ماذا نريد الان.. والى اين وجهتنا؟ افكار فيما يمكن القيام به
حين يهدأ غبار العدوان فوق سماء غزة العزة ويرسب في الارض، سيكون حكام اسرائيل في خضم تحسس اخفاقاتهم الاستراتيجية. انتهوا حاليا من جبهة قتال حولت كل البلاد الى جبهة، والمقصود عدوانهم الرهيب من حيث الدمار والقتل على غزة، والهزيل والمخفق سياسيا واستراتيجيا، ليتفرغوا لجبهة ليس بإمكانهم التخلص منها وهي الداخل والتي تشمل دور هذا القطاع من الشعب الفلسطيني في معركة القدس وغزة ومجمل قضية فلسطين.
ويشكل بين كلّ من إعلان شرطة اسرائيل والنيابة العامة الصادرين اليوم (23 ايار)، اعلان حرب على الجماهير العربية وخطة خطيرة، وقد تكون اوسع حملة اعتقالات منذ 1948 مرورا بكل المحطات الكفاحية وحالات الصدام. وهي لا تبدو حملة تكتيكية آنية، بل بداية لتحول استراتيجي في تعامل المؤسسة الامنية التي تعمل باستراتيجيتين متداخلتين ومتكاملتين وهما الاقصائية الانتقائية القمعية وفي المقابل الاحتوائية، وكلاهما تخدمان اهداف الهيمنة والضبط واعادة العجلة الى الوراء. اي تهدفان كسر ارادة جماهير شعبنا.
في الداخل سيتعاملون من منطلقات انتقامية، وكما ذكر سابقا من باب “إجا دوركم”، وهو ما حدده بشكل جليّ نتنياهو يوم 21/ايار. وسيواصل مساعيه ونهجه لخلق شرخ يضع حدا للوحدة الشعبية الكفاحية الحالية وذلك بعدة ادوات من ادوات الدولة القمعية:
ماذا يريدون ويخططون لنا:
- محاسبة “المتطرفين” وهم “اقلية جدية” حسب تعبيره بين الجماهير العربية، وتشجيع “المعتدلين” والكل يعرف مقصده. وسوف يتعزز نهج الاقصاء الانتقائي. بل ان هذا التصنيف مؤشر لسياسة أعنف وأكثر انتقاما.
- ستسعى الدولة الى تجريم ونزع شرعية اي موقف سياسي لا يتماشى مع الخطاب السياسي الاسرائيلي العنصري والوصائي المهيمن، او كما يقول صديقي الغزاوي راجي الصوراني “يريدوننا ضحية جيّدة ومريحة”.
- جزء من المشروع التاريخي للحركة الصهيونية ولدولة اسرائيل هو تشجيع الشباب العرب الى الهجرة من البلاد ووضع العراقيل على عودتهم (وثيقة كينغ)، وهذه مسألة قائمة باستمرار لكن ستجد تعبيرا عنها في السياسات الاقتصادية والتشغيلية.
- السعي الى رفع منسوب الاحكام في المحاكم وهندسة العقوبات من خلال التحكم بلوائح الاتهام التي يقدمونها بحق المعتقلين والمعتقلات العرب. وذلك بهدف الردع، سواء بالاعتقالات ام الاعتقالات الادارية.
- السعي الى تغيير الخطاب السياسي والترويج للخطاب الاعتذاري من خلال وصائية وترهيب وسائل الاعلام الاسرائيلية.
- السعي الى توسيع نطاق الملاحقات السياسية وتنويعها لتشمل التعقب الدائم للتحركات ولتواصل الاجيال الشابة الفلسطينية والعربية، وزيادة الاعتماد على أدوات حرب السايبر والذكاء الاصطناعي.
- السعي الى الايقاع بالناشطين والناشطات.
- السعي الى تشجيع فكرة “المجتمع المحافظ” للحيلولة دون مشاركة المراة وبالذات الاجيال الصاعدة في طليعة النضال والحراكات الشعبية.
- السعي الى تحويل النقاش والصراع من مواجهة سياسات الاحتلال والعنصرية الى صراع فلسطيني داخلي.
