ما بعد عباس … الكل يتحدت ويخطط ما عدا الفلسطينيين

هناك سؤال وجودي وبيولوجي قبل ان يكون وطني وسياسي: هل محمود عباس (ابو مازن) كائن بشري يمكن ان يموت؟ وهل الحديث عن هذا “الاحتمال” حتى لو كان عشرة في المئة جائز وطنيا؟ سخرية وتفاهة الوضع السياسي الفلسطيني الرسمي الذي صنعه ابو مازن نفسه لا تترك الا هذا المدخل التهكمي لمقاربة مسألة في غاية الخطورة وهي اليوم التالي لغياب ابو مازن. دول الجوار تتحسب وتضع احتمالات، امريكا ومؤسساتها البحثية ودوائر صنع القرار تتحسب وتتوقع وتضع سيناريوهات. عواصم اوربية تتحدث وتعمل تقديرات. مراكز بحث تعقد ندوات وتبحث وتقدم ما تراه لصناع القرار القريبة منهم. اسرائيل قبل الجميع طبعا هي اول من فكر وخطط ولا زال يخطط لذلك اليوم: كيف يمكن ضمان بقاء السلطة الكسيحة كما هي، تخدم اسرائيل ولا تحقق الطموحات الوطنية الفلسطينية – كما تحدث نتنياهو اليوم (٢٦ يونيو) في اجتماع مع لجنة الدفاع والخارجية التابعة لحزب الليكود. نتنياهو قال لن نسمح بإنهيار السلطة لأنها تعمل لخدمة اسرائيل، وفي الوقت نفسه لن نسمح بقيام دولة فلسطينية ويجب قمع الطموحات الفلسطينية بتلك الدولة.

الوحيدون الذين لا يناقشون “اليوم التالي” لغياب ابو مازن هم نحن! الكل ينتظر الصاعقة ووقوع المصيبة: مصيبة انه ليس هناك تخطيط ولا بديل متوافق عليه. هناك البديل الاسرائيلي الذي يعرفه الجميع. لكن من الذي يجب ان يشرع في التحدث علنا ويفتح هذا الملف ويدير حوارا وطنيا شاملا حوله؟ الجواب هو “حركة فتح” ومنظمة التحرير. لكن ثمة سكوت المقابر يلف الطرفين، سوى تأوهات تصدر من هنا او هناك تشتكي ان بديلاً يتم تحضيره، او ان بساطاً يسحب من تحت الاقدام، او ما شابه ذلك من مقولات الشلل الذاتي. ابو مازن كائن بشري مثلنا تماما، يعيش مثلنا، ويموت مثلنا. ولكنه ليس مثلنا لأنه يمسك زمام قيادة الشعب الفلسطيني، سواء برغبة ام عدم الشعب. وبسبب ذلك فإن من واجبنا، وليس فقط من حقنا، ان نناقش ما الذي سيحدث للمنظمة ولفتح وللسلطة والرئاسة والمال والقرار والقضاء وكل ما سوى ذلك مما يقطع تحت سيطرته الواحدة – وقبل ذلك كله مصير المشروع الوطني الفلسطيني برمته.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *