مناورات على الحدود : السيناريوهات الخمسة المحتملة للمعركة البرية ضد حزب الله

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 30 أيلول/ سبتمبر عن بدء عملية برية مركزة في جنوب لبنان، تهدف إلى ضرب أهداف إرهابية وبني تحتية تعود لحزب الله على طول الحدود . وفي الوقت نفسه، واصل الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية الواسعة على بقاع لبنان، على بيروت ،و على جنوب لبنان، وعلى المنطقة الحدودية مع سوريا، بهدف تدمير قدرات حزب الله، وتفكيك بنية قيادته ومنع شحنات الأسلحة من سوريا.

وكان نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، قد أعلن أن المنظمة ستواصل القتال، وأكد أن “التقارير الواردة من إسرائيل حول تدمير معظم قدراتنا غير صحيحة ” وبحسب أقواله فإن حزب الله يعيد تنظيم نفسه بسرعة بعد الاغتيالات”. ومستعد لمواجهة أي اجتياح بري .

استغلت إسرائيل الفوضى المؤقتة التي سادت في حزب الله في أعقاب سلسلة الهجمات الناجحة، بما فيها اغتيال نصر الله، والرد غير الفعال للحزب (على الرغم من إطلاق عشرات الصواريخ يومياً)، من أجل تنفيذ العملية البرية في جنوب لبنان.
وحتى وقت كتابة هذه السطور، هدف إسرائيل هو ليس تدمير حزب الله، بل إضعافه إلى الحد الذي سيضطر فيه إلى الانسحاب إلى حد كافي عن الحدود وايقاف هجماته على إسرائيل .

ما هو المتوقع بعد ذلك؟

وبسبب هذا الهدف المحدود، من المتوقع أن تقوم إسرائيل بدراسة أنواع مختلفة من العمليات البرية التي تهدف إلى كسر إرادة حزب الله السياسية للإستمرار في المقاومة، وإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان. وتشمل احتمالات العمليات البرية ما يلي:

  1. استمرار الاختراقات المحدودة في جنوب لبنان – في هذا الاحتمال ، ترسل إسرائيل قوة محدودة إلى جنوب لبنان لتفكيك البني التحتية لحزب الله، ثم تنسحب مرة أخرى إلى الأراضي الإسرائيلية. والغرض من العمليات هو إنشاء “منطقة معقمة ” أو “منطقة عازلة محدودة” بالقرب من الحدود، بحيث لايتمكن حزب الله من ترسيخ وجوده فيها . وبدلاً من الحفاظ على وجود قوات برية دائمة في الأراضي اللبنانية لفترة طويلة، فإنه سيكون بمقدور إسرائيل الحفاظ على المنطقة بواسطة نيران المدفعية والغارات الجوية التي ستفرض السيطرة على الأراضي التي يتم تطهيرها. وبهذه الطريقة، سيتمكن الجيش الإسرائيلي من محاولة منع دخول حزب الله مرة أخرى إلى المنطقة، وسيحبط محاولات إعادة بناء البني التحتية الإرهابية بالقرب من الحدود.
    هذا الأسلوب سيتيح المجال لإسرائيل لتقليل نشاطها البري وتجنب حرب عصابات طويلة في الأراضي اللبنانية، مع الحفاظ على سيطرتها الفعالة على المنطقة الحدودية. وتعتبر هذه الاستراتيجية أيضاً أقل إشكالية من الناحية الدبلوماسية في نظر الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تدعم إسرائيل، لأنها لا تتضمن احتلالاً دائماً لأراضي لبنانية. ومع ذلك، فإن العيب الكبير في هذا الاسلوب هو أنه قد لا يكون كافياً لكسر إرادة حزب الله السياسية لمواصلة القتال وتهديد المستوطنات الشمالية . في إسرائيل سيضطرون إلى إقرار ما إذا كان هذا كافياً لإقناع سكان الشمال بالعودة إلى منازلهم، أو ما إذا كانت هناك حاجة إلى عمليات أخرى لردع حزب الله بشكل كامل ودفعه للوصول إلى تسوية سياسية تبعده أكثر عن الحدود .
  2. الاحتلال المؤقت لشريط بعمق عدة كيلومترات – في هذا السيناريو، ترسل إسرائيل قوات مدرعة لاحتلال شريط بعمق عدة كيلومترات داخل لبنان، بهدف تفكيك بني تحتية إرهابية أخرى لحزب الله والضغط على المنظمة للتوصل إلى تسوية سياسية. وتتضمن هذه الخطوة السيطرة على مساحة أكبر لفترة محدودة، مع إيصال رسالة مفادها أن حزب الله سيضطر إلى التراجع مقابل انسحاب إسرائيل .
    صحيح أن هذه الاستراتيجية تتضمن إحتمال دبلوماسي أعلى لتحقيق التسوية، إلا أنها أكثر خطورة على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري مقارنة مع الغارات المحدودة . فاحتلال اراضي لبنانية قد يثير انتقادات دولية حادة . ومن الناحية العسكرية، فإن السيطرة على الأراضي لفترة أطول يعرض قوات الجيش الإسرائيلي لهجمات حرب عصابات من قبل مقاتلي حزب الله، الأمر الذي قد يؤدي إلى وقوع إصابات وإلى إستنزاف القوات على الأرض .
    ومع ذلك فإن أفضلية هذه الاستراتيجية تكمن في القدرة على الضغط على حزب الله للوصول إلى تسوية خوفاً من استمرار احتلال المنطقة وتدمير بنيته التحتية بشكل أكبر .
  3. تطهير المنطقة حتى نهر الليطاني ثم التراجع – في هذا السيناريو، ترسل إسرائيل قوات لتنفيذ عملية واسعة النطاق تهدف إلى تفكيك البنية التحتية لحزب الله في عمق جنوب لبنان، حتى نهر الليطاني، وتدمير مستودعات أسلحة المنظمة ومقراتها ومنشأتها اللوجستية . بعد الانتهاء من عملية التطهير، تعلن إسرائيل بأنها قلصت قدرات حزب الله بشكل كبير ، وسوف تنسحب – اعتماداً على الاستراتيجية التي ستختارها : السيناريو الثاني أو العودة إلى الحدود.
  4. احتلال المنطقة حتى نهر الليطاني والسيطرة عليها – في هذا السيناريو، يصل المستوى السياسي إلى نتيجة مفادها أن السبيل الوحيد لضمان الأمن على المدى البعيد لسكان الشمال هو بواسطة احتلال المنطقة حتى نهر الليطاني والبقاء فيها . والغرض من هذه الاستراتيجية هو تفكيك البنية التحتية لحزب الله بشكل كامل والاحتفاظ بالأراضي حتى يضطر حزب الله إلى الموافقة على تسوية تضمن وقف هجماته على إسرائيل .
    والميزة الرئيسية لهذا السيناريو هي إنشاء منطقة عازلة في عمق لبنان، الأمر الذي يبعث برسالة قوية إلى كل من حزب الله والاوساط الفاعلة الدولية، ويقلل بشكل كبير من التهديد المباشر على المستوطنات الشمالية . ومع ذلك، فإن العيب الرئيسي لهذه الاستراتيجية هو الحاجة إلى تخصيص قوات كبيرة لفترة زمنية طويلة ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تأكل عسكري.
    كما أن الاستيلاء على مثل هذه المساحة الكبيرة سيعرض القوات لهجمات عصابات متكررة من قبل حزب الله، على غرار فترة أواخر التسعينيات، عندما تمكن حزب الله من إلحاق خسائر فادحة بقوات الجيش الإسرائيلي في لبنان . الأمر الذي قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالتصميم الشعبي والسياسي في إسرائيل على مواصلة السيطرة على المنطقة العازلة.
  5. القيام بعملية شمال الليطاني – إذا فشلت جميع السيناريوهات المذكورة حتى الآن في تحقيق أهدافها، فقد تدرس إسرائيل إحتمال توسيع العملية شمال الليطاني، في محاولة لكسر إرادة حزب الله على القتال . وفي هذا السيناريو، سوف تتقدم إسرائيل إلى عمق الأراضي اللبنانية، إلى ما هو أبعد من نهر الليطاني، بهدف ضرب مراكز القوة والبني التحتية المركزية لحزب الله . ومثل هذا التقدم قد يتضمن تهديد مباشر على بيروت نفسها، وبالتالي ممارسة ضغوط أخرى على قيادة حزب الله والحكومة اللبنانية .واضح بأن التهديد بالوصول إلى العاصمة اللبنانية قد يدخل إلى المعركة أوساط أخرى ، مثل المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ويخلق ضغطًا خارجيًا على حزب الله للتوصل إلى تسوية.

المصدر :موقع افوك العبري

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *