ما هو المطلوب قبل الذهاب للانتخابات الفلسطينية؟


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

في كل الأنظمة السياسية الديمقراطية تمثل الانتخابات الوسيلة المثلى لاختيار صناع القرار وراسمي السياسات، وهي خيار منطقي وعقلاني يمثل قمة الهرم في التكوين السياسي للنظم السياسية الديمقراطية. لكنها لا تتعدى كونها وسيلة في الأنظمة الديمقراطية؛ ولا يمكن أن تكون الانتخابات غاية بالمطلق إلا في الأنظمة الدكتاتورية التي ترى في الانتخابات قناعا يخفى صورة مشينة لها؛ وكذلك قناع يحمل بصمة الشعب المغلوب على أمره والفاقد للأهلية السياسية في نظر حكامه.

ونحن الفلسطينيون حالنا كحال باقي الشعوب العربية، فخلال الربع قرن الماضي وهو عمر تجربة الحكم الذاتي لم ننجح في صياغة نظام حكم ديمقراطي برغم الحاجة الملحة لوضعنا السياسي؛ والتي كان يجب أن تجعل من تجربتنا استثناء عن باقي تجارب الأنظمة العربية. لكننا اقتفينا بكل عناية خطى الأنظمة العربية؛ وربما يرجع ذلك بالأساس لعدم إدراكنا فى حينه خطورة فشل الفلسطينيين في تجربة حكم نفسهم على مستقبل قضيتهم؛ والتي يعد إنشاء نظام الحكم السياسي النموذجي الحديث جزءاً لا يتجزأ من أهم محاور الصراع مع إسرائيل إن لم يكن هو الأهم، ومع الأسف فقد فشلنا كسائر الأنظمة المحيطة، وكانت أهم معالم هذا الفشل الانقسام الفلسطيني؛ الذى استمر لما يزيد عن عقد تجمدت خلاله الحياة السياسية لصالح طبقة سياسية حاكمة انتجتها حالة الانقسام تفردت بكامل صلاحيات السلطات الثلاث؛ وكان الضحية لتلك الحالة الشعب والنظام السياسي النموذجي الذى لم يولد من الأساس.

واليوم وبعد 26 عام على قيام السلطة و13 عام من الانقسام الفلسطيني؛ وبعد هذا التراجع والضعف السياسي الذى انعكس أضعافا مضاعفة على قضيتنا وأوصلها إلى هذه الحالة التي نحن جميعا فيها اليوم، تبدو فكرة الانتخابات التي اتفق عليها الخصوم كخطوة أساسية لإنهاء الانقسام استمرار لنفس ما هو كائن منذ ربع قرن من حالة الارتجال؛ فنحن لا نمتلك بالأصل أحزابا سياسية بل تنظيمات مسلحة؛ كما أنه لا يوجد أحد يراقب موازنتها ومصادر تمويلها، وجلّ ما نملكه قانون أساسي ضعيف البناء والصياغة يختص بصلاحيات السلطة الوطنية ولم يستفتى عليه الشعب؛ إضافة إلى أنه لا يعالج ازدواجية الصلاحيات في كثير من مناحي الحياة السياسية الفلسطينية بين منظمة التحرير الفلسطينية بسلطتيها التنفيذيتين اللجنة التنفيذية والحكومة والمجلس التشريعي والوطني.

إن إنهاء الانقسام الفلسطيني كان يتطلب منذ اليوم الأول إنشاء لجنة تحقيق مستقلة في أسباب هذا الانقسام وهو ما لم يحدث؛ ولو كان حدث لكنا اختصرنا سنوات من الضياع؛ ولأدركنا أن أحد أهم أسباب الانقسام هو عوار النظام السياسي الفلسطيني؛ وأن إصلاح النظام السياسي هو أول الخطى لإنهاء الانقسام وعدم تكراره، فالمشكلة لم تكن يوما في الانتخابات؛ فقد عقدت الانتخابات في 2006 وكانت شفافة وديمقراطية ولم يشبها شائبة لكن ما الفائدة في عملية انتخابية ديمقراطية في نظام سياسي مرتجل يفتقد لكل ميكانزمات الديمقراطية الحقيقية.

المطلوب من الفرقاء الفلسطينيين اليوم لم يعد إنهاء الانقسام الفلسطيني كما يظن البعض؛ فقد تعدت تطورات ما يجرى في المنطقة وما يرسم من خطط لتصفية القضية تلك المرحلة، وما هو مطلوب منهم هو إدراك أن عدم إصلاح النظام السياسي سيفتح الباب واسعا لقوى دولية وإقليمية لإعادة صياغة نظام سياسي فلسطيني بمقاييس وأيدي غير وطنية، وهو بالخطورة بمكان لأنه ما سيكرس لعقود نظرية إسرائيل التي تروج لها بأن الفلسطينيين غير مؤهلين لحكم أنفسهم وأن منحهم وطن مستقل لا يزال بعيد المنال.

ما هو مطلوب من الفلسطينيين اليوم وقبل أي انتخابات إقرار قانون للأحزاب وتوحيد البندقية الفلسطينية تحت علم فلسطين والبدء في صياغة مسودة الدستور الفلسطيني واستبدال السلطة ومنظمة التحرير بدولة فلسطين وحكومتها التي تستند لاعتراف دولي بها كدولة مراقب في الأمم المتحدة.

علينا أن نفرض على الأرض والعالم واسرائيل الدولة الفلسطينية ذات السلطات والمؤسسات الديمقراطية المنتخبة؛ وهكذا نعيد الاعتبار لسلطة الشعب وبهذا نقر سيادته على أرضه ونقطع الطريق على كل المتربصين بقضيتنا.

ليس أمامنا اليوم إلا هذا الخيار؛ خيار إقامة النظام الفلسطيني النموذج الديمقراطي الحر والحديث، وتلك هي الحقيقة الكامنة في قلب المحيط وغير ذلك لا يعدو كونه عبث على شواطئ السراب.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: عبير عبد الرحمن ثابت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *