ماذا لو فاز ترامب… هل تواجه أمريكا خطر الانفجار الداخلي؟
هذه أصعب انتخابات في تاريخ أمريكا الحديث، ليس من السهل الحسم المسبق لموضوع الفائز في الانتخابات. استطلاعات الرأي لغاية كتابة هذا المقال تشير إلى أن المرشحين للرئاسة، كامالا هاريس ودونالد ترامب، متساويان تماما كفرسي رهان. الحسم في مسألة الفائز ستكون صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء 5 نوفمبر. وقد يتأخر إصدار النتائج يوما أو بعض يوم، إذا تقاربت النتائج كثيرا، خاصة في الولايات المتأرحجة مثل ميتشيغان وبنسلفانيا وويسكنسون. والتأخير في إصدار النتائج قد يفسر من قبل أنصار ترامب بأنه تلاعب في النتائج. فلغاية اليوم يعتقد ترامب بأنه فاز في انتخابات الرئاسة السابقة في نوفمبر 2020.
لقد اتفقت الغالبية من المنظمات العربية والإسلامية بعدم التصويت لا لهاريس ولا لترامب. الأولى بسبب موقف إدارة بايدن من حرب الإبادة على غزة والضفة الغربية ولبنان، التي كانت شريكة كاملة الشراكة فيها، حيث قدمت السلاح والذخائر والاستخبارات والحماية العسكرية الشاملة ومظلة الإفلات من العقاب في المحافل الدولية، خاصة في مجلس الأمن باستخدام الفيتو أربع مرات، بالإضافة إلى مليارات الدولارات، أما المرشح الثاني فلا يستحق أن يصوت له أحد أصلا، بسبب سجله الخطير فيما يتعلق بفلسطين في دورته السابقة، وإلحاق الضرر الكبير والدمار بالقضية، سواء الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، أو بنقل السفارة إلى القدس المحتلة، ثم جر الأنظمة العربية للتطبيع. فسجله لا يبشر بخير وتصريحاته تثير مخاوف أكبر لدى الفلسطينيين والعرب، خاصة في تأييده لفكرة توسيع إسرائيل لأنها بلد صغير يستحق أن يضم مناطق أكبر. لقد توجه العديد من العرب والمسلمين وأنصار الحرية والعدالة للتصويت لصالح جيل ستاين اليهودية التقدمية، ليس لأنها ستفوز في الانتخابات، بل لأنهم يريدون أن يسجلوا موقفا مبدئيا من جهة، ومن جهة أخرى يوجهون رسالة لهاريس فقد تكون هذه الأصوات هي السبب في خسارتها، لتعرف أن هناك ثمنا لتأييدها لحرب الإبادة. هناك فئات عربية مسلمة لم تلتزم بقرار الأغلبية وأعلنوا تأييدهم لأحد المرشحين، وهذا من حقهم فهذه هي لعبة الديمقراطية.
إذا لم يفز ترامب نتوقع أن تبدأ على الفور حالة من الهيجان والفوضى لأنصاره، الذين وصفهم بايدن بأنهم «قمامة». قد ينظمون مسيرات وعصيانا مدنيا واعتداءات وخلق حالة من الفوضى، لا نعرف الآن كيف ستتم السيطرة عليها. إنهم يستعدون الآن. والتظاهرات الانتخابية هذه الأيام تشير بوضوح إلى هيجان فوضوي غير عادي. فإذا حصل الفشل، وبإشارة من ترامب، سينزلون إلى الشوارع. ولكن إذا فاز ترامب فالأمور لن تكون وردية، أو أن كل شيء سيسير على ما تتمناه غالبية الشعب الأمريكي.
– نعتقد أن الديمقراطية الأمريكية نفسها ستكون مهددة. فسيعمل أولا على استحواذ مزيد من الصلاحيات، التي سيستخدمها ضد خصومه ومن اتهموه بالفساد وأوصلوه لصالات المحاكم. إنه يعتبر كل تلك التهم والمحاكمات والإدانات مؤامرات لإبعاده عن السباق الرئاسي وتدمير شخصيته. لقد توعد باستخدام وزارة العدل لمعاقبة هؤلاء الذين عارضوه سياسيا، ووقفوا في وجهه وساهموا في إيصاله إلى المحاكم. سيجمع في يديه قوة مطلقة، ويحيط نفسه بثلة من المؤيدين الصغار، مبتعدا عن الأسماء المهمة والقوية كما فعل في الدورة السابقة، ما اضطره لأن يستخدم «الباب الدوار» في توظيف الشخصيات المهمة ثم طردها بعد مدة قصيرة. لقد وعد ترامب كذلك أن يستخدم الجيش في حالة حصول نوع من الفوضى. ترامب يرى، كما يرى أتباعه، أنه مطلق الصلاحيات ولا يستطيع أحد أن يحاسبه أو يتدخل في قراراته الفردية.
– نعتقد أن انتخابه سيشجع الحركات العنصرية والبيض المتعصبين، وينتشر أكثر حمل السلاح، وبالتالي تزيد نسبة الجرائم الكبرى والمذابح الجماعية، التي بلغت ذروتها في الدورة الأولى. ترامب يرفض تقنين اقتناء السلاح الفردي بما في ذلك السلاح الأوتوماتيكي الخطير، الذي يصنف عنده بأنه سلاح فردي.
التظاهرات الانتخابية تشير بوضوح إلى هيجان فوضوي غير عادي، فإذا حصل الفشل، وبإشارة من ترامب، سينزلون إلى الشوارع. ولكن إذا فاز ترامب فالأمور لن تكون وردية
– نعتقد أنه سيولي اهتماما أكبر لوقف الحرب في أوكرانيا، وليس الشرق الأوسط. فهو قادر على التواصل مع الرئيس الروسي بوتين، وقادر على التوصل معه إلى حل وسط يحفظ ماء الوجه للطرفين، بحيث تعاد الأراضي المحتلة إلى أوكرانيا ما عدا منطقة القرم مع العودة لاتفاقية منسك 2014. وقد تشمل الاتفاقيات الجديدة بعض التعديلات الحدودية بتوافق الطرفين.
– سيولي ترامب اهتماما أكبر في موضوع الصين ونموها الاقتصادي الضخم، بحيث أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التبوء على عرش الاقتصاد العالمي. وقد يتدخل لدى بعض الدول التي تقيم علاقات تجارية ضخمة مع الصين لتغيير مسارها. وقد يثير غضب الصين إذا ما قام بخطوة مستفزة تتعلق بتايوان.
– سيتابع ترامب مسيرة توسيع دائرة المطبعين العرب مع الكيان الصهيوني، وقد يتأخر الإعلان عن الدولة المطبعة الأولى التي لا نعتقد أنها ستتم إلا ما بعد وقف الحرب على غزة. هناك دول عربية وإسلامية بانتظار انقشاع غبار المعركة لتستأنف مسيرة التطبيع. وبما أن ترامب لا يكتم سرا ولا يأبه لإحراج رئيس أو ملك أو أمير، فقد يقوم بالإعلان عن الدول التي على وشك التطبيع، وتنتظر عودة ترامب بفارغ الصبر كي تتابع تفاصيل إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني.
– أما عن الشرق الأوسط فستكون إيران في قمة اهتماماته، وسيعمل على فرض مزيد من العقوبات عليها، ونعتقد أنه سيحاول تدمير التقارب الخليجي الإيراني، كما دمر الاتفاق النووي الإيراني في الدورة الأولى. لا نشك بأن قنوات التواصل ستظل مفتوحة للتوصل إلى شيء جديد يشمل النشاط النووي والصواريخ البالستية طويلة المدى والجماعات المؤيدة لإيران في المنطقة.
– بالنسبة لفلسطين قد يعمل على وقف إطلاق النار، وتبني أفكار نتنياهو حول غزة فيما يتعلق بإنهاء وجود حماس، وضم أجزاء من شمال غزة والإبقاء على وجود أمني إسرائيلي في القطاع، وإدخال مصر والإمارات العربية على خط إدارة غزة ما بعد الحرب. وسيدعم ترامب موقف إسرائيل من إنهاء وجود وكالة إغاثة وتشعيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والضغط على السلطة الفلسطينية أكثر لتصبح هامشية جدا. فمشروع نتنياهو المقبل هو ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية تشمل مناطق الأغوار وشرقي القدس ومناطق واسعة في الشمال. كوشنير قد يكون العراب الجديد لتمكين إسرائيل وإعادة تأهيلها وتوسيع أنشطتها الاستيطانية. وسيحاول ترامب إعادة النظر في مشروعه السابق في ما سمي بـ»صفقة القرن»، والعمل على إنهاء القضية الفلسطينية، أو هكذا يعتقد، بتمزيق أوصال ما تبقى من أراض فلسطينية، كي يضمن عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة.
– سيحاول ترامب وبسرعة وقف الحرب على الجبهة اللبنانية وتمكين إسرائيل، إذا استطاع، من الحصول على بعض المكتسبات، خاصة في موضوع انتشار قوات حزب الله بعيدا عن الحدود.
– كانت زيارته الأولى في الدورة السابقة إلى السعودية، وأعتقد أن زيارته الأولى هذه المرة ستكون لإسرائيل ثم إلى دول خليجية. ربما يقوم بزيارة استطلاعية لمدينة نيوم السعودية، التي يتم تشييدها الآن. وسيعمل مرة أخرى على تكوين ناتو عربي إسرائيلي لوقف ما يسمونه التهديد الإيراني.
– قضايا الهجرة ستكون من أولويات إدارة ترامب وسيعمل على إغلاق الحدود ووقف عمليات منح اللجوء ووقف المهاجرين من دول بعينها معظمها إسلامية وعربية مثل سوريا والسودان واليمن وأفغانستان والصومال وسوريا وغيرها.
هذه قراءات بين السطور وليس عرافة. لكن المؤكد أن نتائج هذه الانتخابات ستترك بصماتها العميقة على الولايات المتحدة أولا، ثم الشرق الأوسط ودول آسيا واوروبا الشرقية والعالم. وكم نتمنى لو أن عالمنا العربي يتمرد على دور المتلقي ويحاول أن يكون لاعبا حقيقيا في الساحة الدولية.
عن القدس العربي
تحية طيبة للأستاذ عبد الحميد صيام
لا شك انها قراءة مهمة لاعاد نجاح ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية،
لكن لاستكمال الفائدة من خبرتكم في الشأن الامريكي، كان من المفيد تضمين المقال او كتابة مقال ثاني عن قراءة في الموقف الامريكي الداخلي و الخارجي في حالة فوز كاميلا هاريس،
رغم معرفتنا المسابقة بمواصفات المعلنة كنائبة للرئيس في كثير من القضايا ، الا ان بعض الأصوات) التقدمية( داخل الحزب الديمقراطي تأكد أن سياسته و برنامجها القادم في حال انتخابها ستكون مختلفة عن أجندة و مواقف الصهيوني بايدن ، خاصة قضية الصراع في الشرق الاوسط و الحرب الاجرامية على غزة،
ما هو رأيكم ،