- ستكون امام الدولة اعادة نظر في مسألة السلاح المتاح و”غير المرخص”، بعد تقرير المدعي العام الاسرائيلي بان “نسبة عالية من العناصر الجنائية” شاركوا في المواجهات مع الشرطة والعصابات الارهابية اليهودية.
- زيادة التجنيد لقوات الامن الاسرائيلية، والسعي لكبح ظاهرة تمرد مجندين عرب على الخدمة والاستقالة منها.
- علينا ان ندرك دائما انه ليس فقط النضال يتراكم بل ايضا ادوات واساليب واهداف القمع، وما ستشهده مواجهات قادمة سيبدأ من حيث انتهي ما سبقها من قمع. ما جرى من عملية اشبه باحتلال القرى والمدن العربية من خلال إقحام وحدات “حرس الحدود” والوحدات الخاصة والمستعربين، ليس مستبعدا ان يتبعه مستقبلا ادخال الجيش بكل ما يعنيه ذلك. أسوق هذا الكلام من اجل رفع جهوزيتنا الكفاحية طويلة الامد والمقصود تعزيز بنية المجتمع ومؤسساته وخطابه السياسي، وهذا غير ممكن دون حوار شعبي ومؤسساتي تبادر اليه لجنة المتابعة مع كل القوى الفاعلة المنظمة وغير المنظمة، والحزبية والحراكية الشبابية والمهنية وكل الاوساط المعنية داخل شعبنا.
مقترح لخطوات ممكنة وضرورية:
- لائحة مطالب: اغلاق الملفات ولوائح الاتهام في الداخل، وكذلك اغلاق ملف الشيخ جراح بتراجع دولة الاحتلال عن مخطط التطهير العرقي.
- السعي لتشكيل هيئة تنسيق فلسطينية عامة تشمل م. ت. ف وفصائلها وتشمل الفصائل من خارجها اي حماس والجهاد، وتشمل لجنة المتابعة في الداخل بتمثيل واسع، وكذلك تضم اوساط مؤثرة اخرى من خارج الفصائل.
- هيئة سياسات في لجنة المتابعة – مجلس استشاري، لم يعد يكفي ما تفكر به الاحزاب كموقف يصاغ خلال دقائق، بحاجة الى وضع تصور متأنٍّ واسع الرؤية. وهذا يبقي مركزية مركبات المتابعة لكن يتيح بلورة مواقف وخطوات ابعد من الجوانب الفورية والمستعجلة للحال.
- تعزيز خطاب الاتهام للدولة وتحميلها المسؤولية عن عدوانها على القدس والداخل وغزة وعن الاعتداءات واعمال القتل والاعتقالات واتاحة المجال لاعمال اللينش الدموية ضد فلسطينيي الداخل، وهذا يتطلب ما هو ابعد من مجرد اصدار موقف بل تنظيم حملة اعلامية وعرائض وشكاوى محلية وعالمية تطالب الساسة الاسرائيليين بالاعتذار على تصريجاتهم العنصرية وبالذات نتنياهو، ووزيره للأمن الداخلي والشرطة امير اوحانا.
- حملة لاتهام الاعلام بالمسؤولية عن التحريض الدموي والفاشي، وفضحه عالميا ومطالبته بالاعتذار.
- الحماية الدولية تحويلها الى مشروع سياسي شعبي وعدم حصرها في المراسلات والاعلام فحسب.
- مواصلة تنظيم المحامين والمحاميات العرب سواء ما تقوم به عدالة ام تطوير هيئة التنسيق بينهم واعدادهم بالشكل الامثل لمواجهة الاعتقالات وادارة الملفات.
- تعزيز وتقوية هيئة الطواريء القطرية، والتي اكتسبت تجربة هامة في مرحلة الكورونا لتتجاوب مع متطلبات المرحلة الآنية ومستوى خطورة التحديات ذات الصلة.
- من اجل القيام بالكثير من المهام المذكورة اعود وأكرر مقترح الصديق رائف زريق حول الحاجة الماسة لإقامة منصة اعلامية اخبارية وتحليلية بمهنية عالية وجديرة (او منصات اعلامية) وباللغتين العبرية والانجليزية تنطق بقضايا الجماهير العربية في الداخل وتوصل خطابها وتعددية مواقفها واجتهاداتها.