محكمة الجنايات الدولية بين بوتين ونتياهو

قررت محكمة الجنايات الدولية مؤخرا اصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . سبب اصدار هذه المذكرة يعود الي اتهام بوتين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية جراء الحرب التي تدور رحاها في اوكرانيا .
قامت المحكمة وبعد اندلاع الحرب مباشرة بإرسال عدة لجان لتقصي الحقائق ضمن نية مسبقة عنوانها احتمالية ارتكاب روسيا لجرائم حرب ضد اوكرانيا .
تم ذلك بتأثيرات من قبل الإدارة الأمريكية وحلف الناتو بهدف فرض مزيدا من الإجراءات بحق روسيا مرفقة بسلسلة الحزم العقابية بأبعادها العسكرية و الاقتصادية والمالية والدبلوماسية المختلفة .
يشار هنا ان التأثيرات الأمريكية على المحكمة تتم رغم عدم عضوية الولايات المتحدة بمحكمة الجنايات الدولية وذلك خوفا من محاكمة الجنود الامريكان على احتمالية ارتكابهم لجرائم بحق كل من الشعبين الافغاني والعراقي إبان الغزو الأمريكي لبلادهم.
واحدة من أسباب عدم انضمام الولايات المتحدة للمحكمة يعود الى حرصها على دولة الاحتلال تخوفا من محاكمة قادتها على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وخاصة جرائم الحصار والعدوان على قطاع غزة والاستيطان و بناء جدار الفصل العنصري وتهويد القدس بالضفة الغربية.
تعزز هذا التخوف على ضوء تقرير غولدستون الذي أشار بعد عدوان الاحتلال على قطاع غزة في عام 2008الى احتمال ارتكاب دولة الاحتلال لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حيث مارست الإدارة الأمريكية حينها ضغوطات هائلة على قيادة السلطة بسحب تقديم الملف لمحكمة الجنايات الدولية وغيرها من المحاكم الى جانب الضغوطات الهائلة التي مارسها اللوبي الصهيوني بحق القاضي غولدستون وهو يهودي الديانة ودفعه للتخلي عن التقرير الذي حمل اسمه .
استطاع اللوبي الصهيوني بدعم من الإدارة الأمريكية حينها من الضغط على العديد من بلدان أوروبا بهدف تغير قوانينها التي كانت تسمح بمحاكمة مجرمي حرب خارج حدودها وتم ذلك على اثر احتمالية توقيف واعتقال بعض قادة دولة الاحتلال ومنهم تسيفي لفيني والتي كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية.
زاد القلق الأمريكي والاسرائيلي من المحكمة بعد انضمام دولة فلسطين لعضويتها وتوقيعها على ميثاق روما المنشأ لها وذلك بعد الاعتراف بدولة فلسطين عضوا مراقبا بالامم المتحدة في نهاية عام 2012.
مارست الدول الحليفة لإسرائيل ضغوطات على المحكمة وتحديدا على رئيسة المحكمة فاتوا بن سودة وتم اتهامها بأنها معادية للسامية الى ان تم إخراجها من الرئاسة وإجراء تغيرات هيكلية في بنية المحكمة ادت الى تعين كريم خان رئيسا لها وهو المعروف بموافقة الموالية لامريكا والغرب وإسرائيل والمعادية للشرق والشعب الفلسطيني بصورة عامة.
لم يستجب كريم خان لطلب العديد من مكونات الشعب الفلسطيني سواء دولة فلسطين بوصفها عضوا مراقبا بالامم المتحدة او منظمات حقوق الانسان بإرسال لجنة تحقيق الى فلسطين للتحقيقق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها دولة الاحتلال بعد عدوان عام 2014 على قطاع غزة استمر واحد وخمسون يوما تم بة تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية والمرافق الإنتاجية واستشهاد وجرح الالاف من أبناء شعبنا .
لم يتم ارسال لجنة تحقيق حتى الآن رغم قرار المحكمة بذلك الذي اتخذ بعد انتهاء العدوان حينها .
تراجعت الثقة بصورة كبيرة بمحكمة الجنايات الدولية على خلفية ازدواجية المعايير وعبر المقارنة بين اوكرانيا وفلسطين.
راهن العديد من النشطاء الحقوقين على انشاء هذه المحكمة بوصفها محكمة الضحايا من أجل انصافهم ومحكمة من لا محكمة له الا ان هذا الرهان اصيب بحالة من خيبة الأمل والاحباط بسبب سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين .
بعد قرار المحكمة بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس بوتين قفز السؤال لدى الاغلبية الواسعة من الشعب الفلسطيني والمتضامنين الدولين وماذا بالنسبة لنتنياهو وهو المتهم بالفساد داخل دولة الاحتلال.
وماذا بحق الآخرين من قادة وجنود في دولة الاحتلال؟؟
ولماذا الكيل بمكيالين وعدم ارسال لجنة تحقيق على جرائم الاحتلال العديدة بحق شعبنا ومنها جرائم التميز العنصري والتطهير العرقي كما تم مؤخرا في عملية حرق بلدة حوارة بشكل همجي .
من الطبيعي ان يرفض شعبنا الاحتلال ايا كان مصدره ويؤيد حق الشعوب في تقرير المصير وهذا ينطبق على الاحتلال الروسي لاوكرانيا وهذا يجب أن يدفع بلدان العالم الى ممارسة الضغوطات على دولة الاحتلال حتى تنصاع للقانون الدولي ومنظومة حقوق الانسان التي يجب أن تطبق على الجميع دون استثناء او تميز .
تشكل حكومة اليمين الفاشية ضمن مثلث نتنياهو وسموترتيس وبن غفير فرصة لشعبنا عبر اتضاح طبيعتها العدوانية والعنصرية ومحاولاتها بتغير بنية القضاء ليصبح تحت سيطرة ونفوذ السلطة التنفيذية الأمر الذي جوبة بمظاهرات صاخبة داخل المجتمع الصهيوني ذاتة وتحذير الغرب لدولة الاحتلال من تحويلها الى دولة دكتاتورية وشمولية .
هذا لا يعني بالمطلق ان محكمة العدل العليا داخل دولة الاحتلال ذات طبيعة عادلة ومستقلة ونزيهة حيث عاني الشعب الفلسطيني كثيراً جراء قراراتها التي تشرعن ممارسات المشروع الاستعماري الصهيوني الاقلاعي ولكنها ستصبح بعد خطة نتنياهو اكثر عدائية وعدوانية وعنصرية بحق شعبنا كما ستصبح أداة طيعة بيد الحكومة والسلطة التنفيذية.
ان ما يحدث من محاولات سيطرة نتنياهو على القضاء يشكل فرصة لنشطاء حقوق الانسان باثارة ملفات جرائم الحرب لدي محكمة الجنايات الدولية بصورة فاعلة حيث ستسقط المبررات التي كانت تساق من عدم جواز محاكمة الجنود او القادة بسبب وجود قضاء محلي قوي ومستقل داخل دولة الاحتلال.
خطة (إصلاح القضاء )تبرز الطبيعة الشمولية والاستبدادية لدولة الاحتلال وهذا من الممكن أن يشكل فرصة لشعبنا بفاعلية السياسين والقانونين وبهدف انصاف الضحايا وتحقيق العدالة ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وحتى لا تكرر هذة الأعمال العدوانية المخالفة لمبادى حقوق الانسان تجاه شعبنا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *