معجزة دفن إبراهيم أبو لغد في يافا

معجزة دفن البروفيسور ابراهيم أبو لغد في يافا حسب وصيته رغم نص صريح للقانون الإسرائيلي بمنع دفن فلسطيني الشتات في فلسطين.

ابراهيم ابو لغد هو استاذ السياسة في الجامعات الامريكية، ويعتبر من أشهر العلماء والاكاديمين في مجاله، ولد في مدينة يافا سنة 1929 وغادرها مهجراً فيمضي الى امريكا سنة 1948 للدراسة ويشق طريقه هناك ليصبح اهم شخصية اكاديمية في مجال علم السياسة والاقتصاد   ….

وبقيت فلسطين ومدينة يافا حاضرة في تفاصيل حياته ولم يتنازل عن حلمه بالعودة وان يدفن في يافا، ليتمكن سنة 1999 من العودة الى مدينة رام الله بجنسيته الامريكية ويصبح نائبا لرئيس جامعة بير زيت وكانت عودة ناقصة، فهو على مقربة من مدينته ولا يستطيع العودة لبيت والده وأجداده في يافا ……

كتب وصيته مستحلفاً اولاده ان يدفنوه في مدينة يافا بجانب قبر أخيه واجداده وأجداد أجداده في مقبرة حي العجمي بيافا ……

الاوفياء من ينفذون الوصايا لا يهملونها …

وفي سنة 2001 تغادر روحه الطيبة جسده لبارئها، وترفض ابنته إلا تنفيذ وصيته مصممة ان يدفن بيافا، وقد حرّمت سلطات الاحتلال على الفلسطينيين ذلك وتعتبر دفنهم هو بمثابة حق العودة وهو مرفوض لحكومة الاحتلال.

رفضت ابنته ليلى رفضاً قاطعاً ان تدفن جثة والدها في رام الله أو ان تعاد الى امريكا لتدفن هناك لكونه يحمل جنسية امريكية ، وقد اعدمت كل خياراتها، في تلك اللحظات تذكرت صديق العائلة النائب العربي في كنيست الاحتلال  النائب محمد معياري واتصلت به هاتفياً واخبرته بوفاة والدها وبوصيته في دفنه بيافا، فاخبرها باستحالة موافقة سلطات الاحتلال على ذلك فهي ترى فيه تطبيق لحق العودة وهو ما ترفضه سلطات الاحتلال والتي قامت اصلاً على انكاره ، ثم استطرد يقول فكري يا ابنتي بحرق جثته وتهريب الرماد وسندفن الرماد بقبر بجانب قبر أخيه وجدوده ، رفضت ليلى الفكرة ….. فسكت النائب قليلاً ثم قال : لكن انتظري هناك طريقة واحدة فقط قد تستطيعين منها دفنه في يافا …. هي ثغرة في قانون الاحتلال تقول (إذا توفي سائح أجنبي وليس فلسطيني اثناء زيارته الكيان الغاصب، فلا مانع من دفنه) وصلت الفكرة.

وفوراً قامت ابنته بنفض حزنها فعملت على تغيير ملابس والدها الفقيد والبسته ثيابه الرسمية وبمساعدة الموجودين حملوه بسرعة الى سيارتها، امالت الكرسي قليلا الى الخلف و ثبتت والدها بحزام الامان، وانطلقت من مدينة رام الله ضمن مناطق سيطرة السلطة الوطنية  والتي يفصلها فقط عن الخط الاخضر ومدينة القدس حاجز واحد وبعدها تصبح داخل مناطق فلسطين المحتلة.

انطلقت بوالدها وبعد عدة دقائق كانت على حاجز قلنديا ابرزت الاوراق الامريكية نظر الجندي الى الاوراق والى والدها واخبرته انه أمريكي مريض جداً وتريد بسرعة الوصول به إلى مستشفى المقاصد في القدس، سمح الجندي للسيارة بالعبور وبسرعة وصلت مستشفى المقاصد في القدس المحتلة وعلى باب الطوارئ بدأت تستغيث فحملت طواقم الاسعاف والدها مسرعين للداخل ….. ليخبرها الطبيب أن والدها متوفي منذ ساعات ….

بكت وأعادت البكاء وطلبت من المستشفى شهادة وفاة، وكان لها ما ارادت، فاتصلت فوراً وقبل ان يدرك الاسرائيليون حضر النائب محمد معياري وأبلغته انها في طريقها وجثمان الوالد الى يافا، عمل النائب على اخبار شباب عرب من اهل يافا هناك فجمع الشباب همتهم وعلم فلسطين كبير وتهافتوا باتجاه مسجد العجمي في يافا وعلمت شخصيات فلسطينية بالخبر فتوافدوا بسرعة

وعندما وصلوا الحي القديم العجمي في يافا تدافع مئات السكان يتساءلون عما يحدث فأخبروهم أن أول لاجئ فلسطيني من ابناء يافا سوف يوارى جثمانه هناك، فتدافع الاهالي من كل حدب وصوب ووصل الخبر كل المدينة واحيائها، علمت سلطات الاحتلال فاتصلت بالنائب العربي محمد معياري تنذره وتثنيه ، فضحك منهم وقال إننا نحتكم للقانون وأمامنا ساعتان لتتم مراسم الدفن فإذا استطعتم تغيير القانون الاسرائيلي  خلال ساعتين فأخبرونا …

غُسل جثمان البروفيسور العالم ابراهيم ابو لغد وكفن وصلى عليه الالاف من ابناء يافا وفلسطين، وأصرت الجماهير الوفية أن يغطى النعش بالعلم وان يحمل على الاكتاف من المسجد العجمي حتى المقبرة والمسافة بينهما أكثر من 2 كم .

كانت روحه طليقة النعش تناجي حجارات الطرق في يافا وبحر يافا ……

كانت جنازة مهيبة وتظاهرة لم تشهدها يافا منذ سقوطها عام 1948 …

دفن ابو لغد في يافا في مسقط رأسه بجانب قبر أخيه واجداده وحققت له ليلى أمنيته بالعودة وعاد الطائر المتعب لعشه  ميتاً !! .

وتبقى العودة حق لن يموت ولكن الباطل زاهق كما وعدنا الله ..

(منقول)

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *