مساهمه في نقاش سياسي (١) حول التأثير والواقعيه
تطرح “الموحدة” شعاري التأثير والواقعية حرفيا، والدفاع عن مصالح الناس ضمنيا باعتبار ان ذلك ما يميزها. لكن وكما هو معلوم فانه لا الموحدة ولا منصور عباس اخترع مقوله التأثير والواقعية، وتاريخ الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية مليء بمصطلحات وتعابير تغدق في مديح التأثير والواقعية، والنائب ايمن عوده لم يكن حتى اول من يوظف هذه الشعارات داخل الجبهة وان كان قد ذهب فيها شوطا ابعد من سبقوه في قياده الجبهة. ويذهب بعض من يعتبرون انفسهم وطنيين راديكاليين الى حد المسخرة وتسخيف خطاب التأثير والواقعية والمصالح، باعتبار ان الخطاب الوطني يجب ان يكون خطاب المبادئ لا المصالح، وانه المطلوب هو المواجهة وليس التأثير، وان الواقعية لا تعني الرضوخ للواقع. (وسأعود لنقاشها جميعا)
اعتقد انه في معمعان حماس بعضنا في مواجهه الموحدة-وانا من اولئك المتحمسين لمواجهه خطها واعتبره خطرا سياسيا-يجب ان لا يغيب عن اعيننا ان خطاب المصالح وخطاب التأثير بحد ذاته ليس هو مشكله. لا بل أكثر من ذلك: هل يعقل ان يذهب حزب او شخص او قائد ما الى السياسة وهو يعلن مسبقا انه لا يرغب في التأثير على مجريات الامور؟ او ان مصالح الفئة التي يذهب كي يمثلها ليست هما من همومه؟؟ هل يعقل ان نعطي ثقتنا لقائد من هذا النوع؟؟. من الطبيعي، لا بل من الضروري ان يحاول القائد السياسي بكل ما لديه من قوه ان يؤثر وان يحمي مصالح جمهوره وشعبه ومنتخبيه. ان هدف المبادئ في عالم السياسة هي خدمة مصالح الجماعة ورفاهيتها كجماعة وككل. نحن نطالب بإنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير والمساواة وانهاء اللجوء لان لنا ولشعبنا مصلحه واضحة في الحرية والاستقلال والازدهار. صحيح، هناك مشكله حقيقيه إذا وضع الزعيم السياسي مصالحه هو او مصالح اقربائه او حزبه قبل مصلحه شعبه، اي عندما تصطدم المصلحة الخاصة بالمصلحة العامة. لكن ما دام القائد السياسي يسعى لخدمه مصالح شعبه فان ذلك اهم عمل يقوم به، وعندما يقوم بذلك فانه يقوم بعمل مبدئي ايضا ومن الطراز الاول. مشكله الشعب الفلسطيني مع ابو مازن مثلا لا تكمن في انه حافظ على مصالح شعبه وتخلى عن المبادئ. مشكلته تكمن تماما في عدم تحقيق مصالح شعبه…
طبعا، السؤال الذي يبقى مفتوحا: ما هي مصالح الشعب؟ المصالح المادية في الخبز والعمل والتعليم والثقافة والمدارس والجامعات كلها بعض من مصالح الشعب. لكن لكل شعب ايضا مصالح معنويه تكمن في الحفاظ على قدره كل فرد من ابناء الشعب، والشعب كجماعة، ان يقرر مصيره، اي ان يمارس حريته، وان يكون قادرا على صياغة حياته واختيار مساراته، لأننا كبشر فنحن كائنات معنويه تعبيريه، ولسنا فقط نباتات تنمو اذا جرى سقيها بالماء. كذلك فهناك مصالح قريبه وهناك مصالح بعيده، وقد يكون انجاز المصالح القريبة يضر بتحقيق المصالح البعيدة. هنا اعتقد ان يكون جوهر النقاش.
لننتقل لمقوله التأثير. هل هناك سياسي يذهب الى السياسة وغير معني بالتغيير والتأثير؟ لماذا يذهب اذا؟ كفعل تطهري؟؟. كل من يعمل في السياسة يسعى الى التغيير والى التأثير. حتى المناضل المقاتل والذي يذهب للمعركة يأمل، يسعى او يعتقد بإمكانية التأثير.
اين المشكلة إذا؟
(يتبع)