مجزرة غزة وذكرى النكبة
تزامنت مجزرة غزة التي راح ضحيتها حتى كتابة هذا المقال خمسة عشر مواطنا من بينهم اربعة نساء وأربعة أطفال إضافة الى ثلاثة قادة من حركة الجهاد الإسلامي مع الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة.
تأتي المجزرة لتحقيق اهداف تكتيكية لنتياهو أبرزها استعادة حالة الردع التي تصدعت على ضوء فاعليات المقاومة في كل من غزة والضفة ولبنان وبهدف الحفاظ على الائتلاف الحاكم خاصة بعد تهديد بن غفير بمقاطعة جلسات الحكومة ومن أجل تحجيم الاحتجاجات بالشارع الاسرائيلي من قبل اليمين العلماني الرافض لخطة الانقلاب على القضاء.
يريد نتياهو الذي يمر مع حكومته بأزمة داخلية غير مسبوقة العمل على تصدير هذه الازمة على حساب الشعب الفلسطيني.
كان من الصعوبة ان تستمر دولة الاحتلال بعمليات الاغتيال والعدوان دون غطاء دولي وخاصة من قبل الإدارة الأمريكية.
ان عدم تفعيل ملفات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي مارستها دولة الاحتلال بحق شعبنا ساهم وبفاعلية بتشجيعها للاستمرار بهذا العدوان وقيامها وبصورة منهجية ومنظمة بخرق القانون الدولي ومنظومة حقوق الانسان.
ان ازدواجية المعايير التي يمارسها المجتمع الدولي والانحياز لدولة الاحتلال وعدم ممارسة اية ضغوطات رادعة تجاهها عمل على اعطائها الضوء الأخضر لاستكمال أعمالها الفاشية والعدوانية بحق الشعب الفلسطيني.
تعتقد حكومة الاحتلال ان اللحظة التاريخية اضحت مناسبة لاستكمال تنفيذ المشروع الصهيوني من خلال شعار حسم الصراع وبصورة سريعة وفورية. يبرز ذلك من خلال التوغلات المستمرة في احياء مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وتكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي وبناء الوحدات الاستيطانية واستهداف المقاومين عبر عمليات الإعدام الميداني وعبر التنكيل بالاسرى والاعتقالات الجماعية والهجوم المستمر على المسجد الاقصى لتقسيمه زمانيا ومكانيا وعبر تشكيل مليشيات مسلحة تأتمر بأمرة بن غفير ضد شعبنا بالداخل وتأتمر بأمرة سموتريتش ضد شعبنا بالضفة كما برز في عملية حرق حوارة .
يتم استكمال الممارسات العدوانية والفاشية على الأرض بسلسلة من القوانين التي شرعها الكنيست منها قانون سحب الجنسية والمواطنة إضافة الى قرارات حظر رفع العلم الفلسطيني لفلسطيني الداخل والتنكيل بالاسرى وفرض الاعتقال الإداري التعسفي على المئات منهم .
وعليه فالمجزرة الأخيرة على غزة متصلة بسلسلة الممارسات التي تتسم بطابعها الهجومي والعدواني بحق شعبنا وليست مفصولة عنه باى حال من الأحوال.
ان استعراض القوة التي عبر عنها نتياهو بعد انتهاء اجتماع المجلس الأمني المصغر في حكومته هو وأركان قيادته تؤكد استخفافه بردود الفعل الدولية وارتكازه على التواطؤ الغربي والدعم الامريكي اللامحدود وذلك بالرغم من ارتكابها لجرائم منهجية منظمة بحق شعبنا.
تؤمن حكومة اليمين الفاشية والعنصرية بالتفوق العرقي واستخدام آليات البطش والتنكيل والإرهاب المنظم بحق شعبنا وتؤمن كذلك بالمقولات الصهيونية التقليدية مثل فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وبارض الميعاد وبأن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت وبأن ما لايأت بالقوة يأت بمزيد من القوة ….الخ من المفاهيم التي تشرع الاندفاعة العدوانية الاحتلالية والعنصرية تجاة شعبنا .
ترمي حكومة الاحتلال الفاشية الى خلق حالة من الاحباط واليأس بين اوساط شعبنا بهدف ثنية عن ارادة الكفاح وترمي كذلك الى كي الوعي ووضعه أمام خيارات أعلنها الفاشي سموتريتش وهي اما الرحيل او العيش تحت السيادة الصهيونية دون حقوق سياسية او الموت اذا قرر الفلسطيني المقاومة .
لن تستطيع آلة القتل والدمار الصهيونية كسر ارادة الصمود والكفاح الفلسطيني المشروع من أجل الحرية والكرامة وهذا ما عكسه شعبنا خلال مسيرة كفاحة من خلال التضحيات الجسام التي قدمها من اجل التحرر الوطني.
تذكر مجزرة غزة الأخيرة بسلسلة المجازر الدموية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل وأثناء نكبة عام 1948والتي ادت الي تهجير حوالي 800الف فلسطيني في عملية تطهير عرقي بشعة .
استمرت دولة الاستعمار الصهيوني بتنفيذ المجازر بحق شعبنا بهدف اقتلاعه من جذورة واحلال المهاجرين الصهاينة الجدد علي انقاضة.
بات من الواضح أن شعبنا تعلم الدرس من مأساة النكبة حيث استمر متمسكا بالأرض والصمود عليها رغم ممارسات الاحتلال العدوانية والعنصرية.
يعيش علي ارض فلسطين التاريخية حوالي 7,500مليون انسان فلسطيني وهم يتفوقون عدديا علي السكان اليهود الذي يبلغ تعدادهم حوالي 7مليون فقط .
نفذت دولة الاحتلال حصارا مشددا على قطاع غزة منذ عام 2007 والذي يعتبر عقابا جماعيا وفق تعريف القانون الدولي وقد صاحب ذلك عمليات عسكرية واسعة علية راح ضحيتها الاف الشهداء والجرحى وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية والمرافق الإنتاجية والمساكن .
ان استمرار تنفيذ دولة الاحتلال لجرائم الحرب يعتبر استكمالا للمشروع الصهيوني ويرمي للاجهاز على شعبنا سياسيا ووجوديا .
تتطلب مواجهة جرائم الاحتلال تعزيز الوحدة الكفاحية والميدانية وعدم السماح بنفاذ سياسة التفتيت والتجزئة والعمل على بناء المؤسسات التمثيلية الفلسطينية على اسس ديمقراطية وتشاركية وتكوين قيادة وطنية موحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي يجب أن يشارك بها الجميع تدير دفة الكفاح الوطني بابعادها الميدانية والدبلوماسية والاعلامية والقانونية .
نستطيع تحويل تهديد حكومة الاحتلال الفاشية الى فرصة عبر استعادة الوحدة الوطنية وتاصيل الرواية التاريخية الفلسطينية لشعب هُجِر من ارضة عام 1948 وتفنيد الرواية الاستعمارية الصهيونية المبنية على التفوق العرقي والعمل على مساواة الصهيونية بالعنصرية.