“من هم الإرهابيون؟”

منذ سنوات عديدة، تمارس عصابات صهيونية، مثل “لهافا” (اللهب)، و”جباية الثمن” و”شبان التلال” و”التنظيم اليهودي المقاتل”، عمليات قتل وحرق وتهجير ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلين، وذلك بدعم كامل، وأحياناً بمشاركة مباشرة، من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي. والواقع، أن هذا الإرهاب ليس مقطوع الجذور عن الإرهاب الذي مارسته، في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، عصابات صهيونية، مثل “هاغاناه”، و”أرغون”، و”شتيرن”، و “ليحي”، تشكّلت منذ مطلع عشرينيات القرن العشرين، ونشطت، بصورة خاصة، في ثلاثينيات وأربعينيات ذلك القرن. وبعد قيام دولة إسرائيل، صار الإرهاب، في أحيان كثيرة، سياسة دولة، تجلّى في المذابح العديدة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي والممارسات القمعية التي مارسها ضد الشعب الفلسطيني تحت إشراف أحزاب حاكمة، كحزب “الليكود”، الذي تأسس على يد أعضاء بارزين في عصابات صهيونية إرهابية مثل “إرغون” و”ليحي”.

في هذا الكتاب، “من هم الإرهابيون؟ حقائق عن الإرهاب الصهيوني والإسرائيلي”، الذي أصدرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية في سنة 1972، بالاشتراك مع لجنة سيدات الإعلام العربية في بيروت ومركز الدراسات الفلسطينية في جامعة بغداد، يجد القارئ سجلاً “بالحقائق والشهادات التي أدلى بها شهود عيان لأعمال الإرهاب الصهيوني والإسرائيلي”، منذ ثلاثينيات القرن العشرين وحتى سنة 1972، تمّ تسجيلها، غالباً، بالاستناد إلى مراجع صهيونية أو غربية أو إلى مراجع الأمم المتحدة.

يتكوّن هذا الكتاب من مقدمة، ومن سبعة فصول، يعرض الأول منها أساليب الإرهاب الصهيوني  ضد العرب والبريطانيين واليهود من سنة 1933 وحتى سنة 1947، ويعرض الثاني أساليب هذا الإرهاب ضد العرب والبريطانيين وموظفي الأمم المتحدة خلال حرب 1947-1948؛ تلك الأساليب التي اشتملت على عمليات الاغتيال، وإلقاء القنابل في الأسواق والمقاهي والدوائر الحكومية، ونسف البيوت والفنادق والبنايات السكنية، وأخذ الرهائن، وإرسال الرسائل الملغومة وارتكاب المجازر، فضلاً عن تنظيم حرب نفسية لحمل المدنيين الفلسطينيين على الرحيل من وطنهم.

أما الفصول الخمسة التالية فهي مكرسة لعرض حقائق وشهادات عن أساليب الإرهاب التي مارستها دولة إسرائيل بعد قيامها، إذ يعرض الفصل الثالث حقائق عن هذه الأساليب ما بين حرب فلسطين والغزو الثلاثي لمصر في سنة 1956، مسلطاً الضوء على الإرهاب ضد العرب في إسرائيل وعلى “قضية لافون” وعلى الإرهاب ضد الأراضي العربية المجاورة، ويعرض الفصل الرابع أساليب الإرهاب الإسرائيلي خلال حرب 1956 والاحتلال، وخصوصاً القتل الجماعي للمدنيين واللاجئين ومجزرة كفر قاسم، ويركّز الفصل الخامس على الإرهاب الذي مورس ضد العرب وضد العلماء الألمان في مصر ما بين 1956 و 1967، ويغطي الفصل السادس حرب حزيران/يونيو 1967، وما شهدته من عمليات قتل جماعي وقبور جماعية ومعاملة الأسرى العرب بوحشية ونسف بيوت وترحيل جماعي للمدنيين، بينما يعرض الفصل السابع، والأخير، أساليب الإرهاب ضد العرب في المناطق المحتلة، وضد الدول العربية المجاورة، فضلاً عن عمليات الإرهاب الإسرائيلي في أوروبا.

وختاماً، يبيّن هذا الكتاب المهم، الذي تعيد مؤسسة الدراسات الفلسطينية نشره إلكترونياً، أن المنظمات الصهيونية كانت، منذ ثلاثينيات القرن العشرين، سباقة إلى استخدام الاستراتيجية السياسية للإرهاب في الشرق الأوسط، وأن دولة إسرائيل استندت منذ قيامها، وما زالت، إلى الإرهاب في تحقيق أهدافها العدوانية والتوسعية.

المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *