مساهمة في النقاش حول تداعيات انتخاب بايدن على القضية الفلسطينية – صفقة القرن باقية معنا


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

جرت الانتخابات الامريكية للرئاسة في الثالث من نوفمبر 2020  واسفرت عن خسارة دونالد ترامب الجمهوري وانتخاب جو بايدن الديمقراطي لكرسي الرئاسة، واتت هذه النتيجة بعد اشهر من الترقب الفلسطيني، الرسمي والشعبي، للنتائج، بحيث عبر الامر عن فهم فلسطيني صحيح لمعنى وتأثير الانتخابات الامريكية على قضيتهم، ومجمل قضايا المنطقة. وقد ترافق مع نشر نتائج الانتخابات نقاش فلسطيني حول تبعات ذلك[1].

لقد أتت الانتخابات بعد اشهر من حديث فلسطيني عن المصالحة الداخلية واعادة بناء الحركة الوطنية، الا أنه من الواضح ان قيادة السلطة ومنظمة التحرير فكرت في موضوع اخر، اعني انتظار نتائج الانتخابات ونجاح بايدن، لأجل ان يشكل ذلك رافعة لإجبار اسرائيل للعودة للمفاوضات، حتى بثمن استمرار الانقسام الداخلي وتراجع الحركة الوطنية، لا ترميمها. وذلك استمرارا لوهم ترافق لانتخاب باراك اوباما عام 2008 للرئاسة في الولايات المتحدة، بحيث يعتقد جزء من القيادات والنخب الفلسطينية، بان الادارة الامريكية تستطيع اجبار اسرائيل على الوصول لحل “منصف نسبيا” مع الفلسطينيين، وهذا وهم، قد يكون تعبيرا عن عدم فهم، وقد يكون اداة لاستمرار تضليل الشعب الفلسطيني، بان الحل قادم، وان الدولة قريبة، مما يعزز مكانة واستمرار القيادات الحالية، والتي ساهمت بأدائها هذا في وصول القضية الفلسطينية الى وضعها الحالي.

قد يقود بايدن الى اعادة فتح مكتب منظمة التحرير وسفارة السلطة الفلسطينية في واشنطن، وقد يعيد الدعم المالي للفلسطينيين، وقد يتخذ موقفا مستنكرا لبعض الاجراءات الاسرائيلية على الارض، وهذا قد يريح الفلسطينيين نسبيا، مقابل سياسات ومواقف ترامب، لكن هذا لا يعني ان بايدن سوف يدعم ايا من التطلعات الفلسطينية المركزية.

بايدن الذي اعلن في احد خطاباته “بانه ليس عليك ان تكون يهوديا، لأجل ان تكون صهيونيا”، اي انه صهيوني، وعاد وأكد عشرات المرات وفي مناسبات مختلفة، التزامه بإسرائيل ودعمها، بلا حدود، وبهذا فان الاعتقاد بان بايدن، وادارته، سوف يعيد الامور بالنسبة لنقل السفارة الى القدس او الاعتراف بالاستيطان الاسرائيلي في الضفة والقدس والجولان، او انه سوف يعيق عملية التطبيع بين دول عربية واسرائيل، او انه سيؤيد أيا من التطلعات الفلسطينية – اقامة دولة على حدود 1967، عودة اللاجئين، اعادة تقسيم القدس، الخ… هي كلها رغبات لا تعبر عن الواقع.

فالواقع هو ان للحكومة الاسرائيلية القول الفصل في قضايا العلاقة مع الفلسطينيين، والولايات المتحدة هي داعم مركزي للسياسات الاسرائيلية، بما في ذلك في فترات تحكم الجمهوريين والديمقراطيين في البيت الابيض، على حد سواء. واكثر من ذلك، فقد اثبتت فترة الرئيس اوباما، بان لرئيس الحكومة الاسرائيلية قدرة للتأثير على السياسة الامريكية، اكثر من قدرة الادارة الامريكية التأثير على اسرائيل وسياساتها، ويتم ذلك من خلال دعم غير مسبوق لإسرائيل وسياساتها، ايا كانت، في الكونغرس والاعلام ومراكز التفكير والجامعات.

ما اعنيه تحديدا في سياق هذا الفصل هو، ان على الفلسطينيين ونخبهم، ان يستوعبوا، بانه اذا تعلقت الامور بالإدارة الامريكية الجديدة، فان مركبات مشروع ترامب “صفقة القرن” باقية وسوف تستمر في تسيير الموقف الامريكي – لانها اصلا مشروع اسرائيلي تم اشهاره في البيت الابيض. وان اي تغييرات تكتيكية بعد انتخاب بايدن، على اهميتها، لا يمكن ان تعني اننا امام تحول استراتيجي، يعبر عن دعم لمركبات الموقف الفلسطيني وحتى الاجماع الدولي، كما يتم التعبير عنه في قرارات الامم المتحدة بالنسبة للقضية الفلسطينية. ان قيام نخب وقيادات فلسطينية ببث وهم بان “الفرج قريب وقادم” هي مسألة تعبر عن رغباتهم، الحقيقية او المختلقة، وقد تؤجل ما يجب فعله فلسطينيا وبالأساس ستزيد من تفاقم وضع القضية الفلسطينية، لا انفراجه.

 

[1] انظر مثلا:

خالد الحروب “بايدن وتعزيز الانقسام الفلسطيني” https://www.palestineforum.net//

كارول دانيال كسابري “المصالحة الفلسطينية والانتخابات الامريكية” https://www.palestineforum.net/ /

وليد سالم “بعد نجاح بايدن – ماذا نحن فاعلون” ملاحظات اولية” https://www.palestineforum.net/ /

اكرم عطالله “العالم اكثر هدوءا بدون ترامب…!” https://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=144257bby339892155Y144257bb

 

 

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

مؤلف: اسعد غانم

أفكار 1 على "مساهمة في النقاش حول تداعيات انتخاب بايدن على القضية الفلسطينية – صفقة القرن باقية معنا"

  1. المجرم الوقح والمجرم المخادع يفيدان بعضهما، فالأول يوسع للثاني دائرة الجرائم التي يمكن ارتكابها علانية، والثاني يساعد الأول على النجاة من العقاب الفعلي بالاكتفاء بالشتائم والهزائم. يقوم الوقح بما لا يستطيع المخادع فعله، فينتقده المخادع، فيكشف الوقح بعض جرائم المخادع المشابهة له، فيتعصب أنصار المجرمين لهما، ويتمسك كل فريق بفريقه، ويرمي خصمه بالتهم الحقيقية والمزيفة، لكن المخادع يستفيد أحيانا ممن يتحدثون عن الواقعية وفن الممكن ويؤيدون “الأقل سوءا” لمنع “الأكثر سوءا”، فيحصل على ما يريد، لكنه لا يعيد الحق لأصحابه، ولا يحاسب الوقح على جرائمه، لأن محاسبته تضر المخادع، فنجاة الوقح من المحاسبة والعقاب وإمكانية انتصاره مرة أخرى تعنيان أن المخادع يمكن أن يرتكب مزيدا من الجرائم ويبقى رغم ذلك “الأقل سوءا”. ويساعد هؤلاء “الواقعيون” في بقاء المجرمين، وفي زيادة إجرامهم. ليس الأمر مقتصرا على الانتخابات “الديمقراطية”، بل يمكن مشاهدة كيف يزعم كثيرون أن التطبيع بكل أشكاله خيانة، وهم يقفون مع أحد المطبعين ويمدحونه ويدافعون عنه ويختلقون له المبررات، وذلك لأنهم يرونه أقل سوءا من غيره، وهذا يعني أنه كما ظهرت إلى العلن اتفاقيات تطبيع وقحة في فترة الوقح قد تظهر اتفاقيات تطبيع مخادعة في فترة المخادع، ويخرج المدافعون عنها ورقة “الأقل سوءا” في وجه المنتقدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *