مادة ضروريّة: الفلسطينيون في إسرائيل ـ أخطر الظواهر منذ النكبة
يواجه العرب الفلسطينيون في إسرائيل ظاهرة هي أخطر ما ألمّ بهم منذ النكبة. نسمّيها خطأ “العنف” و”الجريمة المنظّمة” و”التقتيل”. لكنها في الحقيقة ما يحصل من سنوات أخطر بكثير. هو تفكيك وهتك المجتمع الذي أعادت النُخب بناؤه على نحو ما رغم النكبة ومفاعيلها لا سيّما الحكم العسكريّ الذي استمرّ حتى العام 1966 ويُراد إعادة فرضه بصيغة جديدة. وعلينا أن نرى إلى الجريمة المُنظّمة كآلية واحدة من آليات التفكيك العديدة التي تفعل فعلها بقوّة. أما ما سنطرحه فهو اجتهاد وقراءة شمولية موجزة لما نراه آليات تفكيك لا تشتغل بذاتها وإنما بفعل فاعل وموجّه. قد نعيها وقد لا نعيها لكنها فاعلة.
ـ أوّل آليات التفكيك هي السياسة التي اعتمدتها المؤسسة الإسرائيلية ونجحت في فصل الدروز عن مجتمعهم وتحويلهم عن انتمائهم العربيّ. لكن الخطر ان تزجّ بهم المؤسّسة كقوّة ضاربة لمجتمعهم من الحر إلى النهر ـ فرض التجنيد عليهم وتزييف وعيهم من خلال جهاز التعليم والإعلام ووسائل أخرى.
ـ ثاني الآليات هي اعتماد سياسات منهجية من التمييز والإقصاء والحرمان من الموارد العامة ومن تلك التاريخية وفي أساسها الأرض.
ـ سياسات تخطيط وحصار الوجود العربيّ في بُقع ضيّقة ـ 20% من السكان على 2.8% من الأرض وقطع النهضة بمنع نشوء مدينة أو سيرورات تمدين متكاملة الأمر الذي أفضى إلى نهضة مُعاقة وتطوّر مبتور. تحويل البلدات العربية إلى مواقع تفجّر سكانيّ فيها كثير من الناس يتنافسون على القليل والمتضائل من الموارد والفُرص.
ـ سياسات التجهيل الهويتيّ المقصودة عبر جهاز تعليم مُنتج للشهادات فاقد للهوية والعنفوان والمعنى في أغلبه.
ـ تحوّل قوة في المجتمع بإرادة واعية أو غير واعية إلى وكلاء المؤسّسة يصطفّون معها ضد مجتمعهم في كل المنعطفات أو في جزء منها.
ـ تحوّل الحركة الإسلامية في الموحّدة إلى قوة ضاربة معنوية لمجتمعها من خلال اصطفافها مع المؤسّسة بدعوة تحصيل ميزانيات لا يُمكنها أن تحلّ التناقض الوجوديّ بين مؤسّسة استعمارية وشعب أصلاني ولا يُمكنها أن تعوّض الناس عن القهر والاضطهاد ونزع الشرعيّة اليومي. كأنها انتقلت لـ”بناء” مجتمع على أسس وضعتها المؤسّسة لها ولنا!
ـ استعمال المؤسّسة لعائلات الجريمة لتفتيت المجتمع من داخله عبر إشاعة الفوضى والخوف والإرهاب لدفع الناس إلى أحضان المؤسّسة باعتبارها المنقذ!
ـ سياسات أمنية وشُرطيّة قمعية مدعومة بإعلام عنصريّ مُجنّد بشكل شبه كامل لرواية المؤسسة وما تصنعه من قهر يوميّ من النقب إلى الجليل إلى المدن المختلطة.
في مثل هذه السيرورات كنتُ أتوقّع من القيادات أن تنظر خارج حدود الكنيست والتمثيل البرلماني الذي صار بمثابة “جيتو” ندور فيه كما دار أهل الجيتو في حدوده ينتظرون الله أن يرقّ قلبه أو يُرسل لنا الملائكة بيض البشرة أو صواريخ حزب الله أو حماس!
أتوقّع من النُخب أن تقف أمام الواقع وتتصرّف بمقتضى ما يفرضه من تحديات وليس بمقتضى فوانين اللعبة في البرلمان أو في هامش المعقول في نظر المؤسّسة.