ملاحظات عن تصويت “المشتركة” وأبعد كثيرًا

لو أني كنتُ من بين أعضاء المُشتركة في الكنيست لاقترعت ضد اقتراح حجب الثقة عن الحكومة الذي قدّمته كتلة الليكود.
وهذا للأسباب التالية:
ـ لأنني (المشتركة) صوتت مثل هذا التصويت 22 مرة من قبل خلال السنة الماضية. بمعنى أنها ليست المرّة الأولى للمشتركة.
ـ لأن قانون أساس الحكومة ـ بند 28 (ب) وبناء على التعديل الأخير من العام 2014 ـ ينصّ صراحة أن اقتراح حجب الثقة عن أي حكومة هو في جوهره إعلان ثقة بحكومة بديلة. لا المشتركة بكل أعضائها ولا العرب الذين انتخبوها يقبلون بتصويت يعني أوتوماتيكيًّا وبشكل رمزيّ عودة إلى حكومة برئاسة الليكود.
ـ هذا يعني بشكل مباشر أنه لو نجح الليكود بتجنيد 61 نائبًا لصالح اقتراحه ـ وهذا احتمال 50%/50% في ظلّ وضع برلماني سائل بدرجة كبيرة وغير مستقرّ ـ لكانت المُشتركة بامتناعها أو تأييدها اقتراح حجب الثقة أسهمت في تكليف نتنياهو إياه بتشكيل الحكومة البديلة. فماذا كان سيقول القائلون إيّاهم؟ من حقّ المشتركة أن تحسب حسابات كهذه.
ـ فقط اقتراح قانون حلّ الكنيست من المعارضة أو من الحكومة ذاتها يعني الذهاب إلى انتخابات جديدة ونتائج جديدة قد تنطوي على أمل ما للمشارك في الانتخابات أو على تهديد. مثل هذا القانون إذا اقتُرح هو امتحان المشتركة وسواها. هنا يُمكننا أن نتأكّد من مواقفها. سنرى ذلك غدا.
ـ بالنسبة للذين يرون العالم بلونين فقط (أسود أو أبيض/ نحن أو هم) علما بوجود 50 طيفًا بين الرمادي والأسود وحدهما ـ هي المعضلات السياسية والأخلاقية تقفز فوق الألوان كلها وتحيّر ربّ الداخلين في لجة السياسة ولا تخضع لثنائيات تسطيحية. خيارات المشتركة في هذه الحالة بالذات كانت بين أن تزكّي نتنياهو بتكليف تأليف حكومة بديلة أو تذهب إلى انتخابات جديدة.
ـ كلّ التقديرات لدى المشتركة وسواها تقول إن البلاد ذاهبة لانتخابات جديدة في غضون أشهر قليلة ـ ويحق للمشتركة كقائمة انتخابيّة أن تراهن على هذا السيناريو وألّا تمنح الليكود ولو نقطة من فرصة لتشكيل حكومة.
ـ لم أفهم حملة الفؤوس اللاهثين وراء النائب سامي أبو شحادة الذي أعرفه بشجاعته؟
ـ بالنسبة للذين يُقاطعون الانتخابات مبدئيًّا ولا يراهنون على الكنيست ـ لم أفهم هجومهم؟ لو أني أؤيّد المقاطعة ـ وهو خيار جدير بالدراسة والبحث كوسيلة نضالية لا كامتناع عن السياسة ـ لما همّني كيف تصوت المشتركة أو الموحّدة.
ـ بالنسبة لـ “الموحّدة” هي مستعدّة في عهد منصور عباس والارتهان للخارج لدخول كل ائتلاف حكومي بضمنه ائتلاف برئاسة نتنياهو في إطار مشروع “سلام إبراهيم”. ومن هنا فهي حسمت أمرها. ولا أتوقّع منها أي شيء يندرج في إطار “الوطنيّ” لأنها صارت بقرارها “مشروعًا إسرائيليًّا” ليس له علاقة بفلسطين قضيّة وشعبًا.
***
ـ على أي حال ـ هذه كلّها تكتيكات لا تغني ولا تُسمن ـ على شعبنا هنا وفي كل مكان أن ينتقل في أسرع وقت إلى سياسة تقوم على الاستراتيجي من رؤى ومشروع وطني وإرادة جامعة وسُبل عمل بما فيها من خارج الكنيست، وإلّا ظلّ (شعبنا) أسيرا لمفاضلة بين يمين فاشي أكثر، وآخر فاشي أقلّ، أو بين احتلال أوّل واحتلال ثانٍ. هنا بالتحديد ينبغي أن تتجمّع الطاقات والأفكار وليس في مناكفات وحسابات وضيعة وكلام في الهواء وكذب وتضليل وأنصاف حقائق.
ـ أقترح على المشتركة وعلى شعبنا، إذا ما أراد التحرّر من أسر النُخب في إسرائيل، أولا ـ عدم المراهنة على استطلاع رأي قناة تلفزيونية. ثانيًا ـ أن يُسدّد خُطاه على أساس قراءة استراتيجية للوضع تتجاوز “السياسة” التي ترى إلى شعبنا وحقوقه على أنه مسألة ميزانيات أو تصاريح عمل أو بضاعة في السوق.