“ملتقى فلسطين” يدين سياسات التخويف والتهديد والتسلط ويطالب بتنحي الرئيس ويؤكد استحالة الفصل بين أزمة العمل الوطني والطبقة السياسية المهيمنة
يعبّر “ملتقى فلسطين” عن رفضه للممارسات والمواقف التي تختزل شعبنا وكفاحه في شخص أو في مجموعة أشخاص، أو في فصيل أو أخر، وإدانته سياسات الهيمنة والتخويف والإفساد ومصادرة الحريات، التي تكرّس القيادة الفردية، وتقدّس الرئيس، وتستهتر بالمبادئ والأطر والقوانين والمؤسسات، الغريبة عن روح الحرية والكرامة، التي تشكل جوهر نضالنا التحرري ضد إسرائيل الاستعمارية الاستيطانية العنصرية.
إننا نعتقد بأن الرئيس محمود عباس هو المسؤول عن التدهور الحاصل، بحكم طريقته في الإدارة، وتفرّده في تحديد الخيارات السياسية، وإحكامه قبضته على السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وتحكمه بالموارد، وفرض إرادته في كل صغيره وكبيرة، فهو الذي يقرر من يترشّح ومن ينتخب ومن يعيّن في فتح والمنظمة والسلطة والمجلسين التشريعي والوطني، وهو الذي يقرّر أعضاء المحكمة العليا، وبقاء المجلس التشريعي أو حله، سيما أن الأمر وصل حد توجيه تهديدات، مباشرة أو غير مباشرة، باسمه لكل من يفكر بالخروج عن إرادته، أو يفكر بالترشح للانتخابات، المفترض إنها من بديهيات الديمقراطية.
إن الملتقى، الذي يضم شخصيات فلسطينية من مختلف أماكن وجود شعبنا، يؤكد استحالة الفصل بين أزمة الكيانات السياسية (المنظمة والسلطة والفصائل) وأزمة المشروع الوطني، ويعتقد بأن هاتين الأزمتين مرتبطتان بالطبقة السياسية المهيمنة، والتي باتت عبئا على شعبنا وقضيته وحركته الوطنية. وإنً طريقة إدارة الرئيس، والطبقة المهيمنة، تتناقض مع اعتبار الشعب مصدرا للسلطات ولكل الشرعيات، ناهيك عما تضمره من استخفاف بإطاراته الوطنية وبتضحياته وعذاباته لأكثر من نصف قرن. وإن هاتين (الطبقة والإدارة) حرفتا مسيرتنا الوطنية، بالتحول من حركة تحرر وطني انبنت على وحدانية الشعب والأرض والقضية والرواية التاريخية إلى سلطة لجزء من شعب في جزء من ارض مع جزء من حقوق وانزياح عن الرواية التاريخية المؤسسة، باعتبار كأن الصراع بدأ في 1967.
هذا المسار أدى إلى خلق تلك الطبقة الطفيلية التي تتعيّش على شعارات: “فوضناك” و”قدوتنا رئيسنا”، و”ملاك السلام” و”المرشح الوحيد” لـ “فتح”، مع مباركتها استيلاء الرئيس على كل السلطات، وإغفاله قانون تحديد ولايته، وفرضه قانون يحول دون ترشح كثر للانتخابات بتهديدهم بفرص عملهم. بل إن تلك الطبقة تصفق لأي خيار سياسي أو لأي قانون ونقيضه، فهي مع التنسيق الأمني وضده، وهي تسكت عن تأخير الانتخابات لعشرة أعوام، ثم تتحمس لعقدها، وهي تبرر الانقسام وتحتفي بمباحثات الوحدة والمصالحة، تتحمس لاتفاق أوسلو ولاستئناف المفاوضات ولعكس ذلك، وهو ما لا يليق بشعب مكافح لديه أكثر نسبة من المثقفين، وأكثر نخبة سياسية متمرسة، في العالم العربي.
نعم المشكلة مع أبو مازن، بخاصة اعتقاده أن ثمة شخص مختار أو مجموعة مختارين يقررون كل شيء، أما الشعب فلا شيء، وضمن ذلك الإطارات، ما يفسر شقّه مسار أوسلو من خلف الشعب وإطاراته الشرعية.
نحن في “ملتقى فلسطين” نعتقد بأن كل ما يجري، وضمنه الدعوة للانتخابات، وفقا للمراسيم والقوانين الرئاسية، يستهدف تحويل الانتخابات التشريعية إلى مسرحية لتعويم الوضع السلطوي القائم، لذا المطلوب تنحي الرئيس ومعه تلك الطبقة المهيمنة، ووضع الممهدات السياسية والقانونية والتنظيمية اللازمة لإحداث التغيير السياسي، سيما لجهة التحرر من التزامات أوسلو، واستعادة الحركة الوطنية الفلسطينية لطابعها كحركة تحرر وطني، وإعادة بناء منظمة التحرير، انطلاقا من وحدانية الشعب والأرض والقضية والرواية التاريخية.
“ملتقى فلسطين”، 2/2/2021
رام الله، حيفا، غزة، القدس، بلدان اللجوء والشتات