مروان البرغوثي… القائد الأسير بين شرف الرمز وخبث الإشاعة

في كل مرحلة حاسمة من تاريخ القضية الفلسطينية، يُعاد استحضار رموز نضالية كبرى يلتف حولها الشعب الفلسطيني بكل أطيافه. أحد أبرز هؤلاء الرموز، إن لم يكن أبرزهم في العقود الأخيرة، هو القائد مروان البرغوثي، الذي تحاول بعض الأصوات المشبوهة اليوم الزج باسمه في حملات التشويه والإشاعات، كإشاعة “مؤامرة داخل فتح” لمنع إدراجه ضمن صفقات التبادل. وهي مزاعم لا تصمد أمام التاريخ، ولا أمام الواقع، ولا أمام وعي الجماهير.

من هو مروان البرغوثي : مناضل منذ الصبا :
ولد مروان البرغوثي عام 1959 في قرية كوبر شمال رام الله. انخرط في النضال الوطني مبكرًا، حيث اعتقل للمرة الأولى وهو في سن الخامسة عشرة. انضم إلى حركة “فتح” عام 1974، وتدرج في صفوفها حتى أصبح أحد أبرز قادتها الميدانيين في الانتفاضتين الأولى والثانية.
درس التاريخ والعلوم السياسية في جامعة بيرزيت، وكان أحد أعمدتها الطلابية. سُجن وأُبعد وطاردته قوات الاحتلال لسنوات، ثم أصبح عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996، عن محافظة رام الله، وعضوًا في المجلس الثوري لحركة فتح.
قاد خلال الانتفاضة الثانية ” كتائب شهداء الأقصى”، وكان من أبرز الوجوه الداعية إلى الجمع بين المقاومة المسلحة والعمل السياسي. اعتقلته إسرائيل عام 2002، وأصدرت بحقه حكمًا بالسجن المؤبد خمس مرات.

مروان البرغوثي رمز يتجاوز الفصائل :

رغم انتمائه التنظيمي لحركة فتح، فإن البرغوثي حظي باحترام واسع في أوساط حماس والجهاد وباقي الفصائل الفلسطينية . دعا دائمًا إلى الوحدة الوطنية، وكان من أوائل من طرحوا وثيقة الوفاق الوطني داخل السجون . تحظى شعبيته بقبول واسع باعتباره “مانديلا فلسطين”، القائد الذي لم تلوثه السلطة، ولم ينكسر أمام الاعتقال.

حقيقة الإشاعة ودوافعها :

الإشاعة التي تحدثت عن “طلب فتحاوي” لمنع الإفراج عنه ضمن صفقة التبادل الأخيرة ، لا تخدم سوى الاحتلال . فمنذ متى كانت حركة فتح ، التي خرج البرغوثي من رحمها، تعارض الإفراج عنه؟! وهل هناك فلسطيني عاقل يرفض إطلاق سراح شخصية بحجم مروان البرغوثي في لحظة وطنية كهذه؟
الحقيقة أن إسرائيل، تحديدًا، هي من تعارض بشدة خروجه من السجن، لأنه يشكل تهديدًا مباشرًا لروايتها ومشروعها السياسي . فهي تدرك أن القائد البرغوثي، بخلفيته النضالية وقدرته على جمع الشارع الفلسطيني، يمكن أن يقود مرحلة جديدة تُفشل محاولات تصفية القضية.


أبعاد هذه الإشاعة :

  1. ضرب الوحدة الوطنية : الإشاعة تُستخدم لضرب الثقة بين الفصائل، وبين القاعدة الشعبية وقياداتها.
  2. تشويه فتح والسلطة الفلسطينية : في لحظة حساسة تتطلب التكاتف، تأتي هذه الحملات لإرباك المشهد الوطني.
  3. تعطيل أي تقارب داخلي : من خلال الإيحاء أن هناك أطرافًا “تُبقي الأسرى في السجن لأهداف فصائلية .

ما المطلوب الآن؟

  • تحميل إسرائيل المسؤولية الحصرية عن رفض الإفراج عنه او غيره.
  • تعزيز الرواية الوطنية التي تؤمن بأن جميع الأسرى على رأس الأولويات، بلا استثناء.
  • تصحيح وعي الجمهور الفلسطيني والعربي بحقيقة موقف السلطة وحركة فتح.

مروان البرغوثي… ليس ملفًا تفاوضيًا بل مشروع حرية :

في زمن اختلطت فيه المواقف وضاعت فيه البوصلة لدى البعض، يبقى مروان البرغوثي شاهدًا حيًا على ثبات القضية ونقاء النضال. هو ليس ورقة مساومة، ولا بندًا تفاوضيًا. هو عنوان لمشروع وطني مقاوم، ومفتاح لإعادة تجسيد القيادة الشرعية والموحدة. كل من يشكك في قضيته أو يحاول استغلال اسمه لتصفية حسابات داخلية أو خارجية، إنما يخدم الاحتلال من حيث يدري أو لا يدري.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *