة فصل عنصري. تفرض نفسها على النقاش العام ليهود إسرائيل ، وتجبر الشباب على البدء بطرح الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالمستقبل الملتبس في ظل استمرار الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي .
فيما يلي ترجمة لمقال جديد في نسخة هآرتس الانجليزية الصادرة اليوم للصحفية كارولينا لاندسمان، تقول فيه : سقطنا في الماضي بدون مستقبل. وباتت الطريقة الوحيدة لدحض تصنيف إسرائيل كدولة فصل عنصري هي التأكيد على وجود “احتلال”، لأنه بدون احتلال يوجد “فصل عنصري”.
وترى أن الحل الوحيد يكمن في دفع التاريخ إلى الأمام نحو حل عادل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. .لكنها تتشكك في رغبة وقدرة الائتلاف الحكومي الحالي على القيام بذلك ، وترى بأن ذلك سيؤدي لسقوط إسرائيل في مسألة إضفاء الشرعية على وجودها .
المفارقة الكبرى أن الطبقة السياسية الفلسطينية المتكلسة غائبة كليا وغارقة في صراعاتها الداخلية . وعوضا عن مناقشة خطط العمل لتطوير صيغ النضال الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الهمجيه لجيش المستعمرة الصهيونية ومستوطنيها ضد أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والشيخ جراح وباب العامود وبيت حنينا وشعفاط والنقب وبيتا وبرقة وجنين ونابلس وبيت لحم والخليل . وبدلا من استنفار الديبلوماسية الفلسطينية للتحرك الفوري من أجل تسريع مفاعيل التراكمات الإيجابية على صعيد الرأي العام العالمي للضغط الدولي على إسرائيل وإخضاعها لنفاذ القانون الدولي وقانون حقوق الانسان، ومساءلة قادتها ومقاضاتهم أمام محكمة الجنايات الدولية.
ما يزال خطابها ينحصر في اصدار بيانات الشجب والتنديد والتلويح بتعدد الخيارات .فلا يأخذها أحد على محمل الجد: لا الشعب الفلسطيني ، ولا العدو الصهيوني ، ولا المجتمع الدولي .
غانية ملحيس
عنوان المقال: مهووسون بماضينا والمستقبل بلا أفق واضح
كارولينا لاندسمان
هآرتس 6-02-2022
لم تعد مجرد افتتاحية هنا وافتتاحية وهناك ، ولكنها أصبحت ظاهرة أوسع نطاقاً. لا يستطيع المرء أن يتجاهل أنه لبعض الوقت كان هناك نقاش كامل يدور- في هآرتس وأماكن أخرى- بشأن أحداث العام 1948. وهذا يشمل الأحداث في الطنطورة ، واستسلام المقاتلين في معركة كيبوتس نيتسانيم ، وجرائم حرب أخرى ارتكبتها إسرائيل خلال حرب الاستقلال.(آدم راز ، طبعة هآرتس العبرية 4 شباط) أو كلمة النكبة المتزايدة الاستخدام في الخطاب العام . تساءل موران شرير الأسبوع الماضي “لماذا الآن؟” وجوابه: بنيامين نتنياهو .
كتب شرير: الآن، وبعد أن لم يعد رئيسا للوزراء،”يمكن للمرء أن يأخذ استراحة من الأحداث الجارية، ويعود إلى معالجة قصة الإطار التاريخي”. ووفقا له ، “يشعر الكثير من الناس أن خطرا واضحا قد أزيل قبل سبعة أشهر. الآن يمكننا الحد من حالة الطوارئ العقلية لدينا، والبدء في الحفر في الجروح العميقة لوجودنا هنا “(هآرتس العبرية ،1 فبراير).
أوافق على أن السبب هو نهاية حكم نتنياهو. لكنني من وجهة نظري، الاستنباط ليس نتيجة استرخاء سياسي، بل العكس: انهيار كامل لمصعد الزمن. نتنياهو ترك اسرائيل بلا مستقبل. خلال سنوات حكمه قدم نفسه كبديل للمستقبل. ماذا سيحدث ؟ نتنياهو.
ماذا سيحدث مع المشكلة الفلسطينية؟ ماذا لوأوقفنا مفاوضات السلام؟ ماذا لوألقينا بحل الدولتين في مزبلة التاريخ؟ ماذا لو وضعنا كل البيض في سلة الحزب الجمهوري وهمشنا رئيسا ديمقراطيا؟ ماذا لو شجعنا أمريكا على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؟ ماذا لو مررنا قانون الدولة القومية وواصلنا التحريض ضد مواطنينا العرب؟
كان هناك إجابة واحدة على كل هذه الأسئلة : سيكون نتنياهو. نتنياهو صديق دونالد ترامب.نتنياهو يسيطر على الكونجرس ، إنه عبقري. الجميع ترتعد أقدامه خوفا منه. فلاديمير بوتين في جيبه.أوروبا قارة تحتضر. لا تقلقوا ، لدينا بيبي .
في كل ما يتعلق بالمشاكل الجوهرية لإسرائيل، لم يتم بناء بنية تحتية للمستقبل.لا شيء. نتنياهو حمل على كتفيه وهم مستقبل الدولة دون أن يضع أسسا على أرض الواقع .
الآن، وقد رحل. انهار المستقبل وسقطنا ببساطة في الوقت المناسب إلى الطابق الأرضي .إلى العام 1948 . سقطنا في الماضي بدون مستقبل . بتعبير أدق ، لأننا رفضنا في عهد نتنياهو أن نتحدث بصدق عن العام 1967 ، عدنا إلى المداولات بشأن العام 1948.اعتقدنا أننا تغلبنا على التاريخ ويمكننا أن نكون محتلين مؤقتين إلى الأبد. والآن ندرك أننا قد نكون ملوك مؤقتين إلى الأبد. لا يمكنك أن تخدع آلهة التاريخ.
كان أوري مسجاف مخطئا، في محاولته المجادلة بعدالة إسرائيل العام 1948 (هآرتس ، 15 كانون الأول). بمعنى أنه ، بمجرد أن تنجذب إلى هذا النقاش ، تكون قد خسرت.
الجواب يكمن في المستقبل وليس في الماضي. بعد عقد من التعنت الدبلوماسي في عهد نتنياهو ، داست إسرائيل الخط الأخضر ،حتى من دون ضم المناطق، كما يريد اليمين. وبدون أفق لتقسيم الأرض ، فكل ما تبقى هو رؤية جانبي الخط الأخضر كجزء من كيان سياسي واحد.
كم هو مثير للسخرية أن الطريقة الوحيدة لدحض تصنيف إسرائيل كدولة فصل عنصري هي التأكيد على وجود احتلال، لأنه بدون “احتلال” يوجد “فصل عنصري”.
الأمريعود الى أن كل شخص يروي القصة بالعودة للماضي، واستنتاج البداية من النهاية. لكن الطريقة الوحيدة لإصلاح القصة هي تغيير النهاية وليس البداية. لدفع التاريخ إلى الأمام نحو حل عادل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وبالتالي ، فإن السؤال الوحيد الآن :هو ما إذا كانت الحكومة الحالية تريد ، وقادرة على دفع إسرائيل والفلسطينيين نحو حل الصراع.
إذا لم يكن الأمر كذلك ، فإن هذه الحكومة التي فرضت على نفسها شللاً دبلوماسياً تاماً فيما يتعلق بالصراع ، وستدخل التاريخ كمرحلة أخرى في سقوط إسرائيل في مسألة إضفاء الشرعية على وجودها.