ما البديل للتضامن العربي ؟


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

عوني المشني

يبدو ان انحدار المرحلة التي نعيش قد انسانا ما تعلمناه في مدرسة الثورة، وهو يكاد يشكل ابجديات فهم اسس الصراع، اسرائيل هي صنيعة الامبريالية اولا، والتحالف الامبريالي الاسرائيلي والرجعية العربية من الانظمة الريعية هو تحالف طبيعي. تكاد هذه المفاهيم والمصطلحات المعبرة عنها تختفي من أديباتنا الحالية وذلك انسجاما مع مرحلة متردية فاشلة اختلطت فيها الاوراق، وحل بدلا عنها مصطلحات ومفاهيم جديدة هابطة منسجمة مع هبوط المرحلة وسقفها وادواتها. اصبحت امريكيا زعيمة العالم الامبريالي وسيطا، والمرجعيات العربية حليفا والعدو الاسرائيلي طرفا اخر، حتى القوى التي تعارض مخرجات هذه المرحلة نسيت ثقافتها وادبياتها وتحالفاتها وراحت الى علاقات برغماتية دونية.

صحيح ان هناك تغير كوني، سقطت أيدولوجيات ودول، وطغت مفاهيم جديدة وعلاقات جديدة ولكن كل ذلك لم يغير اسس الصراع الكوني ولا منطلقاته، فمنذ ان كان الصراع على ” الكلأ والماء ” وحتى عندما ارتقى وأصبح على ” النفط، وال G5 ” هي ذات الاسس التي تحكم العلاقات، الهيمنة والاستقلال، قوة الحق وحق القوة، تتغير الادوات والمصطلحات والاشكال والجوهر يبقى كما هو ثابتا.

الذي حصل الان لا يعدو أكثر من اخراج هذا التحالف من السر الى العلن، التحالف قائم ومنذ انشاء هذا الكيان، والامبريالية توزع الادوار بينهما وأحيانا تشكل حلقة الوصل، عندما تفشل الرجعيات في اسقاط عبد الناصر في حرب اليمن وحلف بغداد تقوم اسرائيل بدورها عام ١٩٦٧، عندما تفشل الرجعيات في القضاء على الثورة الفلسطينية في الحرب الاهلية في لبنان تقوم اسرائيل بهذا الدور عام ١٩٨٢، عندما تفشل الرجعيات في القضاء على النظام العراقي تقوم امريكيا بهذا الدور، والامثلة اكثر من ان تحصى.

ما الجديد اذن ؟؟؟ الجديد ان هذا التحالف خرج من دائرة السرية الى دائرة العلن، فبعد تراجع عالمي بدأ بسقوط الاتحاد السوفياتي وعربي تجلى في الحرب على العراق وقبلها في اتفاقية كامب ديفيد وامتد في حالة التشرذم العربية وفلسطيني كانت اوسلو تعبيرا فاضحا عنه وامتد بعدها لأبعد وأعمق. بعد كل هذا فان الخوف الذي كان السبب في الابقاء على سرية دور الرجعيات العربية قد اختفى، وأصبح من غير الضروري الابقاء على مظلة التضامن العربي التي تختبئ تحت مظلتها الانظمة العربية العميلة والمهادنة والتابعة.

نحن امام مرحلة جديدة، الفرز سيد الموقف، لم يعد حاجة حتى لورقة التوت التي تغطي عهر بعض الانظمة، اسقطتها هي بنفسها، وكما قال مظفر النواب ” كيف يحتاج دم بهذا الوضوح الى معجم طبقي كي نفهمه ؟!!!” الفرز وان لم يكن مطلبا الان فانه أصبح حقيقة موضوعية، سقطت سياسة خلط الاوراق والمواقف والتي كانت تعبر عنها الجامعة العربية تحت شعارات وهمية مثل التضامن العربي والثوابت العربية، لك يعد من الممكن الابقاء حتى على ” شعرة معاوية “، فهناك تحالف واضح وفاضح لقوى الشر ممثلة بالإمبريالية والصهيونية والمرجعيات العربية، وبالمقابل لا زالت القوى الوطنية العربية تتعلق بشعار ” التضامن العربي”، اننا امام فرز لا يمكن للتضامن العربي ان يظله.

ربما ليس بالضرورة ان يكون البديل هو محور يستخدم القضايا العربية والنضالية كقضية فلسطين وغيرها لتمرير اطماع وطموحات لقوى خارجية، فهناك خيارات، لماذا نسقط المجاميع العربية الشعبية من نقابات واتحادات ومؤسسات عربية وطنية من حسابنا ؟؟!!! صحيح انها ليست قوى تمتلك امكانيات الفعل المؤثر ولكن في مرحلة الانهيار فهي تمثل القوى التي تحافظ على الموروث الكفاحي اولا وتشكل قوة تهديد شعبية للأنظمة ثانيا وتقف سدا امام ثقافة الاستسلام. ان فلسطين حاضرة في المستوى الشعبي العربي وبقوة ولها قدسية أكثر من اي قضية اخرى، نعم نستطيع ان نوظف قدسية قضيتنا ضد ما يتاجر ويبيع في قضيتنا، ونتحالف على هذا الاساس، وأحيانا لا يكفي الحكمة، فالحكمة الزائدة عن الحد ابتذال، وإذا ما كان يجب ان يذهب أحد للجحيم لتذهب هذه الطغمة من الحكام الذي تجاوزوا حتى الاحترام.

ان نطالب باجتماع للجامعة العربية، نكتة سمجة، علينا ان نرفض المشاركة في اجتماع مبتذل كهذا، ونصيغ تحالفاتنا ونسقط شعار التضامن الذي يتسربل به طغمة من الحكام العملاء.

هي مرحلة الفرز بكل ما تعني، والفرز وان كان قاسيا الا انه استراتيجيا أفضل من المرحلة الرمادية التي نعيش، مرحلة اختلاط المفاهيم والممارسة، وفي سياسة الفرز ايضا يجب التفريق ايضا بين الانظمة والشعوب، وبقدر ما هو ضروري مقاطعة تلك الانظمة المهرولة للتطبيع فان هناك ضرورة ماسك لتعزيز العلاقة مع القوى الحية في الدول العربية وبالتحديد التي طبعت انظمتها، هذا ليس تناقضا ولكنه السياسة الصحيحة لعزل تلك الانظمة وتعزيز القضية الفلسطينية.

ولكن وحتى لا نبقى في دائرة الادانة والشجب ، حتى ننتقل لدائرة الفعل المؤثر فان انتقالنا من موقع اللاهث خلف الاحداث، والذي لا يعدوا دوره سوى ردات الفعل الارتجالية الى دائرة صناعة الحدث وفق رؤيا استراتيجية واضحة ومحددة ، بدون رؤية فلسطينية كهذه فإننا نساهم من حيث ندري او لا ندري في اضعاف الحالة الفلسطينية اكثر مما هي ضعيفة، ولا يوجد مدخل لصياغة رؤيا استراتيجية افضل من اعادة بناء منظمة التحرير على اساس ديمقراطي جمعي تتمثل فيه كافة تجمعات شعبنا في الوطن والشتات بدون محاصصة فصائلية مقيته ، منظمة تحرير تمثل الكل الفلسطيني وقادرة على الارتقاء عن الانقسام والتشرذم ، هذا المدخل لا يدخلنا في الحسابات الفصائلية الضيقة ويجعل الكل الفلسطيني شريكا ليس في الكفاح فحسب بل وفي القرار .

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *