ما بعد التأكيد على عدالة القضية الفلسطينية

لدينا في جامعة تورونتو قضية كانت تتفاعل قبل الانتفاضة الفلسطينية وهي سحب عرض عمل تم تقديمه للدكتورة فالنتينا ازاروفا كمديرة لبرنامج حقوق الانسان في كلية الحقوق في جامعة تورونتو وذلك بعد تدخل وضغوط من أحد الممولين للجامعة بسبب كتابات لها عن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، وهي كتابات قديمة ونشرت في مجلات أكاديمية محكمة. بعد انتشار الفضيحة شكلت الجامعة لجنة تحقيق مستقلة وخلص تقريرها إلى حصول التدخل وان ازاروفا كانت المرشح المفضل للجنة التي قدمت لها بالفعل عرض العمل، وان سحب العرض تم بفعل التدخل الخارجي. تجاهلت ادارة الجامعة التقرير واعتبرت انه يبرأها من حدوث انتهاك للحرية الأكاديمية ما اثار استياء عدد من الدكاترة فكتبوا لرئيس الجامعة: “لسنا حمقى ولسنا قطيع من الغنم”. استدعى ذلك تدخل نقابة المدرسين في كندا والتي دعت إلى التزام الأكاديميين حول العالم بحملة مقاطعة للجامعة تستمر حتى تصحح الإدارة ما فعلته وتعيد تقديم العمل لازاروفا.

كانت القضية تتجه لتموت بهدوء ولكن حدوث الانتفاضة الفلسطينية أعاد الحياة للمعارضين داخل الجامعة وخارجها، فاشتدت حملة الضغط خلال الايام الماضية بإعلان الكثير من المؤسسات إيقاف التعاون مع كلية الحقوق، ومنها هيومن رايتس وتش ومراكز داخل الجامعة نفسها، وإعلان عدد كبير من الأكاديميين حول العالم عدم مشاركتهم في نشاطات كانت مقررة في الجامعة، وإعلان معظم اتحادات العاملين في الجامعة، ومنهم الاتحاد الذي انتمى اليه، دعم حملة المقاطعة للجامعة التي نعمل فيها. لم يكن هذا ليحدث لولا الانتفاضة الفلسطينية وتجديد النقاش حول الحصانة التي تمارسها الاكاديميا الغربية على نقد إسرائيل والتجريم غير المباشر لتأييد حقوق الفلسطينيين بطريقة تهين الحريات الاكاديمية التي تتباها بها تلك المؤسسات. في الايام الماضية وبسبب تضحيات الفلسطينيين وبروز خطاب متماسك يقوده جيل مبدئي من الشباب ويربط فلسطين بقضايا وتجارب الكولونيالية والاستيطان والفصل العنصري حول العالم، تمكَنا من كسب معركة النقاش حول فلسطين في وسائل الاعلام والاكاديميا الغربية. الآن يجب ان نكسب معركة أخرى وهي جعل نقد إسرائيل وتأييد حقوق الفلسطينيين في هذه الأوساط آمناً على من يقوم به. تخطينا قضية اقناع الآخرين بعدالة قضيتنا وما هو الصح وما هو الخطأ، وصار المطلوب تشكل قناعة بأن النقد لن يتسبب بخسارة الوظيفة والفرص المستقبلية.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *