مهارة فلسطينية في صناعة ما يفرّقنا !
بين الفلاحين الفلسطينيين وأهل المدن في فلسطين ثمة ” صراع ” خفي له صفة الغيرة بين بساطة حياة القرية وتعقيد حياة المدينة ، ورغم ان نكبة 48 التي جمعت في مخيمات اللجوء أهل القرى مع أهل المدن في طبقة اجتماعية واحدة هي طبقة اللاجئين تتقاسم المخيم والتشرد فان هذا ” الصراع ” لم يتوقف في مخيمات الشتات ..
فشهدت السنوات الأولى من اللجوء بعض المشاحنات بين لاجئي القرى و لاجئي المدن .. فلقد فتحت عيوني على الدنيا في مخيم العائدين الفلسطينيين في حمص السورية على مشاحنات ” هبلة ” بين أهالي قرية الشجرة و أهالي مدينة صفد حيث احتفظ أهالي القرى بزيهم الفلاحي من الشروال والقمباز والحطة والعقال في المخيم وسط أزياء أهل المدن الفلسطينية من حيفا ويافا وصفد التي كانت كثيرا مثار السخرية التي كانت تنتهي الى عراك بين ” المنكوبين ” تحت سقف خيمة واحدة ..
حين كبرت عرفت ان المشاحنات المتكررة بين أهالي قرية الشجرة وأهالي مدينة صفد سببها مباراة لكرة القدم وبطلها ” شروال ” شجراوي في قصة طريفة ..
بدأت القصة حين شكّل أهالي صفد في المخيم فريقا لكرة القدم كان يتفرج عليهم أهالي قرية الشجرة مبهورين بلعبة يشاهدونها لأول مرة في حياتهم .. ومع الأيام دفعتهم ” الغيرة ” الى تعلم قوانين المباراة و شكلوا فريقا مماثلا لفريق صفد وقرروا هزيمتهم ولكن المشكلة كانت ” بالشورت ” الذي كان يلبسه فريق صفد الذي رفض أهالي
الشجرة كشف سيقانهم ، وأصروا على لعب المباراة ” بشراويلهم ” الفضفاضة .. ونشب الصراع بسبب ” شروال ” حارس المرمى الشجراوي في هدف صفدي اصطدم بقماش شروال حارس المرمى حين فرد رجليه على عرض المرمى علقت به الكرة الصفدية ولم تدخل هدفا .. بينما أصرّ فريق صفد انها هدف لو كان حارس المرمى يلبس ” الشورت ” ولا أعتقد أن أمهر الحكام يستطيع التحكيم على هدف لاجئ مثير للجدل بين شورت وشروال ..
ونشبت معركة بين الطرفين استمرت فصولها فترة ليست بالقصيرة بين القرية والمدينة في مخيم اللجوء ..
لماذا أروي هذه القصة اليوم رغم طرافتها .. لأني ببساطة لم أجد سببا منطقيا لكل هذه الخلافات الفلسطينية الفلسطينية التي تعصف بالمجتمعات الفلسطينية سواء داخل فلسطين 48 أو فلسطين “الدولة ” بين الضفة وغزة في هذا الداء الفلسطيني المزمن في صناعة الانقسام بين شعب واحد له عدو واحد يجمع بين اليهوي الروسي مع اليهودي من الفلاشا بينما يختلف الفلسطيني مع الفلسطيني بين ” شروال فلاح شجراوي لاجئ و ” شورت ” صفدي لاجئ ..
وحتى شر البلية صدقوني لم يعد يضحك في هذا التيه الفلسطيني الموجع !