ملتقى فلسطين إضافة فلسطينية نوعية…
عوني المشني
موقع “معا”، 6/3/2018
عقد ملتقى فلسطين اجتماعه الثاني في اسطنبول قبل عدة ايام، وعلى مدار يومين متتاليين وبمنتهى الجدية والمسئولية الوطنية ناقش بضع وعشرون شخصا تنادوا من كل بقاع الارض، جاءوا هؤلاء من الضفة الغربية ومن قطاع غزة ومن المحتل من فلسطين علم ١٩٤٨، من لبنان والأردن وأوروبا، كان الهم الوحيد لكل هؤلاء هو ايجاد اجابات للأسئلة الفلسطينية الاستراتيجية والتي دونها فان الازمة الفلسطينية تتسع وتتعمق، وبدون الخوض في التفاصيل فانه يمكن ملاحظة اكثر من امر شكل علامة فارقة في هذا الاجتماع.حضور شخصيات ثقافية فلسطينية من اغلب مواقع تجمع الفلسطينيين ابرز حقيقة ان الهم الفلسطيني العام رغم تباين ظروف التجمعات الفلسطينية وثقل الهموم الخاصة لكل تجمع ، ان اغراق التجمعات الفلسطينية بالهموم الخاصة سياسة ممنهجة استخدمتها الاطراف المعادية لشعبنا بهدف حرف الاهتمام الفلسطيني عن القضية الوطنية ، وان بدى لأول وهلة انشغال كل تجمع بهمومه الا ان الهم الوطني العام بقي هو المحرك الاساس للفلسطينيين وهذا ما عكسه هذا الحضور وفيما بعد الحوار والمواضيع التي تم تداولها وكذلك الخلاصات . والاهم من هذا وذاك فان الحضور عكس من خلال النقاشات حقيقة ان الهموم الخاصة بكل تجمع منبعها الاساس رغم اختلافها هو منبع واحد وهو الاحتلال والتشريد ، وعلاجها لا يتم الا عبر تحقيق الفلسطينيين حقوقهم الوطنيةالملاحظة الثانية تتعلق باوهام الاختلافات السياسية الفلسطينية ، فحقيقة الوضع ان هناك الهدف الاستراتيجي للشعب الفلسطيني يتلخص في حق تقرير للمصير للفلسطينيين – هذا الشعب الواحد – وعلى كل التراب الوطني الفلسطيني – ذاك الوطن الواحد – وحق تقرير المصير على ارض فلسطين يستدعي بالضرورة العودة وإقامة الدولة وتحقيق الحقوق الفردية والجماعية للشعب الفلسطيني . الوهم هنا في الاختلاف على شكل الحل ، وما دام لا يوجد طرف اسرائيلي ناضج للحل فان الغوص في أشكال الحل مضيعة للوقت والجهد واثارة لاختلاف في غير مكانه وزمانه ، المهمة الفلسطينية الان تعزيز الصمود الفلسطيني وتعزيز الكفاح الوطني لشعبنا بكل السبل التي تضمنها القوانين والشرعية الدولية ولكل تجمع فلسطيني الحق في استخدام الشكل الذي يناسب ظروفه . اما هذا الفهم تتبخر كل اوهام الخلاف الفلسطيني ولا يبقى منها سوى الخلافات المصلحية الذاتية لفصائل وأشخاص يقدموا مصالحهم على مصلحة الوطن وهذا ما يجب التصدي له وطنيا وبصلابة .مسألة اخرى لا تقل اهمية وهي منظمة التحرير الفلسطينية ، كان هناك اجماع على منظمة التحرير تمثل إنجاز وطني دفع شعبنا شلالا من الدم والتضحيات لإنجازه ، وهي الوطن المعنوي لشعبنا الفلسطيني ، وحتى تبقى كذلك يفترض اعادة بناءها على اساس وطني ديمقراطي بما يضمن تمثيل حقيقي وكامل لكل تجمعات شعبنا ومكوناته الاجتماعية والسياسية وبدون محاصصة فصائلية ، هذا يعني وقبل كل شيئ الوقوف بحزم وقوة ضد اي محاولة لتجاوز المنظمة بخلق أشكال شامل وبالتالي تخلق الظروف لوحدة الوطن والشعب في سياق واضح ومحدد . ولتحقيق هذه الغايات يفترض الفصل الكامل اداريا وماليا وسياسيا بين المنظمة والسلطة لتعود المنظمة مرجعية كاملة ليس للسلطة الفلسطينية فحسب بل ولأي جسم فلسطيني يعتني بشئون الفلسطينيين الحياتية في اي تجمع للفلسطينيين .لم يغب عن أعضاء الملتقى ان المفاهيم الصحيحة تحتاج الى أساليب ناجعة ومسئولة ، لهذا فان الملتقى قد حسم أمره بانه ليس حزبا او حركة سياسية وليس له اي اهداف تتعلق بالوصول الى اي موقع من مواقع القيادة ، من ناحية اخرى فانه مكان لتبادل الافكار وتعميقها وصولا لمشروع وطني مبني على اسس سليمة ، كذلك فهو منحاز فقط لقضية شعبنا وهمومه وأطروحاته وموقفه من مختلف القوى يتحدد باقتراب او ابتعاد تلك القوى من هذه المعايير فقط . الملتقى ايضا يطرح رؤيته الوطنية هذه على الجمهور الفلسطيني لتعميقها اولا وليكون الحوار جزءا من العمل لتحويلها لموقف ورأي عام بأوسع القناعات الشعبية ، وايضا فان الملتقى منفتح على اي مقترحات تغني الرؤية وتزيد من حظوظ تكريسها كحل للازمة الفلسطينية . وفِي هذا السياق فان الملتقى يرحب بكل المبادرات الشعبية التي تصب في هذا الهدف ويتقاطع معها بما يساهم في تحقيق تطلعات شعبنا .هناك تفاصيل كثيرة ومهمة ايضا تأتي في هذا المقال ، لكن تلك الملاحظات قد أجملت السياق العام ، والتفاصيل تلك لها سياقات تطرح فيها ليس لمقال مختصر ان يغطيها .في النهاية الملتقى هو جهد وطني متواضع ولكنه دؤوب ، ولن يتوانى عن مواصلة دوره كمساهم اساس في الارتقاء بالحالة الوطنية الفلسطينية ، لا شك بان ما انجز هو القليل مقاونة بحجم التحديات ، والكثير المتبقى هو العمل على تحقيق بنية ومشروع وطني متكاملين وبأسلوب وطنى يحافظ على وحدة شعبنا ويصون أهدافه الوطنية .