لوحة قتل الفلسطيني
يعتبرها الأوروبيين من أرقى اللوحات، فالرواية التوراتية إنتقلت لهم فكانت مرجعهم في بحثهم بأرضنا وكتابتهم لتاريخنا
لفتتني هذه اللوحة التي رسمها الرسام البلجيكي لامبرت لومبارد في عام 1530م، فنظرت لها بمنظور سلبي نتيجة ما تحتويه من مضمون بشع يشير للغدر والقتل.
وكان ذلك قبل أن أعرف مضمونها وعندما عرفت أدركت أن قتل الفلسطينيين واضطهادهم وطمس هويتهم جزء أساسي من الثقافة الأوروبية وذلك نتيجة لتسرب الروايات التوراتية الكاذبة لعقولهم لتصبح من أهم عناصر إرثهم الثقافي.
وأما قصة هذه اللوحة فتشير لقائد جيش مدينة حاصور الكنعانية القائد سيسرا الفلسطيني حينما طلبت منه ياعيل العبرانية أن تستقبله، وحينما أتى لها أعطته الحليب فشربه ثم نام، فقامت ياعيل بقتله بضربه بوتد خيمة على رأسه باستعمال المطرقة.
وأما أصدائها فذكر الكاتب هوارد إي سميثر بأن هذه اللوحة يُنظر لها عالميا على أنها واحدة من أرقى الأعمال، وكذلك وردت في الأعمال الفنية الكلاسيكية فنجدها في أعمال بيترو غوليلمي وسيمون ماير وفي أعمال الروائي جيفري هاوسهولد، وحتى في المسرحية الإذاعية (Butter in a Lordly Dish) للروائية أجاثا كريستي حيث جعلت البطلة تضع منوم للمحامي في القهوة وبعد أن نام قامت بدق الوتد على رأسه، ووردت أيضا في الكثير من الأعمال الأخرى.
وأمام هذا النموذج الواضح نستطيع فهم أن الدور الأوروبي في قتل الفلسطينيين واضطهادهم هو دور المشارك والمشجع لأن هذا الأمر هو جزء من تراثهم الثقافي، وهذا ما يفسر دعمهم لتشريد الشعب الفلسطيني وقتله وإقامة دولة يهودية على أراضه، وهذا ما يفسر تواطئهم على ما يحصل في الأرض المقدسة لعشرات السنين حتى أصبحنا نرى الإعتداءات على المسجد الأقصى.
وأيضا نفهم عقلية علماء الآثار الأوروبيين الذين أتوا لبلادنا وبحثوا في أرضنا وكتبوا تاريخنا، حيث أن عقولهم كانت لا تعرف عن تاريخ بلادنا القديم إلا ما وصل لهم من روايات توراتية خاطئة فكانت هذه الروايات هي الأساس والمرجع الذي يسعون بقصد أو بدون قصد لإثباته، فحينما كتبوا تاريخنا ورسموا الخرائط كانت برؤية وهيكلية توراتية واضحة، وللأسف إنتقلت هذه الكوارث المعلوماتية التاريخية إلى كتبنا ومناهجنا فأصبحت أمرا مسلما.
وفي نفس الوقت من الواجب الاعتراف بوجود جيل من العلماء المنصفين الذين إعتبروا حجارة الأرض مرجعا ومصدرا للمعلومات فكانت النتيجة تكذيب الرواية التوراتية، فالعالم إسرائيل فنكلستاين نفى ما قيل عن الغزو التوراتي لفلسطين، والعالم هنري برستيد وصف فلسطين أنذاك بالبلد ذات المدن المزدهرة المطوقة بالأسوار الضخمة التي تهزأ بالعبرانيين في حال وجودهم.
ومع ذلك واجب علينا أن نبحث في أرضنا وتاريخنا بأنفسنا، وأن يتم تنقية كتبنا ومناهجنا من الروايات التوراتية، فمن المؤسف أن نجد كتبنا تتبنى الرواية المعادية، ومن الواجب أيضا أن يتم إصدار كتب ودراسات تعتمد من ما يتم إيجاده من مكتشفات أثرية، وأن يتم إعادة قراءة ما اكتشف سابقا، فكل الشعوب هي من تتولى كتابة تاريخها وهذا ما افتقدناه للأسف.
**** المصادر:
1) إسرائيل فنكلستاين، التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها
2) Howard E. Smither ، A History of the Oratorio: Volume
3) Judy Siegel-Itzkovich, Long time archaeological riddle solved, Canaanite general was based in Wadi Ara