ما الذي يفصل بين التصعيد والهدوء؟

لم يتوقف التدهور الامني في مناطق يهودا والسامرة أو الضفة الغربية في نهاية الاسبوع. مظاهرات، محاولات عمليات، احتكاكات بين المستوطنين والفلسطينيين على خلفية قطف الزيتون، وماذا لا. ولا يزال، في ظل كل هذه الجلبة، تسجل ايضا عدة تطورات ايجابية – ربما، فقط ربما، يمكنها أن تؤدي الى استقرار الوضع في سياق الطريق.

1. السلطة الفلسطينية عادت للعمل. قد لا يكون هذا بالوتيرة أو الحجوم التي كانت اسرائيل أن تراها. لكن في الجانب الاسرائيلي ايضا يعربون منذ الان عن رضى جزئي من نشاط اجهزة الامن الفلسطينية. فالأجهزة تعتقل مشبوهين بأعمال ارهاب، بما في ذلك في منطقة نابلس بل وحتى في جنين (لكن ليس في مخيم اللاجئين في المدينة). وتتجرأ السلطة حتى على العمل في نابلس ضد المجموعة المسماة “عرين الاسود”.

صحيح ان الحديث لا يدور بعد عن اعتقال كبار مسؤولي هذا التنظيم بل فقط في دائرة الدعم له، لكن مثل هذا العمل ايضا يوجد فيه قول للجمهور في نابلس. أحد العناصر المفاجئة نسبيا في نشاط اجهزة السلطة هو العودة الى “اتفاق المطلوبين”، اي ان الاجهزة تقترح على المطلوبين مسار “عفو” في إطاره يسلمون الاسلحة التي في حيازتهم، يكونوا تحت رقابة السلطة (في شروط حبس في البداية) ويتلقون عفوا من الجانب الاسرائيلي في سياق الطريق، إذا ما امتنعوا بالطبع عن اعمال الارهاب.

2. بعد عمليتي إطلاق نار فتاكتين في حاجز شعفاط وقرب شافي شمرون واللتين انتهتا بقتل جنديين من الجيش الاسرائيلي، نوعا لازار وعيدو باروخ، وفرار المخربين المنفذين، اصطدمت محاولة عملية مساء يوم الجمعة قرب بيت ايل بكمين أعده مقاتلو لواء المظليين وانتهى بنتائج اخرى. أحد المخربين، قيس شجاعية، ابن 23، ينتمي لحماس، قتل، بينما اعتقل شريكه في العملية. التوجيهات والتعليمات للقوات هي السعي الى الاشتباك في حالة محاولة عملية والامتناع عن وضع ينجح فيه المخربون المنفذون في الفرار وينالون مكانة الابطال. واحد من اولئك “الابطال”، عدي التميمي الذي نفذ العملية في حاجز شعفاط، أصبح نموذج قدوة. في الشبكات الاجتماعية نشر مقطع فيديو يوثق بضعة شبان من مخيم اللاجئين يحلقون رؤوسهم بشكل يشبه حلاقة المخرب، ربما كي يجعلوا من الصعب على قوات الامن الاسرائيلية الامساك به.

3. الجمهور الفلسطيني الغفير لا يزال يمتنع عن الانضمام الى العنف. رغم عدد العمليات المتزايد، الارتفاع في عدد المسلحين في المناطق المختلفة، لا تزال لا توجد هنا انتفاضة. وحتى في مخيم اللاجئين شعفاط حيث وقعت المواجهات الاوسع في الاسابيع الاخيرة، سجل هدوء ما في الخواطر. “عرين الاسود” قد يحظى بدعم واسع في الشبكات مثل “التك توك” (التي اغلقت حسابه في نهاية الاسبوع) وحتى مسلحين جدد ينضمون الى التنظيم، لكن في نهاية الامر الاغلبية الفلسطينية الساحقة تحاول العودة الى روتينها اليومي. لا يوجد الالاف في الشوارع ولا عشرات الالاف ايضا، احيانا بضع مئات.

ومع ذلك، لا يمكن ان نتجاهل ايضا المؤشرات السلبية التي من شأنها أن تؤدي الى تدهور سريع في الوضع في الضفة حيال اسرائيل. اولا، العمليات تتحرك منذ الان جنوبا. محاولة العملية في بيت ايل هي استثناء في هذه اللحظة لكن لا يمكن الحديث عن قطيعة مطلقة لمناطق نابلس وجنين عن باقي مناطق الضفة. “مفترق تفوح” لم يعد حدودا لا ترى أو معبرا لا يمكن للمسلحين ان يجتازوه، ومحاولات العمليات كانت وستكون جنوب نابلس ايضا.

ثانيا، وهذه ربما النقطة الاكثر اشكالية من ناحية امكانية الاشتعال – العنف المتزايد من جانب اليهود ضد الفلسطينيين. يدور الحديث عن حملات ثأر على انواعها، اساسا في المنطقة التي بين حوارة جنوب نابلس والقرى شمال رام الله، لكن ليس فقط. الارتفاع في حالات العنف سجل ايضا على خلفية قطف الزيتون والتعرض المتزايد للمزارعين الفلسطينيين للعنف من جانب اليهود. هكذا، سجلت أمس حادثة في عين جونيا في منطقة تلمون غربي رام الله، في قصرة احرقت مزارع دجاج وكنتيجة لذلك نفقت نحو 300 دجاجة، رشقت سيارات فلسطينية بالحجارة ومنطقة حوارة اصبحت ساحة تنكيل شبه يومية من جانب المستوطنين ضد المارة الفلسطينيين. حادثة سحب ايتمار بن غبير المسدس في الشيخ جراح وان كانت انتهت بلا اصابات، لكن توثيقه الذي ينشر منذئذ من شأنه ايضا ان يشعل الخواطر.

والى أين يؤدي كل هذا؟ من الصعب أن نقول. في نهاية الامر نجاح واحد لقوات الامن الاسرائيلية في احباط عملية او فشل، يمكنهما أن يقررا الاتجاه العام للأحداث في الفترة القريبة القادمة في الضفة. هكذا ايضا عنف اليهود ضد الفلسطينيين. كل خطوة كهذه كفيلة بان تحدث الفرق بين تصعيد واسع وبين الهدوء، وهذا ايضا نسبي ايضا.

عن أطلس للدراسات والبحوث( يديعوت)

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *