
أكثر ما تخشاه إسرائيل، ليس المقاومة الفلسطينية، على أهميتها، وليس الديموغرافيا، على خطورتها. بل أن ما تخشاه إسرائيل، إضافة إلى ما ذكر، هو ” اختفاء العدو” .
ماذا ستكون هذه الإسرائيل لو اكتشفت فجأة أن لا عدو لها يلوح في أي أفق؟ سوف يصبح كل ما هو غير مرئي مرئياً، وسوف لن يكون هناك معنى لـ ” اليهودي العالمي” نظراً لأن اقتران “العالمية” بـ ” اليهودي/ اليهودية” يفترض استدامة اليهودي كمثال واحد ووحيد للضحية، وهذا لا يستقيم إلا من خلال رفض مزاعم الآخرين، مثل الفلسطينيين، بأن يكونوا ضحايا*، وحتى لو اضطرت لقبوله كضحية فينبغي لهذا الدال “الفلسطيني”، أي معنى الضحية أن لا يتمجد أكثر مما هو مسموح للدال “اليهودي”، وعلى هذا الدال الفلسطيني أن يتأرجح بين “جار سيء” أو “عدو سيء” أيهما أنسب، وليس هذا سوى تعيين استعماري محكوم فيه الفلسطيني بالتحرك ضمن حدود “عرقية” وحتى بيولوجية معنية إسرائيلياً. وتدفع هذه الخشية بإسرائيل إلى تشويه “الإنسان” الفلسطيني بحث لا يمكنه، الزعم بأنه آخر لليهودي\الإسرائيلي، لأن تثبيت مثل هذه الزعم، على الصعيد الإسرائيلي، يعني استدعاء فلسطيني قابل للتعيين مقابل الإسرائيلي، بحيث يمكن تفسيره/ تأويله، بدرجة ما، وهذا ما لا ترغب فيه إسرائيل، والأسلم لها أن يبقى الفلسطيني منتجاً استعمارياً ضعيفاً وعاجزاً، تتحكم فيه علاقات الضم والاستبعاد و الاستئصال….
*لعل هذا أكثر ما ينعكس في فكرة التطبيع في الذهنية الإسرائيلية، التي يحكمها هوس التفوق والتعالي على شعوب المنطقة، بحيث تبدو فكرة التطبيع أقرب ما تكون بحثاً عن حذاء لعبور المستنقع على حد تعبير الصديق الروائي جهاد الرنتيسي
